لم يُسبب انتقال البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد الإسباني إلى يوفنتوس الإيطالي صدمةً في عالم كرة القدم فحسب، بل أرّخ لفصلٍ جديدٍ مثيرٍ في مسيرة اللاعب المتألقة.
حصل رونالدو على 5 كرات ذهبية، وفاز بدوري أبطال أوروبا 5 مرات، كما قاد البرتغال للظفر بكأس أوروبا 2016، ليصبح بذلك الرمز المقبل الذي سيرتدي قميص يوفنتوس المخطط الشهير. وسيشغل مكان أسماء كبيرة سبقته مثل آليساندرو ديل بييرو والفرنسيين زين الدين زيدان وميشيل بلاتيني.
وبحسب مجلة The Week البريطانية، يعتقد بعض الخبراء أن رونالدو البالغ من العمر 33 سنة قد يكون في أوج مسيرته المهنية؛ فبعد إحرازه لـ 450 هدفاً في 438 مباراة مع ريال مدريد، يأمل يوفنتوس أن يقوده رونالدو إلى المجد في إيطاليا وأوروبا.
لم تكن مجرد إحصائيات رونالدو على أرض الملعب ما دفعت يوفنتوس إلى الاستثمار فيه، لكن أيضاً العلامة التجارية الخاصة به CR7 وتأثيرها على الشبكات الاجتماعية.
شركة KPMG للاستشارات سلّطت الضوء على الجانب الاقتصادي لصفقة انتقال اللاعب من مدريد إلى تورينو، من خلال تقريرها الذي نُشر على موقع Football Benchmark.
فيما يلي تحليل لنتائج هذا التقرير:
قاعدة رونالدو الجماهيرية الضخمة
يقول رئيس قسم الرياضة العالمية في KPMG أندريا سارتوري، إن لدى يوفنتوس ومساهميها فرصة ذهبية للاستفادة من موهبة رونالدو على المستوى أدائه في الملعب ونطاق أعماله خارج الملعب.
يكتب سارتوري قائلاً، "بالإضافة إلى قدرته على الأداء في الملعب، يمكن أن يمنح التعاقد مع مثل هذا اللاعب الأيقوني (السيدة العجوز) فرصة فريدة للاستفادة من قاعدة المعجبين الهائلة التي يحظى بها رونالدو، سواء من منظور التواصل أو العمل التجاري".
وأضاف، "ومع ذلك، فإننا نعتقد أيضاً أن المساهمين في يوفنتوس سيصبحون قادرين على الاستفادة الكاملة من هذا الاستثمار إذا ما تم تعديل استراتيجية أعمالهم من أجل تحقيق أفضل استفادة مادية من جمهورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي من المتوقع أن ينمو بشكل كبير في الأشهر القادمة".
KPMG لفتت إلى أن رونالدو لديه أكثر من 332 مليون متابع على حساباته المتنوعة على فيسبوك وانستغرام وتويتر.
CR7: رونالدو العلامة التجارية
ساهم نجاح مهاجم مانشستر يونايتد وريال مدريد والبرتغال على أرض الملعب في إنشاء علامته التجارية الخاصة CR7 وجذب الرعاة الرئيسيين وصفقات الدعاية.
في يونيو/حزيران 2018، ذكرت مجلة Forbes أن رونالدو يحتل المركز الثالث في قائمة أعلى 100 رياضي أجراً في العالم هذا العام، بعد الملاكم فلويد مايويذر ومنافسه في كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وخلال العام الماضي وحتى مطلع يونيو/ حزيران 2018، حصل رونالدو على ما مجموعه 108 مليون دولار (80.9 مليون جنيه استرليني)، تنقسم إلى 45.7 مليون جنيه استرليني من الراتب والمكاسب و 35.2 مليون جنيه استرليني من مجال الدعاية. وتشمل الجهات الراعية له شركة نايكي Nike وإلكترونيك آرتس Electronic Arts وهيربالايف Herbalife.
ماذا يعني هذا الانتقال من منظور الأعمال التجارية؟
أفاد تقرير KPMG أن عمالقة يوفنتوس الإيطاليين "يحتاجون إلى زيادة إيراداتهم التشغيلية خلال المواسم القادمة" لتبرير النفقات الرئيسية الهائلة التي تشمل رسوم انتقال رونالدو البالغة 99 مليون جنيه استرليني، وعقده الذي يمتد لأربعة أعوام بقيمة 26.7 مليون جنيه إسترليني في الموسم الواحد.
وأوضح التقرير أنه من غير المحتمل أن يشهدوا تأثيراً إيجابياً كبيراً من حصولهم على العلامة التجارية CR7 الخاصة برونالدو في السنة المالية الحالية 2018/19. لكن الشركة تعتقد أنه بالإضافة إلى الإيرادات الناتجة من حصيلة بيع تذاكر المباريات وإذاعتها، فإن فرص النمو الرئيسية ليوفنتوس ستأتي في المجال التجاري، خاصةً فيما يتعلق بالترويج والرعاية.
ووفقاً لما جاء في التقرير، "في غضون 3 من مواسم كرة القدم، نعتقد أنه من الواقعي أن يضيف يوفنتوس إلى إيراداته مبلغ قدره 75 مليون يورو (66.8 مليون جنيه إسترليني) إلى 100 مليون يورو (89.1 مليون جنيه إسترليني)، بالإضافة إلى الإيرادات الحالية التي تصل إلى 120 مليون يورو (106.9 مليون جنيه إسترليني) وفقاً لأحدث التقارير التي صدرت بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 2017".
وأضاف التقرير "ليس هناك شك في أن الحصول على العلامة التجارية CR7 سيقدم للنادي فرصة جديدة أفضل للتفاوض مع الرعاة الرئيسيين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإقبال العالمي على رونالدو يمنح يوفنتوس فرصة توقيع اتفاقيات جديدة مربحة لمنح التراخيص، مصحوباً بالتعرف على رعاة عالميين جدد".
ويضيف التقرير أيضاً أن يوفنتوس يمكنه العثور على إيرادات تجارية في الدول التي لم يثبت فيها وجوداً قوياً لعلامته التجارية، بينما يتمتع فيها كريستيانو رونالدو بحضور كبير.
عندما بدأت شائعات انتقال رونالدو في 2 يوليو/تموز وفي الأيام التي أعقبت الكشف الرسمي عن ذلك، ارتفع سعر سهم يوفنتوس بنحو 32 %.
يوفنتوس ورونالدو.. والسيطرة على الشبكات الاجتماعية
مع وجود 332 مليون متابع على الشبكات الاجتماعية، فإن قاعدة المشجعين الرقمية لرونالدو تبلغ 6 أضعاف متابعي يوفنتوس البالغ عددهم 55 مليون، إلا أن ثمة مؤشرات فعلية على تنامي كبير لمتابعي فريق الأبطال الإيطاليين.
ففي الفترة بين 5 و17 يوليو/تموز 2018، أدى انتقال نجم كرة القدم البرتغالي إلى تورينو الإيطالية إلى إحداث دوي هائل على الشبكات الاجتماعية التابعة ليوفنتوس. إذ زاد عدد متابعي حسابات النادي على تويتر وانستغرام بنسبة 15 % و 25 % على التوالي.
وازداد عدد متابعي يوفنتوس على تويتر من 7 ملايين متابع، إلى أكثر من 8 ملايين، بينما ازداد متابعي النادي على تطبيق إنستغرام من 10.1 مليون، إلى 12.5 مليون متابع.
صرحت شركة كي بي إم جي للاستشارات بأنه "قبل أن يطأ بقدميه أرض الملعب مرتدياً قميصه الأبيض والأسود، أدى انضمام رونالدو لصفوف الفريق إلى حضور كبير للوفي، فقد ارتفعت بالفعل أرقام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ. لا ينحصر الاهتمام في العدد المُطلق للمتابعين فحسب، بل في توزيعهم الجغرافي أيضاً، وذلك لفهم طبيعة الأسواق التي يمكن أن يوسع اليوفنتوس وجوده فيها".
وأكدت الشركة أن "زيادة ظهور رونالدو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في آسيا، وأميركا الجنوبية والوسطى، والولايات المتحدة، من شأنه أن يساعد النادي على خلق علامة تجارية أوسع نطاقاً على المستوى العالمي، والذي بدوره سوف يعود على النادي بعائدات مرتفعة".
تأثير اتفاق انتقال رونالدو إلى يوفنتوس
ذكر التقرير أيضاً، أنه لن تقتصر الاستفادة من انتقال بهذا الحجم الهائل والذي ينطوي على مقدار هائل من الأموال والأعمال على رونالدو واليوفنتوس فحسب، بل ستستفيد كرة القدم الإيطالية ككل".
يسعى دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم، إلى إيجاد راعٍ جديد للبطولة، بعد انتهاء تعاقده مع شركة تيليكوم إيطاليا TIM الموسم الماضي. ذكرت شركة KPMG أن هذا الانتقال يمنح الدوري الإيطالي فرصة "استغلال وجود كريستيانو رونالدو، ما قد يسمح للاتحاد أن يُبرم صفقة تعود عليه بفائدة أكبر".