اختتم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيارة تاريخية لواشنطن، التقى خلالها في البيت الأبيض بالرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أكد دعمه لأوكرانيا خلال حربها مع روسيا، فيما أكد زيلينسكي أن مساعدات واشنطن لبلاده تعد "استثماراً" في الأمن العالمي.
إذ ألقى زيلينسكي كلمةً أمام الكونغرس، الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، شدَّد فيها على أن "المساعدة الأمريكية لأوكرانيا "ليست صدقة"، بل "استثمار" في الأمن العالمي، وأن بلاده "لن تستسلم أبداً، وستبقى حية وتقاتل".
زيلينسكي أضاف مخاطباً أعضاء الكونغرس بمجلسيه: "أود أن أشكركم جزيل الشكر على المساعدة المالية التي قدمتموها لنا، والتي قد تقررون تقديمها لاحقاً"، مؤكداً أن "أموالكم ليست صدقة، إنها استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية، ونحن نديرها بأكثر الطرق مسؤولية"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
وبعيداً عن الأسلوب الإنشائي للخطاب، فقد حرص الرئيس الأوكراني على إقناع الكونغرس، ولا سيما مجلس النواب الذي ستنتقل الأغلبية فيه بعد أيام إلى الجمهوريين، بمواصلة تمويل المساعدة العسكرية الحيوية التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا للتصدي للغزو الروسي.
وشدد الرئيس الأوكراني على أن "أوكرانيا لن تستسلم أبداً" للقوات الروسية التي تهاجم أراضيها، منذ 24 فبراير/شباط، وأنه "خلافاً لأسوأ التوقعات، أوكرانيا لم تسقط، فهي حية وتقاتل، لقد هزمنا روسيا في معركة الفوز بعقول العالم، وعلينا أن نهزمها في ساحة القتال".
وقال للمشرعين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إن هذا العلم هو هدية من العسكريين الأوكرانيين الذين يقاتلون على خط الجبهة في باخموت، المدينة التي زارها الثلاثاء، عشية أول رحلة له إلى الخارج منذ بدأت القوات الروسية هجومها على بلاده في 24 فبراير/شباط.
إلى ذلك، هبّ أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ من كلا الحزبين مراراً للهتاف، تأييداً لأجزاء من الخطاب الذي ألقاه زيلينسكي باللغة الإنجليزية، مثل قوله "أوكرانيا متمسكة بخطوط (القتال)، ولن تستسلم أبداً"، مشبها معركة بلاده ضد قوات موسكو بالمعارك الكبرى في الحرب العالمية الثانية وبالثورة الأمريكية.
مساعدات لأوكرانيا تزامناً مع الزيارة
بالتزامن مع زيارة زيلينسكي لواشنطن، أعلنت الأخيرة عن رزمة جديدة من المساعدات العسكرية، تشمل منظومة باتريوت للدفاع الجوي، إذ أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عن مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 1.85 مليار دولار، تشمل لأول مرةٍ تزويد كييف بنظام الدفاع الصاروخي "باتريوت".
بلينكن قال إن هذا الدعم "سيوفر لأوكرانيا قدرات دفاع جوي وقدرات دقيقة موسعة، وكذلك ذخائر إضافية ومعدات مهمة تستخدمها كييف بشكل فعال للدفاع عن نفسها في ساحة المعركة"، مضيفاً: "للمرة الأولى، تشمل مساعدة اليوم نظام باتريوت القادر على إسقاط صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى، والطائرات بنطاق أعلى بكثير من أنظمة الدفاع الجوي المقدمة سابقاً".
إرهابيان وجدا بعضهما البعض
وخلال كلمته، ربط الرئيس الأوكراني في خطابه بين الحرب التي تشنها روسيا ضد بلاده، والتهديد الذي تمثله إيران على حلفاء الولايات المتّحدة في المنطقة، ليدغدغ بذلك مشاعر المعسكر الجمهوري، الذي يأخذ بشدة على الرئيس الديمقراطي بايدن تساهله مع الجمهورية الإسلامية، مشدداً على ضرورة تشديد العقوبات على روسيا.
وحذّر زيلينسكي من أن "المسيّرات القاتلة التي أرسلتها إيران بالمئات إلى روسيا، أصبحت تشكل تهديداً لبنيتنا التحتية الاستراتيجية. لقد وجد (بلدان) إرهابيان بعضهما البعض، إنها مسألة وقت فقط، قبل أن يهاجموا حلفاءكم الآخرين".
ورغم النبرة الجدية التي تميز بها خطابه، فإن الممثل السابق اعتمد أسلوباً اقترب قليلاً من المزاح، للتأكيد على أنه لن يستكين، في محاولته الحصول على المزيد من الأسلحة والعتاد المتطور.
لقاء بايدن في البيت الأبيض
وخلال مؤتمر صحفي مع زيلينسكي، قال بادين مخاطباً ضيفه "لن تكونوا أبداً وحدكم"، مذكراً بأنه "عندما تعرضت حرية أوكرانيا للتهديد، فإن الشعب الأمريكي، على غرار أجيال سابقة من الأمريكيين، لم يتردد".
الرئيس الأمريكي أضاف: "نحن ندرك أن معركة أوكرانيا تندرج في إطار أمر أكبر بكثير"، مشدداً على أن "الشعب الأمريكي يعرف أنه ما لم نتصد لمثل هذه الهجمات الصارخة على الحرية والديمقراطية والمبادئ الأساسية، مثل السيادة وسلامة الأراضي، فإن العالم سيواجه عواقب أسوأ بكثير".
وتابع الرئيس الأمريكي مخاطباً نظيره الأوكراني: "سنبقى إلى جانبكم ما دامت هناك حاجة لذلك"، مشيراً إلى أنه "ليس قلقاً على الإطلاق" بشأن صلابة التحالف الغربي في وجه روسيا، بعد مرور 300 يوم على بدء الحرب.
وتعد هذه أول زيارة خارجية يجريها زيلينسكي منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، في فبراير/شباط 2022، وأكد بايدن خلال لقائه الرئيس الأوكراني، أنه يدعم تطلُّع كييف إلى "سلام عادل"، وقال إن الشعب الأوكراني يبقى "مصدر إلهام للعالم"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يأتي تزويد أمريكا لأوكرانيا بصواريخ الباتريوت، على الرغم من تهديدات روسيا، إذ قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الأربعاء 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، إنه إذا تم إرسال صواريخ "باتريوت" الأمريكية إلى أوكرانيا، فإنها ستكون "أهدافاً مشروعة" للقوات الروسية، بحسب ما أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.