أورد تحليل أجرته شركة البرمجيات InvGate أن ما يقرب من 40% من ساعات مباريات كأس العالم تتداخل مع ساعات العمل في بريطانيا، وأنها تتداخل مع نحو 50% من ساعات العمل في الولايات المتحدة، وفق ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس، 8 ديسمبر/كانون الأول 2022.
تشير البيانات إلى أن نحو 5 مليارات شخص، أي أكثر من نصف سكان العالم، يشاهدون مباريات كأس العالم التي تُلعب خلال ساعات العمل الرسمية، ومن ثم يُتوقع أن يكون للبطولة الممتدة على مدار 28 يوماً بعض الآثار على السير المعتاد للعمل، وأن يواجه كثير من المديرين في جميع أنحاء العالم معضلة مفادها: هل يتركون موظفيهم يشاهدون المباريات أثناء ساعات العمل أم لا؟
على موقع تويتر، شارك مئات من مشجعي كرة القدم منشورات مكتوبة ومقاطع فيديو تعرض فرحتهم بمشاهدة المباريات أثناء العمل، أو حزنهم للعجز عن ذلك.
اقرأ أيضاً
معاناة الموظفين
ويمتلئ الموقع بقصص الموظفين المتمردين على أي قيود تحول دون بلوغ الهواية الأثيرة: فتجد الصرَّافين يسندون هواتفهم إلى المكاتب خفيةً؛ لمشاهدة البث المباشر للمباريات، وبعض الزملاء يحتشدون في غرف الاجتماعات للاحتفال في صمت، وآخرون يلجأون إلى الحمامات، فتسمع صرخات المباريات تقطع الهدوء المعتاد.
في سويسرا، تلقى الموظفون بمقاطعة "كانتون بازل لاندشافت" بريداً إلكترونياً شديد اللهجة يحظر عليهم بث مباريات كأس العالم أثناء العمل بعد أن تعطلت شبكة الـ"واي فاي" بالمقاطعة خلال المباراة الافتتاحية للبلاد أمام الكاميرون، ما أدى إلى توقف الخدمات الحكومية مؤقتاً.
أما في البرازيل والأرجنتين، حيث الهوس بكرة القدم كافٍ لتحويل أيام المباريات إلى عطلات غير رسمية، فإن بعض العاملين في مدن بعيدة عن منازلهم لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى من توقف المدارس عن العمل خلال هذه الأيام.
وعلى موقع Reddit تساءل أحد المديرين المقيمين في بريطانيا "ما رأيكم في مشاهدة الناس للمباريات خلال ساعات العمل؟" فاستجلب المنشور أكثر من 900 تعليق حتى الآن. وكان أكثر التعليقات حصولاً على أصوات التأييد (بما يزيد على 3 آلاف صوت مؤيد)، تعليقاً يقول: "فريق عمل أكثر سعادة = مكان عمل أفضل. من العار أن معظم المديرين لم يدركوا ذلك بعد".
اقرأ أيضاً
التهرّب خلال أوقات المباريات
وقال كثير من المعلقين على المنشور إن الموظفين لو مُنعوا من مشاهدة المباريات خلال ساعات العمل، فغالب الأمر أن معظمهم سيتهرب من التزام هذه القواعد، ويلجأ إلى تشغيل البث المباشر للمباريات على أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى جانب جداول البيانات الخاصة بالعمل أو أثناء الاجتماعات عبر تطبيق "زووم"، خاصة إذا كان الموظفون يعملون عن بُعد، وإما سيلجأون إلى خيار الإجازة بدعوى المرض.
مع ذلك، قالت منصة ActivTrak المتخصصة في مراقبة الإنتاجية إن بياناتها تشير إلى أن الموظفين يواصلون إنجاز العمل خلال كأس العالم بدرجات شبه مساوية لإنجازه خلال الأيام العادية.
واستندت المنصة إلى بيانات العمل الخاصة بأكثر من 4500 موظف في الولايات المتحدة أثناء مباراة بلادهم مع منتخب ويلز، فقد عُقدت المباراة بعد ظهر يوم الإثنين، في الساعة 2 ظهراً، بتوقيت ولاية نيويورك، ومع ذلك لم تُظهر البيانات أي انحراف واضح عن مسار العمل المعتاد.
لكن حتى إذا لم يكن هناك تغيير في حجم العمل المُنجز، فإن بعض البيانات تشير إلى حدوث تغيير في أوقات إنجاز العمل خلال أيام المباريات. فقد كشف موقع Hive.com، المعني أيضاً بتتبع الإنتاجية، أن أيام المباريات شهدت إقبالاً كبيراً على إنجاز العمل في وقت لاحق من اليوم، وإن لم يشهد مسار العمل عموماً سوى انخفاض طفيف في النشاط خلال البطولة حتى الآن.
وأشارت البيانات إلى زيادة إنتاجية العمل بالشركة بين الساعة الـ3 مساء والـ6 مساء، أي بعد ختام معظم المباريات، علاوة على بعض الزيادة في النشاط المسائي.
"لماذا نعمل بجد؟"
فيما كشف استطلاع أجرته شركة YouGov أن نحو 16% من متابعي كأس العالم في بريطانيا قالوا إنهم يعتزمون مشاهدة مباراة إنجلترا ضد إيران التي جرت بعد ظهر الإثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم في العمل بعد استئذان مديريهم، بينما خطط نحو 13% للحصول على إجازة في هذا اليوم لمشاهدة المباراة، وقال 9% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتزمون التهرب من العمل لمشاهدة المباراة دون إخبار مديريهم.
في السياق، قال روبن بو، وهو مدرب تنفيذي ومؤسس لشركة تطوير قيادة الشركات في مدينة دالاس الأمريكية، إنه تواصل خلال المدة الماضية مع 30 مديراً يعمل معهم ليدعوهم إلى مشاهدة كأس العالم، فأجابوا كلهم بالرفض، وأنهم مشغولون للغاية.
أشار بو إلى أن ذلك استدعى منه بعض التفكير عن غاية الناس من العمل، "لماذا نعمل بجد؟"، فقال للمديرين التنفيذيين العاملين معه إنه لمن قصر النظر أن تقلق بشأن بعض النقص في الإنتاجية، لأنك أمضيت قليلاً من الوقت في بناء العلاقات والاستمتاع ببعض المرح في مكاتب العمل، بل ينبغي النظر إلى ساعتي المباراة على أنهما استثمار في العلاقات.