بداية من المركبة الفضائية التي اصطدمت بكويكب صغير وصولاً إلى المروحية التي كانت تحاول الإمساك بصاروخ بعود نحو الأرض بعد رحلة طويلة، كانت سنة 2022 مليئة بلحظات سريالية في الفضاء تبدو لو أنها مأخوذة من فيلم للخيال العلمي.
كانت هناك لحظات في عام 2022 لا تنسى من بينها المليارديرات الذين يخططون لاستكشاف الكون، والعلماء الذين يحاولون العثور على إجابات للتساؤلات المعقدة، ليجدوا أنهم اكتشفوا فحسب ألغازاً أعمق.
ففي هذه السنة نجح باحثون في زراعة نباتات في تربة القمر بالإضافة إلى نجاح مهندسين في اختبار درع واقية من الحرارة قابلة للنفخ، تسمح للبشر بالهبوط على سطح المريخ، كما أثبت العلماء أن نيزكاً بين نجمين نادراً اصطدم بالأرض قبل حوالي عقد زمني.
في هذا المقال سنلقي نظرة على أبرز 10 لحظات تتعلق بالسفر في الفضاء واكتشافاته.
اصطدام عن عمد بين مركبة فضائية وكويكب
حسب "الجزيرة" نجحت مركبة فضائية في الاصطدام عمداً بكويكب بهدف تغيير مساره، في سابقة تعد الأولى في تاريخ البشرية، كان المشهد أشبه بلقطة من فيلم Armageddon الذي أُنتج عام 1998.
هدفت العملية إلى اختبار مدى فاعلية تقنية دفاعية تهدف إلى حماية كوكب الأرض والبشرية من أي تهديدات في المستقبل، بلغت سرعة المركبة التي أطلقتها ناسا قبل 10 أشهر نحو 21 ألفاً و600 كيلومتر في الساعة، على بعد 11 مليون كيلومتر تقريباً من الأرض.
وقالت مديرة علوم الكواكب في وكالة "ناسا" لوري غليز: "نحن على وشك الدخول في حقبة جديدة تكون لدينا فيها القدرة المحتملة على أن نحمي أنفسنا من اصطدام كويكبات خطرة" بالأرض.
استغرق الأمر بين بضعة أيام وبضعة أسابيع لمعرفة إذا كان مسار الكويكب الصغير قد تغيّر فعلاً بسبب الاصطدام.
نبضات في الفضاء من أبرز لحظات في عام 2022
لفتت تدفقات راديوية في الفضاء علماء الفلك منذ اكتشافها سنة 2007، هذا التدفق في الفضاء يشبه نمط نبضات القلب وهو الشيء الذي رفع الرهان هذا العام.
التدفقات الراديوية السريعة تكون كثيفة وتستمر فيها دفقات الموجات الراديوية السريعة لجزء من الثانية ويكون منشؤها غير معروف، مما يثير التكهنات بأن سببها ليس كونياً، بل أقرب إلى كائن فضائي.
كما تشير تقديرات علماء الفلك إلى أن "إشارة نبضات القلب" تأتي من مجرة تبعد حوالي مليار سنة ضوئية، لكن موقع وسبب التدفق غير معروف.
فضلاً عن أن علماء الفلك اكتشفوا أيضاً ليزر موجات راديوية، يعرف بـ "الميغامازر"، وأيضاً جرماً سماوياً يتحرك في مدار ويبعث تدفقات عملاقة من الطاقة، ولا يشبه أي شيء آخر شوهد من قبل.
غموض حول حلقات في الفضاء
حسب "BBC" لاحظ تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا حلقات متحدة المركز بشكل غريب حول نجم بعيد لا يمكنهم تفسيره بالكامل حيث أطلق أحد العلماء على الصورة اسم "بونكرز".
WR140 هو نجم موجود في كوكبة Cygnus ويقيم على بعد حوالي 5600 سنة ضوئية من الأرض، محاط بحلقات منحنية لكنها غريبة الشكل تشبه الصندوق.
ذكر مارك ماكوغرين، كبير مستشاري العلوم والاكتشاف في وكالة الفضاء الأوروبية وعضو مجموعة عمل جيمس ويب لعلوم تلسكوب الفضاء: "حسناً، هذا جنوني".
أشار ماكوغرين إلى أن WR140 هو ما يسمى بنجم Wolf-Rayet، والذي يقذف الكثير من الهيدروجين في الفضاء ويميل إلى أن يكون محاطاً بالغبار الذي يمكن أن يتشكل في أصداف غريبة بواسطة نجم مصاحب.
ثقوب سوداء مخفية وغير اعتيادية
من المعروف أن الثقوب السوداء تتصرف بسوء وتمزق النجوم، ومن ثم كان علماء الفلك الذين يستخدمون تلسكوب هابل الفضائي متفاجئين عندما شاهدوا ثقباً أسود كبيراً يدعم ولادة النجوم.
كشف رصد العلماء عن حبل سري غازي يمتد من ثقب أسود عند مركز مجرة قزمة وصولاً إلى حضانة نجمية حيث تولد فيها النجوم. وأثار تدفق الغاز الذي أمده الثقب الأسود عرضاً من الألعاب النارية لميلاد النجم، بينما كان يتفاعل مع السحب، مما أدى إلى ظهور عنقود من النجوم المتشكلة.
وفي هذا العام أيضاً، التقط علماء الفلك صورة لثقب أسود فائق يتربص في وسط مجرتنا، وتجسس تلسكوب هابل كذلك على ثقب أسود يجوب حول مجرة درب التبانة. كذلك جرى تحويل إشارات الأشعة السينية للثقوب السوداء إلى أصوات غريبة لن نستطيع نسيانها في أي وقت قريب.
مروحية ذات خطاف تحاول الإمساك بصاروخ في الجو
تحاول شركة روكيت لاب الأمريكية التي تطلق أقمارها الصناعية من نيوزيلندا الوصول إلى طريقة تمكنها من استعادة معززات الصواريخ التي تسقط نحو الأرض بعد إطلاق الصواريخ.
في عام 2022 نفذت الشركة محاولتين لنشر مروحية ذات خطاف. ويعد هذا المشهد الجامح ضمن خطط الشركة لتوفير المال عن طريق استعادة أجزاء الصواريخ وإعادة استخدامها، في إطار جهودها لإطلاق الأقمار الصناعية في الفضاء.
بدت المحاولة الأولى التي نُفذت في مايو/أيار، كما لو أنها سارت وفق المخطط عندما أمسكت المروحية بالمعزز. لكن الطيارين قرروا إسقاط أجزاء الصاروخ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
وفي المحاولة الثانية، لم يُشاهَد جزء الصاروخ قط، وأكد الطيارون أن المعزز لن يعود إلى المصنع سليماً. وفي تغريدة للشركة، أبلغت أنه كانت هناك حالة فقدان بيانات أثناء إعادة دخول الصاروخ إلى الغلاف الجوي.
"افتح باب الكبسولة يا هال"
تمكنت وكالة ناسا من تسيير أول مساعد افتراضي على متن رحلة متوجهة إلى القمر عبر المركبة الفضائية أرتيمس1، صحيحٌ أنه لا يذكرنا تماماً بالمساعد الصوتي هال 9000، الذي كان الشخصية الشريرة في فيلم 2001: A Space Odyssey، لكن القرار أثار وابلاً من المقارنات الفكاهية.
كانت الرحلة غير مؤهلة، لكن فريق التحكم الأرضي التابع للوكالة استخدم تقنية المساعد الصوتي للتحكم في إضاءة الكابينة وتشغيل الموسيقى أثناء الرحلة.
لم يكن هذا المساعد قادراً على فتح الباب أو إغلاقها مثل هال 9000، كانت رحلة أرتيمس 1 مجرد مهمة تجريبية، ولا تزال وكالة ناسا تقيِّم كيف يمكن ضم نظام التعريف الصوتي مع المهام المستقبلية.
مخطط رحلة حول القمر
حسب "CNN" اختار الياباني يوساكو مايزاوا الـ8 ركاب الذين سينضمون إليه في الرحلة التي سيقوم بها حول القمر من خلال مركبة سبيس إكس ستارشيب التي لم تطلق بعد، وضمت المجموعة كلاً من الفنان الأمريكي ستيف أوكي واليوتيوبر تيم دود الذي ينتج فيديوهات حول الفاء.
أعلن عن هذه المهمة سنة 2018 في انتظار إطلاقها سنة 2023، كما استهدف ميازاوا في البداية اصطحاب مجموعة من الفنانين معه في رحلة حول القمر تستغرق 6 أيام، لكنه أعلن لاحقاً أنه سوف يوسع نطاق تعريفه لكلمة "الفنانين".
وبدلاً من ذلك، أعلن مايزاوا في فيديو نُشر العام الماضي أنه سوف يفتح المجال أمام الأشخاص من جميع دروب الحياة ما داموا يعدون أنفسهم "فنانين".
بالإضافة إلى ما سبق يعتبر دينيس تيتو المليونير الأول الذي يدفع المال مقابل زيارة محطة الفضاء الدولية في مطلع القرن 21 للقيام بخطة للسفر إلى القمر.
أستراليا.. العثور على حطام من الفضاء
أفادت تقارير بأن حطاماً فضائياً عُثر عليه في مزرعة تقع في الجبال الثلجية بأستراليا، وأكدت وكالة ناسا والسلطات أيضاً أن هذه الأجزاء كانت على الأرجح خردة من أجهزة تعود إلى كبسولة دراجون التابعة لشركة سبيس إكس، جرى التخلي عنها عمداً بينما كانت المركبة الفضائية تعود إلى الغلاف الجوي للكرة الأرضية في مايو/أيار 2021.
من الشائع لحطام المركبات الفضائية أن تسقط في كوكب الأرض؛ لكن استقرارها على اليابسة ليس شائعاً، نظراً إلى أن غالبية المُخلفات الفضائية تسقط في المحيط.
أجهزة لقذف الأقمار الصناعية في الفضاء
تستهدف شركة سبين لونش وضع الأقمار الصناعية داخل غرفة محكمة الغلق، وقذفها في الفضاء بدلاً من وضعها على متن صاروخ.
بدأ الاختبار في نسخة مصغرة من التكنولوجيا الخاصة بها سنة 2021، لكن الأمور تعاظمت وتيرتها في عام 2022. فقد نفذت شركة سبين لونش رحلتها التجريبية العاشرة في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ليس هناك وضوح حول ما إذا كانت التكنولوجيا الخاصة بالشركة سوف تثمر شيئاً جديداً. ولكن في هذه الآونة، ستكون هذه المجموعة في صحراء نيومكسيكو لمحاولة تحويل الإبداع إلى واقع ملموس.
صاروخ جيف بيزوس ينفجر خلال مهمة غير مأهولة
حسب "CNN"، إذا لم تكفِ سريالية مشهد انطلاق مؤسس شركة أمازون الملياردير جيف بيزوس للسفر عبر الفضاء في العام الماضي بصحبة مشاهير آخرين على متن صاروخه دون المداري الذي موّله بنفسه.
الصاروخ انفجر بعد أكثر من عام فوق غرب تكساس حتى إن كانت هذه الرحلة غير مأهولة؛ لكن كبسولة الطاقم، التي كانت تحمل مشروعات علمية وحمولات أخرى غير حية في 12 سبتمبر/أيلول 2022، استطاعت الهبوط بنجاح.
حسب إدارة الطيران الفيدرالية فالكبسولة هبطت بأمان واصطدم المعزز بالمحيط منطقة الخطر المحددة، وبسبب ذلك أصبحت الشركة طيّ النسيان ولم تعد إلى إطلاق الرحلة إلى الفضاء مرة ثانية.
ومع استمرار توقف رحلات شركة فيرجن غالاكتيك التي أسسها السير ريتشارد برانسون، فإن كلتا الشركتين الرائدتين في مجال السياحة الفضائية دون المدارية لا تطلقان رحلات جوية بصفة منتظمة.