مات بسببه ما يقارب 100 ألف في عام.. “الفنتانيل” مخدر مميت تصنّعه عصابات مكسيكية يملأ شوارع أمريكا

عربي بوست
تم النشر: 2022/12/23 الساعة 16:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/23 الساعة 16:29 بتوقيت غرينتش
عناصر من الشرطة الأمريكية - رويترز

قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 22 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الأمريكية اكتشفت مصنعاً سرياً قالت إنه يستخدم لتصنيع الفنتانيل، وهو مادة أفيونية مُصنَّعة مميتة كجزء مما يبدو حرباً لا تنتهي على ما يصفها المُدَّعون بأنَّها شبكة إجرامية مترامية.

اذ إن السلطات رصدت دويَّ صوت طنين بقبو أحد المجمعات السكنية في منطقة إنغلوود بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية، حيث تضخ آلات كبس الحبوب عالية السرعة الآلاف من الأقراص كل ساعة، يحتوي كلٌّ منها على مادة أفيونية مُصنَّعة مميتة. تُغلَّف الأقراص المُخدِّرة، الملايين منها، وتكون جاهزة للبيع لزبائنها في مختلف أنحاء أمريكا عبر شبكة الإنترنت المظلم (Dark Web)؛ ما دفعها إلى التدخل وإغلاقه.

العصابات المكسيكية تبيع الفنتانيل

غمرت الكارتلات (أو العصابات) المكسيكية، التي تستورد المواد في الغالب من الصين أو الهند، المدن الأمريكية بالفنتانيل، وهو مادة أفيونية مُصنَّعة تؤجج أزمة جرعات زائدة تتسبب في قتل الأمريكيين على نطاق غير مسبوق.

أحد أنفاق تهريب المخدرات على الحدود بين أمريكا والمكسيك
أحد أنفاق تهريب المخدرات على الحدود بين أمريكا والمكسيك/ رويترز

قال المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إنَّه من بين أكثر من 107 آلاف حالة وفاة نتيجة جرعات زائدة في عام 2021، يُعزى نحو الثلثين منها إلى مخدرات مثل الفنتانيل.

كذلك ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، يُعَد الفنتانيل قاتلاً صامتاً، والضحايا من الكبار والشباب، والأغنياء والفقراء، ومن ساكني المدن الكبرى والبلدات الصغيرة.

في حين أنَّ كثيراً ممَّن يموتون من المدمنين المداومين، فإنَّ البعض الآخر مِن المستخدمين العاديين الذين يشترون ما يعتقدون أنَّه دواء، ثم ما يلبث أن يجدوا أنفسهم يتناولون جرعة مميتة من الفنتانيل.

معامل إنتاج المخدرات السرية 

يُعَد الخطر بالغاً على نحوٍ خاص في لوس أنجلوس. فبسبب قرب المدينة من الحدود، تستخدمها الكارتلات كمركز للتوزيع، وتُهرِّب الفنتانيل –إمَّا في صورة مسحوق أو أقراص- إلى ولاية كاليفورنيا قبل إرسالها بعد ذلك إلى مختلف أرجاء أمريكا.

كذلك يمكن لمعامل إنتاج المخدرات السرية مثل ذلك الذي اكتُشِفَ في إنغلوود، إنتاج الملايين من الحبوب الرخيصة المُقلَّدة المزوَّدة بالفنتانيل، وكثيراً ما يجري تمويهها لتبدو شبيهة بمُسكِّنات الألم العادية مثل "أوكسيكودون".

كما يمكن لكارتلي "سينالوا" و"خاليسكو-الجيل الجديد" أن ينتجا بالتناوب حبوب الفنتانيل بنحو 13 سنتاً مقابل الحبّة في المكسيك قبل بيعها مقابل 15–30 دولاراً في الولايات المتحدة. ويُعَد الفنتانيل أقوى بخمسين مرة من الهيروين، وتكفي جرعة تساوي 10 إلى 15 حبّة من حبّات ملح الطعام أن تكون قاتلة.

أمريكا تتهم موظفاً سابقاً بـ
صورة أرشيفية – رويترز

مخدر غير مشروع 

وفقاً لدون ألواي، المدير المساعد بمكتب التحقيقات الفيدرالي في لوس أنجلوس، فإنَّ هذه القوة هي ما تجعل المخدر خطيراً على نحوٍ فريد، وأضاف أنَّه لم يرَ قط في مسيرته المهنية شيئاً أكثر ضرراً من الفنتانيل.

أضاف ألواي أنَّ كثيراً من الضحايا لا يدركون ما يتناولونه. فيقول: "ربما يتناولون شيئاً لا يعتقدون أنَّه مخدر غير مشروع، وربما يتناولون شيئاً يعتقدون أنَّه منتج طبي لمرض لديهم أو يعتقدون أنَّه لديهم. وربما يتناولون هذا الشيء من تلقاء أنفسهم ولم يكونوا يعتزمون استخدام مخدر وأن ينتهي بهم المطاف بتناول جرعة مميتة من الفنتانيل".

كان من بين ضحايا الفنتانيل فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، تُدعى ميلاني راموس، والتي توفيت في مرحاض بإحدى المدارس في هوليوود في سبتمبر/أيلول 2022، بعدما تناولت ما اعتقدت أنَّه مسكن ألم معروف باسم "بيركوسيت"، وهو مسكن ألم يُساء استخدامه أحياناً.

حيث قال ألواي إنَّه لا عائلة بمأمن من الخطر نتيجة وجود الفنتانيل في كل مكان.

سحب كميات كبيرة من المخدر

من جهة أخرى يواصل مكتب التحقيقات الفيدرالي وغيره من وكالات إنفاذ القانون سحب كميات هائلة من الفنتانيل من الشوارع– الكمية التي صُودِرَت هذا العام كانت كافية لقتل كل الأمريكيين- لكنَّ سيل الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة مستمر.

في حالة مصنع إنغلوود الذي أوقف المحققون العمل فيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، يواجه رجل من لوس أنجلوس، يُدعى كريستوفر هامبتون (36 عاماً)، حكماً بالسجن مدى الحياة في أحد السجون الفيدرالية بعد اتهامه بارتكاب جرائم مختلفة على صلة بالمخدرات والأسلحة.

وفقاً للمدعين بوزارة العدل الأمريكية، أدَّت عمليات التفتيش المرتبطة بتوقيف هامبتون إلى اكتشاف ومصادرة نحو 205 كغم من المخدرات المشبوهة، و6 آلات لكبس الحبوب، وأسلحة غير مشروعة بينها بنادق هجومية.

عملاء مكافحة المخدرات/AP Photo/Richard Vogel
عملاء مكافحة المخدرات/AP Photo/Richard Vogel

من جهتها قالت تشيلسي شوفر، الأستاذة المساعدة المقيمة بكلية ديفيد غيفين للطب في جامعة كاليفورنيا فرع مدينة لوس أنجلوس، إنَّ إنفاذ القانون يجب أن يمضي بتوازن جنباً إلى جنب مع التثقيف. وقالت إنَّه لابد من تثقيف العامة بشأن الفنتانيل والأماكن التي يُحتمَل وجود المادة بها، وضمن ذلك الحبوب الدوائية المُقلَّدة والمخدرات الترويحية مثل الكوكايين.

كما أضافت شوفر أنَّ شرائط اختبار الفنتانيل– وهي شرائط ورقية صغيرة يمكنها الكشف عن وجود الفنتانيل في أنواع الأدوية والمخدرات المختلفة- يجب أن تنتشر بصورة أكبر، في حين يجب تدريب أكبر عدد ممكن من الناس على استخدام دواء "نالوكسون" الذي يعكس أثر الجرعة المميتة من الفنتانيل.

تحميل المزيد