قالت وكالة Bloomberg الأمريكية في تقرير نشرته، الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن السياسي اليميني المتطرف بن غفير يتمتع بجاذبية في عيون قطاع الناخبين من شريحة الشباب، لأنه وعد بمنح جنود ورجال شرطة الاحتلال حريةً أكبر في التعامل مع الفلسطينيين سياسياً وجنائياً.
حيث اعتاد يهودا بار التصويت لزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو. لكن خدمة بار في جيش الاحتلال بالضفة الغربية المحتلة جعلته يمنح صوته للسياسي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، في الانتخابات الأخيرة. إذ قال بار (23 عاماً): "منحته صوتي بسبب الأمن. وربما يكون متطرفاً وعنصرياً، لكنه يدافع عما يؤمن به من وجهة نظري".
التحول إلى اليمين المتطرف
حيث تحدث بار عن الأمور التي يود تغييرها قائلاً: "أي شخص يلقي الحجارة، أو يقتحم قاعدةً عسكرية لسرقة الأسلحة، يستحق رصاصةً في رأسه".
فيما تنظر أكثرية دول العالم إلى الاحتلال الإسرائيلي الطويل على أنه احتلال عسكري يفرض إرادته على شعبٍ مدني قليل الحيلة، لكن الإسرائيليين بدأوا ينظرون إلى الوضع من زاويةٍ مختلفة تماماً وبأعدادٍ متزايدة.
يقول يشاي فليشر، المتحدث باسم حزب عوتسما يهوديت (القوة اليهودية): "يشعر ملايين الإسرائيليين أنهم مقهورون وغير محميين. ويشعرون أن حكومتهم وشرطتهم أصبحت منزوعة القوة. ولهذا قدم بن غفير أداءً جيداً للغاية في الانتخابات".
في الوقت نفسه، فقد أصبح تحوُّل دولة الاحتلال إلى اليمين ملحوظاً على نطاق واسع، بالتزامن مع تكوين نتنياهو للحكومة بالتعاون مع الأحزاب اليهودية الحريدية والأحزاب القومية المتطرفة. وبهذا وضع نتنياهو نفسه في دور السياسي المعتدل الذي ليس مألوفاً عليه. لكن السبب الرئيسي والأكثر غموضاً لذلك التحول يكمُن في الخوف من قرب اندلاع الصراع المسلح.
تضاعف عدد الأسلحة المهربة للضفة
إذ قال جيش الاحتلال إن عام 2022 شهد تضاعف عدد الأسلحة المهربة إلى الضفة الغربية بواسطة الفلسطينيين، وذلك مقارنةً بأرقام بالعام الماضي. ناهيك عن تراجع سيطرة السلطة الفلسطينية على مدن الضفة الغربية، والزيادة الحادة في أعداد المستوطنين هناك. بينما قتلت قوات أمن الاحتلال أكثر من 140 فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس خلال العام الجاري، في رقمٍ هو الأعلى منذ عام 2004.
في ما قال مارتين إنديك، السفير الأمريكي السابق لدى دولة الاحتلال: "ذكر جميع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الذين التقيتهم مؤخراً أن الانتفاضة التالية في الطريق".
وافقه الرأي صبري صيدم، العضو البارز في حركة فتح الفلسطينية، قائلاً: "سنشهد انتفاضةً فلسطينية بكل تأكيد إذا لم يقرر المجتمع الدولي فرض الضغط على إسرائيل، وإذا لم يستفق ساسة إسرائيل للواقع".
استمرار الانتهاكات بحق الفلسطينيين
يُعَدُّ بن غفير (46 عاماً) من مستوطني الضفة الغربية، ومن المتوقع أن يدير وزارة الأمن القومي بمجرد تأدية القسم. بينما يأمل أنصاره أن يُترجِم خطابه المتشدد عن الجريمة، والأمن، واستعادة "الفخر اليهودي" إلى سياسات ملموسة.
حيث ينحدر أنصاره من مستوطنات الضفة الغربية وأحياء الطبقة العاملة داخل حدود دولة الاحتلال. وتُمثل المخاوف الأمنية دافعهم الأساسي، إلى جانب القومية الدينية التي تريد أن تضمن لليهود مكانتهم المفضلة داخل دول الاحتلال.
من جانبها، قالت داليا شيندلين، أستاذة العلوم السياسية يسارية الميول: "يتحدث بن غفير عن نسخة متصلبة من مفهوم الدولة اليهودية التي لن تأسف على وضع سياسات لتفضيل اليهود، وتقليص مكانة أي شخصٍ آخر".
في سياق متصل، تختار أعداد متزايدة من الإسرائيليين، وخاصة الشباب، تعريف أنفسهم على أنهم يمينيون في الوقت الراهن. إذ وجد مركز أبحاث Israel Democracy Institute أن أكثر من ثلاثة أرباع الشباب من 18 إلى 34 سنة اختاروا التصويت للأحزاب اليمينية أو اليمينية المعتدلة في العام الماضي. ووصلت النسبة إلى 67% لدى من تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عاماً، كما تخطت الـ56% لمن تجاوزوا الـ55 عاماً.
كما يقول أنصار بن غفير إن الجنود يتحولون إلى فرائس سهلة عند إرسالهم لفرض النظام على الشعب الفلسطيني الذي لا يهدأ. لكن العديد من الخبراء الأمنيين نفوا وجود مشكلات تتعلق بقواعد الاشتباك، ووصفوا حلول بن غفير بأنها غير واقعية.
حيث قال نيتزان نوريل، العميد السابق في جيش الاحتلال والمدير السابق لمكتب مكافحة الإرهاب لدى رئاسة الوزراء: "لدينا جيل شاب يبحث عن حلول سريعة، وهناك شخص وعدهم بحلٍ سريع".