اقتصاديون يتوقعون ركوداً عالمياً يضرب أسواق المال.. اتهموا “الفيدرالي الاحتياطي” بالمسؤولية بسبب رفعه للفائدة

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/03 الساعة 16:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/03 الساعة 16:45 بتوقيت غرينتش
يهدد التضخم الأمريكي وأزمة الطاقة في أوروبا التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية، وتفشي أوميكرون في الصين الاقتصاد العالمي، بدخول نفق ركود مظلم، تعبيرية/ رويترز

قالت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية في تقرير نشرته، الإثنين 2 يناير/كانون الثاني 2023، إن المصارف الكبرى تتوقع اقتراب مرحلة الانكماش الاقتصادي بسرعة كبيرة. إذ يراهن أكثر من ثلثي الاقتصاديين في 23 من كبرى المؤسسات المالية، التي تتعامل مع الاحتياطي الفيدرالي مباشرةً، على أن الولايات المتحدة ستدخل فترة ركودٍ في 2023. بينما توقع الاقتصاديون في مصرفين آخرين حدوث الركود في 2024.

حيث تشتهر تلك الشركات بكونها من التجار الأساسيين في المجال، وهي عبارة عن مجموعة من شركات التجارة والمصارف الاستثمارية التي تضم أسماء مثل Barclays، وBank of America، وTD Securities، وUBS Group. واستشهدت تلك المؤسسات المالية بعددٍ من علامات الخطر الحمراء ومنها: إنفاق الأمريكيين من مدخرات فترة الجائحة، وهبوط سوق الإسكان، وتشديد المصارف لمعايير الإقراض.

انكماش في الناتج المحلي

في حين كتب الاقتصاديون من مصرف BNP Paribas في توقعات المصرف لعام 2023: "نتوقع انكماشاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال عام 2023، وذلك بسبب حالات الركود في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو". وجاءت توقعات المصرف بعنوان: "الاتجاه إلى الركود".

ما تأثير الركود الاقتصادي على العالم/ shutterstock

قال الاقتصاديون إن المسؤول الأول هنا هو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يواصل رفع معدلات الفائدة منذ أشهر في محاولةٍ لإبطاء الاقتصاد وتحجيم التضخم. وربما هدأت وتيرة التضخم مؤخراً، لكنها لا تزال أعلى بكثير من هدف الاحتياطي الفيدرالي المرغوب.

في سياق موازٍ، توقع غالبية الاقتصاديين المشاركين في الاستطلاع، الذي أجرته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، أن معدلات الفائدة المرتفعة سترفع معدلات البطالة من 3.7% في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى أكثر من 5%. وتظل تلك النسبة أقل من المعايير التاريخية، لكن الزيادة ستعني فقدان ملايين الأمريكيين لوظائفهم. كما توقع غالبيتهم أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي في 2023.

ربما تماسك الاقتصاد بدرجةٍ جيدة نسبياً أثناء زيادة معدلات الفائدة في عام 2022، وظلت طلبات إعانة البطالة منخفضةً على سبيل المثال، لكن الاقتصاديين قالوا إن الآثار المخففة لرفع معدلات الفائدة ستتجلى بوضوح أكبر في 2023. ولا تزال معدلات الفائدة الأمريكية أقل بكثير من معدلاتها التاريخية، لكنها تظل الأعلى منذ عام 2008 قبيل الأزمة المالية العالمية.

تقييد البنوك لمعايير الإقراض

في حين أشار الاقتصاديون ومديرو الأصول إلى عددٍ من المؤشرات التي من المعتاد أن تُنذر بحدوث الركود، ومنها: تقييد المصارف لمعايير الإقراض، وضعف الطلب ليبلغ معدلات قريبة من تلك المرتبطة بالركود عادةً. بينما انخفضت مجموعة المؤشرات الاقتصادية القيادية التي تجمعها منظمة The Conference Board البحثية على مدار تسعة أشهر متتالية، لتبلغ المعدلات التي تسبق فترات الركود في المعتاد تاريخياً. كما انخفضت المقاييس التي تتابع النشاط التجاري الإجمالي وقطاعات الصناعة والخدمات إلى أدنى مستوياتها، وذلك منذ الركود الذي أحدثه كوفيد في 2020.

أمريكا التضخم
يهدد التضخم الأمريكي وأزمة الطاقة في أوروبا التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية، وتفشي أوميكرون في الصين الاقتصاد العالمي، بدخول نفق ركود مظلم، تعبيرية/ رويترز

علاوةً على أن سندات الخزانة الأمريكية بتواريخ استحقاق تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين أصبح عائدها أعلى من سندات الـ10 والـ20 والـ30 عاماً. ويُعَدُّ منحنى العائد المقلوب هذا من علامات الإنذار التي تحدث قبل كل فترة ركود أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.

على صعيدٍ آخر، تراجعت المدخرات الفائضة التي راكمها الشعب الأمريكي أثناء الجائحة من قمتها عند 2.3 تريليون دولار، لتبلغ 1.2 تريليون دولار الآن، وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي. ويتوقع محللو Deutsche Bank استنفاد تلك المدخرات بالكامل في أكتوبر/تشرين الأول.

تنبؤات بتعافي الاقتصاد الأمريكي أوائل 2024

قال غالبية الاقتصاديين الذين توقعوا انكماش الاقتصاد الأمريكي إنه سيكون انكماشاً "سطحياً" أو "معتدلاً". إذ تنبأوا بتعافي الاقتصاد وأسواق الأسهم الأمريكية في أواخر عام 2023، وأرجعوا الفضل في ذلك إلى اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. كما توقعوا أن تقدم السندات عائدات قوية في 2023، بينما ستُنهي الأسهم العام نفسه بارتفاعٍ طفيف.

في الوقت نفسه، تنبأت غالبية التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع معدلات الفائدة في الربع الأول، ثم يتوقف في الربح الثاني، قبل أن يبدأ في خفضها خلال الربع الثالث أو الرابع.

حيث توقعوا أن عكس الاحتياطي الفيدرالي لمساره سيزيد من تقلب سوق الأسهم، لكنه سيدر عائدات متوسطة بشكلٍ عام. وأشار متوسط التوقعات المستهدفة إلى ارتفاع مؤشر إس وبي 500 بنحو 5% في أواخر 2023، مقارنةً بالمعدلات الحالية. في ما قالت بعض التوقعات إن المؤشر سينخفض إلى أقل من مستوياته الحالية في أواخر 2023، ومن بينها توقعات Barclays وSociété Générale.

بينما قالت خمس مؤسسات مالية من أصل 23 إنها تتوقع إفلات الولايات المتحدة من الركود في عامي 2023 و2024. وضمت هذه القائمة كلاً من Credit Suisse Group، وGoldman Sachs Group، وHSBC Holdings، وJPMorgan Chase، وMorgan Stanley.

قياس خطر الركود

من جانبه، كتب جيريمي شوارتز، الاقتصادي الأمريكي الأقدم في Credit Suisse، ضمن توقعات المصرف الاقتصادية لعام 2023: "تبعث العديد من المؤشرات التاريخية الرئيسية الموثوقة بإشارات ركودية، لكننا نرى أن تلك المقاييس لا يمكنها قياس خطر الركود بالشكل الصحيح في ظل البيئة الحالية".

مع ذلك، سنجد أن الاقتصاديين المتفائلين نسبياً يتوقعون نمو الاقتصاد الأمريكي بوتيرةٍ أبطأ بكثير مما كان عليه الحال في الـ20 عاماً الماضية.

حيث توقعوا أن يتباطأ النمو في 2023 إلى نحو 0.5% في المتوسط. بينما كان الاقتصاد ينمو بـ2.1% في المتوسط بين عامي 2012 و2021. وكان مصرف Goldman صاحب أكثر التوقعات تفاؤلاً لعام 2023، حيث تنبأ بنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 1%.

تحميل المزيد