تبحث الولايات المتحدة مسألة إرسال مركبة القتال المدرعة برادلي الحاملة للجنود لأوكرانيا، كبديل لطلب كييف الحصول على دبابات أبرامز، فهل تستطيع مركبات برادلي القتالية الأمريكية تغيير المعركة في أوكرانيا؟ وهل يمكنها أن تتصدى لأسطول الدبابات الروسية الخضم وتشجع كييف على مهاجمة الجيش الروسي؟
ذكرت وكالة Bloomberg الأمريكية أن إدارة بايدن تدرس إرسال مركبات برادلي القتالية إلى أوكرانيا كجزء من حزمة أخرى من الدعم العسكري، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وقال الأشخاص، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة القضية الحساسة، إن موعد إرسال المركبات وتشغيلها غير واضح. ونقلت الوكالة عن أحد الأشخاص المعنيين بالمسألة أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض، تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة على اتصال دائم مع أوكرانيا بشأن القدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها ولكن ليس لديها ما تعلنه أو تستعرضه، حسب الوكالة الأمريكية.
وطلبت كييف من رعاتها الغربيين الحصول على دبابات منها دبابات أبرامز الأمريكية الشهيرة، وصواريخ بعيدة المدى وأنظمة درع وأنظمة دفاع جوي.
وحذر المسؤولون الأوكرانيون من أن روسيا قد تستعد لهجوم جديد في الربيع. وبالمثل، قد يسمح الطقس الأكثر دفئاً لقوات كييف بالضغط مرة أخرى، بعد أن طردت القوات الروسية من بعض المناطق التي احتلتها في الأيام الأولى من الحرب مثل خاركيف وخيرسون.
ومع ذلك، كان بعض حلفاء أوكرانيا الغربيين مترددين في إرسال جميع الأسلحة الأكثر تقدماً إلى كييف التي كانت تطلبها، خوفاً من أن يدفع ذلك موسكو إلى المزيد من التصعيد، أو ربما جذب حلف الناتو إلى الصراع بشكل مباشر.
ولكن الولايات المتحدة اتخذت خطوة تصعيدية مؤخراً، بإعلانها عن خطط لإرسال بطارية صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا. لكن المصادر الأمريكية تقول إنه من غير المحتمل أن يكون نظام باتريوت جاهزاً للاستخدام قبل الربيع، نظراً للوقت الذي يستغرقه تدريب القوات الأوكرانية عليه.
ما هي مركبات برادلي القتالية وما الفرق بينها وبين الدبابات؟
مركبة القتال برادلي (BFV) هي عبارة عن مركبة قتالية مدرعة مجنزرة أمريكية سميت على اسم الجنرال الأمريكي عمر برادلي الذي له دور بارز خلال الحرب العالمية الثانية.
وتم تصميم برادلي لنقل المشاة مع توفير حماية مدرعة لهم، وتزويدها بالنيران لقمع قوات العدو، تحمل نسخة M2 منها طاقماً من ثلاثة (قائد، مدفعي، وسائق) إلى جانب ستة جنود مجهزين بالكامل. وتقوم نسخة M3 بشكل أساسي بمهام استكشافية وتحمل اثنين من جنود الاستطلاع، بالإضافة إلى الطاقم العادي المكون من ثلاثة أفراد، مع مساحة لصواريخ BGM-71 TOW إضافية المضادة للدبابات.
لدى إبرامز هيكل مدرع من الألمنيوم الملحوم، مع قوس أمامي به هيكل من الألمنيوم الرقائقي المتباعد والصلب المدرع. كما أن لديها كتل دروع تفاعلية متفجرة ونظام حماية NBC (نووي، بيولوجي، وكيميائي).
مركبة برادلي القتالية، التي تصنعها شركة بي إيه إي سيستمز يصل مداها إلى 300 ميل تقريباً، ومجهزة بقوة نيران متوسطة وطويلة المدى، المركبة قادرة على تدمير أي مركبة أخرى في ساحة المعركة، بما في ذلك الدبابات، حسبما ورد في تقرير لموقع the Hill الأمريكي.
الفرق بينها وبين الدبابة أن إحدى مهامها الأساسية حمل جنود المشاة، علماً بأن تدريعها أخف من دبابات أبرامز التابعة للجيش الأمريكي ومن معظم الدبابات الحديثة، حيث يمثل وزن برادلي نصف وزن أبرامز، كما أن مدفعها رغم قوته أقل في المدى والعيار كثيراً من الدبابات.
مؤثرة في القتال ولكنها غير مستفزة للروس
وعلى الرغم من أنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن أي شيء، فإن مركبات المشاة القتالية M2 / M3 Bradley التي يبلغ عمرها أربعين عاماً قد تمثل منحة أمريكية لأوكرانيا غير مستفزة كثيراً لروسيا، ولكنها في الوقت ذاته متوفرة بأعداد كبيرة، وقابلة للتشغيل من قبل القوات الأوكرانية، وهي قوية بما يكفي لاكتساح الدروع الخشنة الروسية في الميدان، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
فمركبات برادلي الصغيرة هي بالضبط نوع الأدوات "غير الهجومية" وغير التصعيدية التي يبحث عنها حلف الناتو للمساعدة في تلبية حاجة أوكرانيا إلى الدروع الحديثة، بصفتها ناقلة جنود برمائية، وفقاً للمجلة الأمريكية.
ولكن هل تستطيع برادلي الصمود أمام أسطول الدبابات الروسية العملاق، حيث تعد روسيا أكبر دولة في العالم من حيث عدد الدبابات التي بحوزة جيشها، والتي كان يبلغ عددها قبل حرب أوكرانيا نحو 12950 دبابة من بين حوالي 73000 دبابة لدى كل دول العالم (أي نحو 17 %)، مقارنة بـ6333 دبابة لدى أمريكا، و5800 لدى الصين، بحسب ما نقل تقرير لمجلة Forbes الأمريكية عن نيكولاس دروموند، المستشار العسكري والمعلق البريطاني.
هل تستطيع مواجهة أسطول روسيا الضخم من الدبابات؟
قد يؤدي تقديم برادلي لأوكرانيا دوراً دفاعياً، وإن كان قوياً لأنها لا تعتبر سلاحاً للهجوم، في الوقت ذاته يقول الخبراء الغربيون إنها قادرة على تدمير أي مركبة روسية تقريباً في ساحة المعركة.
وقال مارك كانسيان، محلل ميزانية الدفاع السابق بالبيت الأبيض والذي يعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "ستوفر المركبات برادلي زيادة كبيرة في القدرة القتالية البرية لأنها، في الواقع، دبابة خفيفة".
وعلى عكس مركبات M113 الأمريكية المقدمة سابقاً لكييف، فإن مركبات برادلي القتالية مدججة بالسلاح، حيث إن لديها مدفعاً قوياً عيار 25 ملم وصواريخ تاو المضادة للدبابات.
ولدى الجيش الأمريكي ما يقرب من 4500 من متغيري M2 وM3، بالإضافة إلى حوالي 2000 وحدة مخزنة.
ورغم أن بعضها قديم ويحتاج إلى ترقيات، لذا فإن المخزونات ليست مشكلة.
وأضاف كانسيان أن الأمر سيستغرق شهوراً قبل أن يمكن إرسالها آليات برادلي لأوكرانيا لأن أطقم العمل والمشرفين سيحتاجون إلى التدريب على هذه المركبات.
بالإضافة إلى العمل كوسيلة نقل مدرعة خفيفة للجنود، يقول موقع للجيش الأمريكي إن قدرات برادلي تشمل "الاستطلاع، وإطلاق النار، والمناورة، واشتباكات الصياد القاتل".
ومركبات برادلي ستكون أكثر من مجرد سلاح مساوٍ لمركبات المشاة القتالية التابعة للجيش الروسي ودباباته من طراز T-72، حسبما يقول ديفيد بيركنز، وهو جنرال متقاعد، كان قائداً للواء دبابات حارب في وسط بغداد أثناء الغزو الأمريكي للعراق، ثم ترأس لاحقاً قيادة التدريب والعقيدة بالجيش الأمريكي، بناء على تجربته الميدانية.
إليك نتيجة المواجهة بين الجانبين في حروب العراق
مركبة برادلي القتالية قاتلت إلى جانب الدبابات أبرامز خلال عاصفة الصحراء 1992 والغزو الأمريكي للعراق عام 2003، الذي تم دون موافقة مجلس الأمن، وسجلت عدة عمليات قتل ضد دبابات تي-72 السوفييتية التصميم، حسب تقرير لموقع Eurasian Times الهندي.
خلال حرب الخليج عام 1992، بين الجيشين الأمريكي والعراقي، تعرضت الدبابات العراقية السوفييتية الصنع والتي كان أحدثها تي 72 لما يشبه المذبحة على يد الجيش الأمريكي بواسطة طائرات إيه 10 والمروحيات الأباتشي ودبابات إم 1 إبرامز وشاركت مركبات برادلي بنصيب فيها.
فلقد اشتبكت دبابات أسد بابل وهي نسخة عراقية مجمعة من الدبابة السوفييتية T-72 مع قوات التحالف في حربي العراق. وقعت معركة 73 للشرق خلال عاصفة رملية في الصحراء العراقية. واجهت دبابات أبرامز M1A1 ومركبات برادلي القتالية Bradley Fighting Vehicles الأمريكية قوات الحرس الجمهوري العراقي التي تمثل نخبة الجيش العراقي والتي كانت مزودة بدبابات T-72M ومركبات BMPs السوفييتية وألحقت 37 خسارة بالقوات العراقية المدرعة، بينما خسرت البرادلي مركبة واحدة بنيران العدو، علماً بأنه يعتقد أن القذائف التي استخدمتها الدبابات العراقية كانت قديمة.
وكان العدد الإجمالي لدبابات T-72 التي فقدت خلال عملية عاصفة الصحراء حوالي 150.
وينظر للدبابات الروسية والسوفييتية أنها أقل كفاءة من نظيراتها الغربية، لأنها أقل وزناً حيث إن العقيدة العسكرية السوفييتية كانت تعتمد على إنتاج أعداد كبيرة من الدبابات الخفيفة، لاكتساح دبابات الناتو الأثقل والأشد تدريعاً ولكن الأقل عدداً، اعتماداً على أن الكثرة سوف تغلب التدريع.
كما يقول الخبراء الغربيون إن الدبابات الروسية تعاني من عيب تاريخي في التصميم هو تخزين الذخائر في برج الدباب، مما قد يطيح به إذا تعرض لهجوم مباشرة، مما يؤدي عادة لمقتل أطقم هذه الدبابات.
والدبابة تي 72 هي الدبابة الروسية الرئيسية المستخدمة في الحرب الأوكرانية يعتقد أنها تعاني من العيوب السابقة، بينما عدد الدبابات تي 90 الأحدث التي تكون أفضل في التصميم قليل، فيما لم تدخل الدبابة الروسية الشهيرة تي 14 أرماتا للخدمة بعد والتي تقول موسكو إنها من أفضل دبابات العالم.
ويقول المسؤولون والخبراء الغربيون إن روسيا تعرضت لخسارة كبيرة في الدبابات، والسبب الأساسي هو أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات التي تمتلكها أوكرانيا أو تلك التي حصلت عليها من الغرب بأعداد كبيرة مثل الصاروخ الأمريكي جافلين.
لماذا يبدو أن المرحلة القادمة من الحرب تحتاج إلى مركبات برادلي القتالية؟
وقال مايكل ألين، الذي شغل مناصب في سياسة الأمن القومي خلال رئاسة جورج دبليو بوش، إن تزويد أوكرانيا بمركبات القتال سيكون "مهماً لأن معظم الخبراء يتوقعون أن تكون الحرب أشبه بخيرسون منها في خاركيف، وهذا يعني المزيد من طحن وتزايد اختراق خط ضعيف واستعادة مئات الأميال المربعة ".
فهي سريعة وقادرة على المناورة وذات مدى أطول من معظم دبابات القتال الرئيسية، وهي مثالية لعمليات الهروب المدرعة التي استخدمتها أوكرانيا لاستعادة أراضيها، حسب تقرير مجلة Forbes.
ويقول مايكل ألين إنها تناسب أهداف أمريكا السياسية لمنح الأوكرانيين أسلحة للإسراع بنهاية الحرب، ويضيف: "أوكرانيا بحاجة ماسة إلى الدروع بشكل عام".
لماذا قد تكون خياراً مفضلاً لأمريكا عن الدبابات؟
في سبتمبر/أيلول 2022، قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير خلال مؤتمر صحفي روتيني إن خيار تزويد أوكرانيا بالدبابات الأمريكية "مطروح تماماً".
وأثارت تصريحات المسؤول الدفاعي الأمريكي تكهنات بأن دبابات إم 1 أبرامز الأمريكية الصنع قد تصل إلى ساحة المعركة الأوكرانية. ومع ذلك، يمكن أن تشكل دبابات أبرامز الأمريكية الصنع تحدياً للجيش الأوكراني، من حيث الصيانة والخدمات اللوجستية، حيث يتم تشغيلها بواسطة محركات توربينات غازية معقدة تستهلك الكثير من الوقود، حسب حسب تقرير موقع Eurasian Times.
ومع ذلك، يبدو أن الحكومة الأمريكية تفكر في تزويد أوكرانيا برفيق أبرامز الشهير في الحرب بجانب، مركبة برادلي القتالية (BFV)، التي قاتلت إلى جانب أبرامز خلال عاصفة الصحراء وعملية تحرير العراق.
تم اختبار مزايا وعيوب برادلي في الميدان مرتين، وهي الآن مفهومة جيداً للجيش الأمريكي.
في عام 1992، أصدر مكتب المساءلة الحكومية الأمريكي تقريراً عن فائدة مركبات برادلي القتالية خلال عاصفة الصحراء، حيث أفاد بأن ما يقرب من 90% من أسطول مركبات برادلي القتالية يمكن أن يتحرك ويطلق النار بشكل متواصل على مدار المعركة.
من الناحية اللوجستية، تعد برادلي مناسبة بشكل أفضل لأوكرانيا من أي دبابة قتال رئيسية كبيرة تابعة لحلف شمال الأطلسي تقريباً.
ومن بين المميزات أنه يمكن لطائرات النقل الأمريكية العملاقة C-17، نقل مركبات برادلي بسرعة إلى حدود أوكرانيا.
كما يمكن أن تصبح جاهزة للقتال بشكل سريع، ففي حرب الخليج عام 1992، أفادت أطقم برادلي أنه كان بإمكانهم إكمال عمليات نشر مركباتهم لمسافة تصل إلى 120 ميلاً.
والمهام التي تمت وصلت مدتها إلى 82 ساعة اعتماداً على خزان واحد من الوقود، في المقابل، احتاجت دبابات أبرامز للتزود بالوقود كل بضع ساعات.
وصف ديلارد جونسون، في مذكراته عن قيادة برادلي كارنيفور: مذكرات كشاف الفرسان في الحرب، كيف يمكن للدبابة الصغيرة القوية أن تصمد أمام الضربات القريبة من مدفعية الحقبة السوفييتية وتستمر في القتال، حسبما نقلت عنه مجلة Forbes.
كما سلط الضوء على سهولة حركتها مقارنة بدبابة القتال الرئيسية الأمريكية أبرامز، موضحاً أنه، خلال الغزو الأمريكي الثاني للعراق أجبر عرض ووزن دبابات أبرامز على بقائها إلى حد كبير فقط على الطرق الرئيسية الممهدة، بينما كانت مركبات برادلي القتالية أكثر قدرة على التعامل مع العمليات على الطرق الوعرة.
ولكنها ليست منيعة، إليك نقطة ضعفها
من المعروف أن قتل برادلي صعب، خلال عاصفة الصحراء عام 1991، فقدت ثلاث مركبات من طراز BFV بنيران العدو.
ولكن أثناء غزو العراق عام 2003، وكانت هناك خسائر متزايدة تصل إلى حوالي 150 برادلي بسبب تعرضها للمتفجرات المرتجلة وهجمات القنابل الصاروخية، كانت الخسائر طفيفة، وتمكنت الأطقم من الفرار.
بدأت جهود الجيش الأمريكي لاستبدال برادلي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ولكن لم يتم وضع أي برنامج جاد ليكون البديل المناسب سواء بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي أو المخاوف من تزايد وزن البدائل أو تضخم التمويل.
في عام 2020، وعد البنتاغون بإيجاد بديل لمركبات برادلي بطريقة مسؤولة خاصة فيما يتعلق بالتمويل.