مثل الليبي أبو عقيلة محمد مسعود خير المريمي، المشتبه في أنه صنع القنبلة التي قتلت 270 شخصاً على متن رحلة بان أمريكان 103، فوق لوكربي باسكتلندا، عام 1988، الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، أمام محكمة اتحادية في العاصمة واشنطن، في وقت أكد فيه القضاء أن المتهم لا يواجه عقوبة الإعدام.
ويأتي مثول المريمي، ضابط سابق بجهاز الأمن الخارجي الليبي، أمام محكمة في واشنطن، بعد ما يقرب من 34 عاماً من انفجار قنبلة على متن الطائرة بوينغ 747، التي كانت متجهة من لندن إلى نيويورك، ما أدى لمقتل جميع ركابها، البالغ عددهم 259 شخصاً، و11 شخصاً على الأرض.
وأبلغ مسعود (71 عاماً)، قاضي التحقيق الأمريكي روبن ميريويذر، عبر مترجم، بأنه لن يتحدث إلا بعد أن يجتمع بمحاميه.
لن يواجه "الإعدام"
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إنه على الرّغم من خطورة التّهم الموجهة ضد مسعود، المولود في تونس، فإنه لا يواجه خطر الإعدام، لأنّ هذه العقوبة لم تكن مطبّقة على الصعيد الفيدرالي في الولايات المتّحدة في 1998، فيما يتعلّق بالتهم الموجّهة إليه.
فيما قال ممثل الادعاء إريك كينرسون للمحكمة "عدد لا يحصى من العائلات لم يتعافَ تماماً من أفعاله". وأوضح أن الحكومة لن تطلب معاقبته بالإعدام، وبالتالي فإن الحد الأقصى للعقوبة سيكون السجن مدى الحياة.
وفي عام 1991، تم توجيه الاتهام إلى اثنين آخرين من عملاء المخابرات الليبية، هما عبد الباسط علي المقرحي، والأمين خليفة فحيمة، في التفجير.
ومثل مسعود، الذي أفادت تقارير بأنه اعترف بجرائمه أمام مسؤول ليبي في إحدى جهات إنفاذ القانون، في سبتمبر/أيلول عام 2012، أمام المحكمة، بعد أيام من القبض عليه في ليبيا.
ومسعود واحد من ثلاثة أشخاص زعم مسؤولون أمنيون أمريكيون وبريطانيون أنهم متورطون في تفجير عام 1988.
وفي محاكمة اسكتلندية، أمام محكمة في كامب زيست بهولندا، أُدين المقرحي بتنفيذ التفجير وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2001. وأُطلق سراحه لاحقاً بعد إصابته بالسرطان، وتوفي في منزله في طرابلس عام 2012.
وتمت تبرئة فحيمة من جميع التهم الموجهة إليه، لكن الادعاء الاسكتلندي قال إن المقرحي لم يتصرف بمفرده.
القبض على مسعود
عبد المنعم المريمي، ابن شقيق مسعود، قال إن مسلحين جاءوا إلى منزل عائلته في طرابلس، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، وألقوا القبض على المتهم بصنع القنبلة.
وكان مسعود يقيم هناك منذ إطلاق سراحه العام الماضي. وكان قد سُجن في أعقاب ثورة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد الزعيم الليبي معمر القذافي، لدوره في حكومة الأخير.
وقال المريمي إن عائلة مسعود علمت فقط بنقله إلى الولايات المتحدة، عندما شاهدت الأنباء على التلفزيون، فيما لم تعلق حكومة الوحدة الوطنية الليبية، وهي الإدارة المعترف بها دولياً في طرابلس، على نقل مسعود إلى الولايات المتحدة.
لكن الخصوم السياسيين لحكومة الوحدة الوطنية اتهموها بتسليم مسعود بصورة غير قانونية إلى واشنطن، لكسب دعمها في النزاع الليبي المستمر بشأن السيطرة على الحكومة.
وقال المريمي إن عائلة مسعود قدمت شكوى رسمية أيضاً أمام النائب العام الليبي، حول نقله إلى الولايات المتحدة.
وكشف محققون أمريكيون وقت التفجير عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه "أبو عقيلة مسعود"، لكن لم يتمكنوا من تحديد مكانه، وفقاً لشهادة أحد عملاء مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي (إف.بي.آي).
ولم توجه الولايات المتحدة أي اتهام رسمي لمسعود حتى عام 2020، حين كشفت أدلة جديدة تفيد بأنه اعترف فيما يبدو بجرائمه أمام مسؤول إنفاذ قانون ليبي.
وكانت ستيفاني بيرنستاين، التي توفي زوجها مايك بيرنستاين في الحادث، نائبة رئيس إحدى جماعات عائلات الضحايا التي سعت من أجل إلقاء القبض على مسعود، إذ قالت "إنه رجل عجوز قتل عدداً هائلاً من الناس، وهذا ما كان يجب أن يحدث منذ وقت طويل".
وأضافت "إنه أول شخص مسؤول عن وفاة زوجي تتم محاكمته بالفعل على الأراضي الأمريكية".
وكان مايك بيرنستاين مسؤولاً في وزارة العدل في مكتب التحقيقات الخاصة، الذي كان يتتبع مجرمي الحقبة النازية.
وجرى توجيه الاتهام لمسعود في دعوى جنائية بتدمير طائرة، ما أدى لسقوط قتلى، وتدمير مركبة تستخدم في التجارة بين الولايات باستخدام متفجرات، ما تسبب في سقوط قتلى.
وجاء في شهادة لعميل مكتب التحقيقات الاتحادي، أن مسعود، خلال مقابلة مع المسؤول الليبي في جهة من جهات إنفاذ القانون في عام 2012، "اعترف بتصنيع القنبلة التي فجرت الرحلة 103 التابعة لخطوط بان أمريكان الجوية، وبأنه عمل مع المقرحي وفحيمة على تنفيذ المؤامرة".
فيما قال مسعود للشخص الذي كان يحاوره أيضاً إنه اشترك في مؤامرات أخرى مماثلة، وإن التفجير كان بأمر من قيادة المخابرات الليبية، وزعم أيضاً أن القذافي، الذي قتله الثوار في أكتوبر/تشرين الأول 2011، "شكره وأفراداً آخرين من الفريق على هجومهم الناجح على الولايات المتحدة".