وضع إضراب الشاحنات في الأردن حكومة بشر الخصاونة أمام أزمة جديدة تُهدد بقاءها، في ظل استمراره ومرور نحو 10 أيام على بدء الاحتجاجات، واتساع رقعة الإضراب لتشمل وسائل نقلٍ أخرى، وفق ما رصده تقرير لوكالة الأناضول.
بينما يتواصل الإضراب، الذي بدأ في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، دون أن يدلل على وجود حل قريب، خاصة مع تزايد ملحوظ لمظاهر الإضراب في العديد من محافظات المملكة، وسط مطلبٍ رئيسي للمضربين عنوانه "خفض أسعار المشتقات النفطية".
فيما خلُص اجتماع حكومي نيابي أردني، عُقد الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى تشكيل لجنة مشتركة، لبحث حلول ملف إضراب الشاحنات في الأردن.
اتساع رقعة إضراب الشاحنات في الأردن
وفق إحصاءات هيئة تنظيم النقل البري (حكومية)، فإن عدد الشاحنات بالمملكة يبلغ نحو 21 ألف شاحنة بكافة الأنماط (نقل بضائع وحاويات). وانضمت إلى إضراب الشاحنات في الأردن سيارات الأجرة وسيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، وحافلات نقل الركاب وحافلات المدارس، للمطالبة بخفض أسعار الوقود المبيع في السوق المحلية.
حسب وكالة الأناضول فإن الأردن بلد مستورد لمصادر الطاقة لعدم امتلاكه ثروات طبيعية، إذ يستورد تقريباً كامل احتياجاته من النفط الخام، ويقوم بتكريرها في مصفاة محلية.
هذا العام وصلت أسعار المشتقات في الأردن لمستويات تاريخية غير مسبوقة، أرجعتها الحكومة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام عالمياً. ويأتي الأردن في المرتبة الرابعة عربياً كأعلى سعر لمشتقات الوقود، بعد كل من لبنان وسوريا وفلسطين، بحسب معطيات موقع The Fuel Price.
بينما قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية بالأردن، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زيادة سعر لتر الديزل 35 فلساً، ليرتفع بذلك من 860 سابقاً (1.21 دولار) إلى 895 فلساً (1.26 دولار).
كما تقرر رفع أسعار مادة البنزين 90 بمقدار 10 فلسات، والبنزين 95 بمقدار 15 فلساً، ليصبح سعر بيع الأول 920 فلساً (1.29 دولارا) للتر الواحد، ويصبح سعر اللتر للثاني 1170 فلساً (1.64 دولار).
منذ عام 2020، ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بالأردن بنسب تراوحت ما بين 29 و36%، باستثناء أسطوانات الغاز المنزلي التي حافظت على سعرها عند 7 دنانير (9.85 دولار أمريكي).
مشتقات الوقود بالمملكة والمتعارف عليها ضمن التسمية المحلية، هي بنزين 90، وبنزين 95، وديزل، وكاز، إضافة إلى أسطوانات الغاز المنزلي.
بينما يرى مراقبون أن أزمة إضراب الشاحنات في الأردن لن تمر دون رحيل الحكومة، سيما أنّها لم تقدم أيّة حلول تحول دون تكبّد المملكة، المأزومة اقتصادياً، مزيداً من الخسائر.
حيث كلف عاهل البلاد، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الخصاونة بتشكيل الحكومة، وهو رئيس الوزراء الثالث عشر في عهد الملك عبد الله الثاني، منذ أن تولى الأخير سلطاته الدستورية في 7 فبراير/شباط 1999.
حكومة "تفتقر لخبرة التعامل مع الناس"
عامر السبايلة، الكاتب والمحلل السياسي، اعتبر أن حكومة الخصاونة "تفتقر لخبرة التعامل مع الناس، بل على العكس تماماً، قامت بخطوات استفزازية وبطريقة لا يمكن قبولها".
كما قال السبايلة لوكالة الأناضول: "لا يمكن لأية حكومة في العالم اليوم، وفي ظل الأزمات المتراكمة من كورونا وطاقة أن ترفع الأسعار بهذه الطريقة، حيث إن السعر بالأردن مجمله ضرائب غير مبررة، وليس له ارتباط بالسعر العالمي".
أضاف الكاتب والمحلل السياسي: "المبالغة بهذا الأسلوب، وخاصة مع دخول فصل الشتاء، وإصرار الحكومة على رفع أسعار الديزل والكاز هو بحد ذاته استفزاز للمواطن، ووضع نفسها في خانة العدو".
فيما ذكر أن "تطور حالة الوعي كإضراب منظم قد يقود إلى عصيان مدني في مراحل مستقبلية، إلى الحديث عن مشروعية الضرائب المفروضة، كله يعني أن قصة تبديل الحكومات لم تعد ذات فعالية".
عدم رغبة الحكومة بالحل
من جهته، قال جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية (حكومية): "يتضح من خلال استمرار إضراب الشاحنات في الأردن هو عدم رغبة الحكومة وقدرتها على الحل".
أضاف: "الحكومة لديها صلاحيات من الملك في الشؤون العامة، ولكن هذا لا يعني بالمطلق أنها لن تذهب إذا ما أصبحت عبئاً؛ لأن المصلحة الوطنية هي الأهم".
كما أكد الشلبي: "لا شك أن إضراب الشاحنات في الأردن وضع الحكومة في مأزق، والخسارة على الأردن ستكون كبيرة إذا ما استمر الصراع بين الجانبين (حكومة ومضربين)؛ لإخضاع كل منهما الطرف الآخر".
فيما شدد الشلبي بقوله: "لا أعتقد أن الحكومة ستذهب، ولكن الملك في النهاية يُريد الحفاظ على صلته بشعبه، خاصة إذا استمرت تداعيات الإضراب وتواصل اتساعه، وسيضحي بالحكومة في سبيل ذلك".
الحكومة فقدت شعبيتها
حسن الدعجة، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة "الحسين بن طلال" (حكومية)، اعتبر في حديثه للأناضول أن "إضراب الشاحنات في الأردن نتيجة رفع الحكومة أسعار الديزل بنسب وصلت إلى 45% عن قيمتها السابقة".
كما قال: "هذا الموضوع شكّل ناقوس خطر باتجاه قضايا كثيرة، ومنها انعكاس ذلك الارتفاع على كلفة وسائل الإنتاج التي تعمل بالديزل، وبخاصة من المواد الغذائية وغيرها، وهذه النقطة ستؤثر على المواطن وتثقل كاهله".
بينما توقّع الدعجة أن "استمرار الإضراب وتوسعه سيكبر كما تتدحرج كرة الثلج صغيرة وتصبح كبيرة، لا أحد يستطيع إيقافها، ما سيؤثر بطبيعة الحال على سير أعمال الحكومة".