سبقه إليه كثيرون.. لماذا مُنح توماس إديسون براءة اختراع المصباح الكهربائي؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/12/02 الساعة 20:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/02 الساعة 20:33 بتوقيت غرينتش
المصباح الكهربائي مواقع التواصل

المصباح الكهربائي.. أحد أبرز الاختراعات المثيرة للجدل، ليس لأنه واحد من الابتكارات التي غيرت مستقبل البشرية فقط، ولكن لأن علامات الاستفهام لطالما دارت حول مخترعه الأمريكي الشهير توماس أديسون، وطرح السؤال التالي مراراً وتكراراً: هل أديسون هو من اخترع المصباح الكهربائي حقاً؟ 

من اخترع المصباح الكهربائي؟ 

حصل المخترع الأمريكي توماس ألفا إديسون على أولى براءات الاختراع للمصابيح المضيئة المتوهجة، في عام 1879 ثم حصل على الثانية في عام 1880.

مع ذلك، يجادل بعض المؤرخين بأنه من الإجحاف أن ينسب كل الفضل إلى إديسون في اختراع هذه المصابيح. فوفقاً لهؤلاء المؤرخين كان إديسون الشخص الذي اخترع المصباح المضيء، لكن اختراعه كان ببساطة واحداً ضمن سلسلة طويلة من الاختراعات المشابهة. 

يقول آخرون إنه في حين أن المصباح الكهربائي الذي اخترعه إديسون برز أكثر من أسلافه، فإنه من الواجب أن يُنسب فضل أكبر إلى المخترع البريطاني السير جوزيف ويلسون سوان، الذي عمل على المصابيح المتوهجة في المرحلة الزمنية نفسها، وتشارك مع إديسون لاحقاً الابتكار. 

غير أن مجموعة أخرى من المؤرخين يجادلون بأن هذه التفاصيل ما هي إلا ضرب من التصحيح المفرط، وأن إديسون هو بالتأكيد المخترع الشرعي للمصابيح المضيئة. 

أين الحقيقة إذاً؟ 

المصباح الكهربائي\ مواقع التواصل
المصباح الكهربائي\ مواقع التواصل

ما قبل توماس إديسون

للبحث عن المخترع الحقيقي للمصباح الكهربائي علينا أن نغوص في التاريخ قليلاً ونعود إلى مطلع القرن التاسع عشر، عندما أسس المخترع الإيطالي ألساندرو فولتا مبادئ التحكم في التيار الكهربائي، وتوجت هذه المبادئ بـ"العمود الفولتوي"، الذي شكل ما يعرف حالياً باسم البطارية. 

حقق "فولتا" ثورة باختراعاته آنذاك ولا بد أن اسمه مألوف بالنسبة لكم، فقد سميت وحدة القياس الكهربائية "فولت" تيمناً باسمه. 

ألهم "العمود الفولتوي" الكيميائي البريطاني همفري ديفي لتصميم بطارية خاصة به، واستخدمها لإمداد الطاقة إلى مصباح قوسي. 

المصباح القوسي أنتج في واقع الأمر ضوءاً ظاهراً داخل مصباح، ونظراً إلى أنه ظهر لأول مرة في عام 1806، فإن اختراع ديفي تفوق على اختراع إديسون؛ لكونه سبقه بأكثر من 7 عقود زمنية. 

لكن المصباح القوسي الخاص بديفي كان شديد السطوع وكان من الصعب التحكم فيه، وتطلب مقداراً كبيراً من التيار الكهربائي ولم يستمر في الإضاءة وقتاً كافياً، مما جعله غير عملي للاستخدامات المنزلية على الرغم من استخدامه آنذاك في إنارة الشوارع.

تطويرات متتالية على المصباح الكهربائي 

بعد اكتشاف ديفي، بدأ الكيميائيون يفهمون أن المفتاح الذي يمكن أن يقودهم إلى مصباح متوهج مستدام كان اختيار فتيل كهربائي يمكنه مواصلة التوهج، عند تعرضه لتيار كهربائي، بدون احتراق. 

قدم العالم الأسكتلندي جيمس بومان ليندساي مصباحاً مضيئاً من فتيل نحاس في عام 1835، في حين أن العالم البريطاني وارن دي لا رو قدم مصباحاً ذا فتيل من البلاتين في عام 1840. 

جاءت هذه المصابيح قبل مدة طويلة من اختراع إديسون، لكنها كانت غير عملية بما في الكفاية. فقد كان الفتيل النحاس الذي استخدمه ليندساي يحترق بسرعة، بينما كان البلاتينيوم في مصباح  دي لا رو باهظ الثمن، مع أن فكرة استخدام البلاتين أحرزت تقدماً كبيراً، لأنه ينصهر عند درجة حرارة عالية. 

عانت هذه التصميمات أيضاً من تكنولوجيا الصمام المفرغ الرديئة، التي كانت تعني أن الغاز يمكن أن يُحتبس داخل المصابيح الزجاجية ثم يتداخل مع الفتيل ويُصعِّب عملية إنتاج الضوء.

توماس إديسون \ ويكيميديا
توماس إديسون \ ويكيميديا

إديسون يحل المشكلات التي عجز عنها سلفه

كان توماس إديسون هو المخترع الذي استطاع أخيراً تطوير المصباح الكهربائي ليكون عملياً للاستخدامات المنزلية، ولم يكن ذلك سهلاً، بل جاء بعد سنوات من التجارب. 

أثناء عمله في شركة إديسون للإضاءة الكهربائية، طور إديسون فتيلاً قطنياً ذا مقاومة عالية ظل يحترق لمدة 14 ساعة في أحد الاختبارات. وكذلك استهلك كهرباء أقل بكثير من التصميمات المنافسة. 

استفاد إديسون كذلك من مضخة سبرينغل لتفريغ الهواء، التي اختُرعت في عام 1877، والتي أحدثت تطوراً كبيراً في تكنولوجيا مضخة التفريغ، وسمحت للمُصنِّعين بامتصاص الغازات إلى خارج المصباح الزجاجي. سمح هذا -جنباً إلى جنب مع المقاومة الكهربائية العالية للقطن- للفتيل بأن يحترق لوقت أطول بكثير. 

إديسون يحصل على براءة الاختراع 

تقدم إديسون للحصول على براءة اختراعه في عام 1879، ومنحه مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع مطلبه في يناير/كانون الثاني عام 1880. 

وفقاً لما ورد في موقع HowStuffWorks الأمريكي، يؤكد روبرت فريدل، الأستاذ الفخري في قسم التاريخ بجامعة ميريلاند كوليج بارك، أن تركيز إديسون على الجانب العملي والاستخدام الفعلي هو ما أكسبه مكانته في تاريخ المصابيح المضيئة. 

فمن إذاً المخترع الفعلي للمصباح الكهربائي؟

الإجابة ببساطة، هي أن المصباح الكهربائي لم يكن اختراعاً يعود فضله لشخص واحد، بل اختُرع عبر سلسلة مستمرة من الاختراعات، اعتمد كل اختراع منها على العمل الذي أنجزه العلماء السابقون. 

وقد قدمت براءة اختراع لإديسون ليس لأنه أول من ابتكر فكرة المصباح الكهربائي، بل لأنه أول من قدم مصباحاً كهربائياً صالحاً للاستخدامات العملية. 

علامات:
تحميل المزيد