يبدو أن قلوب الصينيين قد بلغت الحناجر بسبب إغلاقات كورونا الصارمة، حتى إن البلاد شهدت أول مظاهرات كبيرة منذ عقود للمطالبة بإنهاء ما يعرف بـ"سياسة صفر كوفيد"، فلماذا تصر الحكومة الصينية على الإبقاء عليها، رغم إنهاء الإغلاقات في العالم، وهل وراء هذا الموقف أسباب صحية أم أن الأمر برمته سياسي؟
واندلعت عشرات الاحتجاجات مؤخراً في العديد من المدن الكبرى والجامعات في جميع أنحاء الصين شهد بعضها هتافات تطالب بتنحي الرئيس الصيني شي جين بينغ مع تزايد الإحباط من سياسات الحكومة الصارمة بشأن صفر كوفيد (الإغلاق في حالة ظهور أي حالات للوصول لصفر حالات)، حيث خرج المواطنون المحبطون والغاضبون إلى الشوارع في موجة نادرة من المظاهرات، حسب وصف تقرير لصحيفة the Washington Post الأمريكية.
وقال مراقبون غربيون إن هذه الاحتجاجات لا تشبه أي شيء رأوه منذ عقود، وربما تعود إلى حملة القمع الشهيرة للتجمعات الطلابية في ميدان تيانانمن في بكين في عام 1989.
كان الشرارة المباشرة للمظاهرات حريق مميت وقع في مدينة أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانغ (منطقة الإيغور)، في أقصى شمال غرب الصين يوم الخميس، حيث توفي 10 أشخاص، من بينهم ثلاثة أطفال، بعد أن عجزت خدمات الإطفاء في حالات الطوارئ عن الاقتراب بما يكفي من مبنى سكني اشتعلت فيه النيران.
وألقى السكان باللوم على الإجراءات المتعلقة بالإغلاق في إعاقة جهود الإنقاذ؛ حيث ظل المبنى مغلقاً منذ حوالي 100 يوم، وهو ما نفته الحكومة.
ولم تعد سياسة صفر كوفيد الصينية عبئاً على البلاد وسكانها فقط، بل العالم كله، لأن الإغلاقات تؤثر على سلاسل التوريد، وسرعان ما يتردد صداها في العالم كله، مثلما حدث من نقص في منتجات شركة آبل بسببها، كما أن التقديرات للأداء الاقتصادي العالمي تتأثر وأسعار النفط تتراجع جراء الإغلاقات في المدن الصينية الكبرى خاصة شنغهاي، بالنظر لتأثير الاقتصاد الصيني الكبير على بقية العالم.
الصين كانت محط إعجاب عالمي والآن حتى منظمة الصحة العالمية تنتقد إغلاقاتها
في بداية جائحة كورونا وذروتها، كانت الصين محط إعجاب عالمي بسبب إغلاقاتها الصارمة، والتي أدت لمحاصرة المرض وتقليل عدد الوفيات بشكل كبير مقارنة بأكثر دول العالم تقدماً مثل منافستها الولايات المتحدة، التي نظر لإدارة رئيسها السابق دونالد ترامب للأزمة بأنها نموذج للفوضى والفشل الأمريكيين مقارنة بالانضباط الصيني، الذي كان محط إعجاب خاص من النخب الليبرالية واليسارية الغربية وكذلك المسؤولين الصحيين والمثقفين، الذي أرادوا إغلاقاً صارماً على غرار النموذج الصيني.
ولكن اليوم بات هذا النموذج محط انتقاد عالمي واسع النطاق حتى من منظمة الصحة العالمية التي كانت تتهم بأنها تمالئ الصين لدرجة أن نائب رئيس الوزراء الياباني تارو أسو، سبق أن قال متهكماً إنه "يجب إعادة تسمية منظمة الصحة العالمية لتصبح منظمة الصحة الصينية".
غير أنه قبل أشهر، قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن سياسة الصين بعدم التسامح مع فيروس كوفيد -19 ليست مستدامة بالنظر إلى ما هو معروف عن سلوك المرض، وذلك في انتقاد نادر للصين.
وفي حديثه بعد تيدروس، قال مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، مايك رايان، إن تأثير سياسة "صفر كوفيد" على حقوق الإنسان يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً إلى جانب التأثير على اقتصاد البلاد.
ضغوط على الناس وخسائر اقتصادية كبيرة
كبدت سياسة صفر كوفيد الاقتصاد الصيني خسائر فادحة، حيث يتطلب احتواء تفشي المتغيرات الجديدة قيوداً شديدة، وتسببت عمليات إغلاق سياسة الصفر في ربيع عام 2022 في اضطرابات في الاقتصاد الصيني لم يشهدها منذ الانكماش الاقتصادي الحاد في الربع الأول من عام 2020 بسبب تفشي كوفيد الأول في مدينة ووهان التي نشأ فيها الفيروس.
وفي أعقاب الزيادة في حالات Covid-19 ، في 18 نوفمبر/تشرين 2022، كانت "المتاجر غير الضرورية" في بعض مناطق العاصمة أول من أغلق. ثم تم إغلاق جميع المدارس لمدة أسبوع على الأقل. في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، صدرت أوامر لبعض الشركات بأن يعمل 95% من موظفيها من المنزل.
ويطلب إجراء اختبارات لمن لا يزيد عمره عن 48 ساعة ويرغب في استخدام وسائل النقل العام أو دخول معظم الأماكن العامة.
ومنذ أسبوعين حتى الآن، تطلب الغالبية العظمى من الشركات ومراكز التسوق إجراء اختبارات منذ أقل من 24 ساعة. بالإضافة إلى ذلك، صدرت أوامر لمئات الآلاف أو حتى الملايين من سكان بكين بالبقاء في منازلهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Le Monde الفرنسية.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن امرأة من بكين قولها: "كانت هناك حالة إيجابية في مدرسة ابني الأسبوع الماضي. ونتيجة لذلك، يتعين علينا العزلة في المنزل لمدة أسبوع، وكذلك والديّ لأنهما يصطحبانه بعد المدرسة".
مثل هذه الإغلاقات واسعة الانتشار، اعتباراً من الخميس الماضي، لا يُسمح لأي شخص يدخل شنغهاي بالذهاب إلى أي مكان عام لمدة خمسة أيام. ومنذ أسابيع حتى الآن، تعرض الأشخاص في قوانغتشو أو تشونغتشينغ لعمليات إغلاق أكثر صرامة، مما أثار أعمال شغب صغيرة.
وقع مؤخراً حادث حافلة أسفر عن مقتل 27 شخصاً أثناء نقلهم إلى مركز الحجر الصحي في مقاطعة قويتشو، بينما كان عدد الوفيات المرتبطة بكوفيد التي أبلغت عنها المقاطعة منذ بدء الوباء اثنتين فقط.
كما أدى الإغلاق المفاجئ في شنغهاي إلى ترك السكان دون طعام كافٍ وأثار احتجاجات عبر الإنترنت وخارجها. وزادت حالات الوفاة المرتبطة بالقيود من الغضب العام، بما في ذلك حالة طفل يبلغ من العمر 3 سنوات توفي بعد أن تعذر على والديه نقله إلى المستشفى بسبب الإغلاقات.
في الشهر الماضي في مدينة تشنغتشو، اشتبك الآلاف من العمال في مصنع Apple iPhone مع شرطة مكافحة الشغب وهدموا الحواجز، ويرجع ذلك جزئياً إلى قيود Covid.
في جميع أنحاء المدن المغلقة، شارك السكان أيضاً شائعات وتقارير عن حالات انتحار ووفيات أخرى ربطوا بها تطبيق سياسة صفر كوفيد الصارمة.
مشاهد الجماهير في مونديال قطر تضاعف غضب الصينيين
من الأمور التي ضاعفت الإحباطات في الصين من سياسة صفر كوفيد، هو عودة بقية العالم إلى الحياة الطبيعية، بينما لا يزال سكان الصين يتعرضون لعمليات إغلاق قاسية مفاجئة لمناطق تتراوح من المتاجر الفردية إلى مقاطعات بأكملها، غالباً بسبب حالات قليلة من انتشار المرض.
المشاهد التي تبث من مونديال قطر، تزيد الوضع سوءاً بالنسبة للسلطات الصينية حيث تظهر، تجمع مئات الآلاف من الأشخاص في الملاعب القطرية لمشاهدة كأس العالم لكرة القدم، الأمر الذي يعد مشهداً صادماً للمتفرجين الصينيين المفروض عليهم عدم تنظيم أي تجمعات.
ويحاول الإعلام الصيني تجنب نقل مشاهد الجماهير، ولاحظ المراقبون أن المذيعين الصينيين يستعدون تقليديًا لـ "الرقابة المسبقة" على المباريات الرياضية الدولية، وتجنب اللقطات الجماعية في حالة حمل شخص ما علماً حساساً سياسياً أو ما شابه، ولكن في السياق الحالي، تلقى ممارسة محاولة تجنب مشاهد التجمعات الآن الكثير من الاهتمام والنقد.
الشركات الغربية مستاءة من سياسة صفر كوفيد وبعضها يفكر في الرحيل
هناك استياء متزايد من قِبَل الشركات الغربية العاملة في الصين من إغلاقات سياسات صفر كوفيد، حسبما ورد في تقرير لموقع the Daily Beast الأمريكي..
وأظهرت أزمة سلاسل التوريد مدى اعتماد الغرب على الصين، وكانت هذه الأزمة قد بدأت مع خروج العالم من إغلاقات كورونا بالتزامن مع عودة الصين لسياسة صفر كوفيد.
وقالت ما يقرب من ربع الشركات الأوروبية التي شملها استطلاع في أبريل/نيسان 2022 إنها تفكر الآن في الخروج تماماً من الصين.
وبالفعل بدأت الشركات الأجنبية تضغط على زر الإيقاف المؤقت؛ حيث تم تعليق الاستثمارات الجديدة المتوجهة للصين في الوقت الحالي بسبب عدم تغيير الصين لسياسة بشأن صفر كوفيد والقلق من علاقة الصين بروسيا.
لماذا يصر الرئيس الصيني على سياسة صفر كوفيد؟ تكهنات بوجود أسباب سياسية
وبعيداً عن مبالغات الإعلام الغربي، فمن الواضح بالفعل أن الاستمرار في سياسة صفر كوفيد بدأ يخنق الصينيين رغم ما عرف عنهم من صبر وطاعة نادرين لقياداتهم.
ويبدو أن هناك شعوراً قد يكون صادقاً أو كاذباً بأن الحكومة تبقي على سياسة صفر كوفيد لتعزيز سيطرتها على الرأي العام في ظل سعي الرئيس الصيني لإحكام السيطرة على السلطة وعزل البلاد عن العالم بشكل أكبر خلال السنوات الماضية، كما ظهر ذلك في منع مواقع التواصل الغربية من الوصول للمواطنين الصين وإنشاء ما يسمى بـ"السور الناري العظيم" لفرض الرقابة على الإنترنت.
وبالتالي أصبح ينظر إلى سياسة صفر كوفيد على أنها أداة للقمع السريالي على طريقة الأفلام الأمريكية التي تتحدث عن طغاة المستقبل الرقميين الذين يراقبون الناس ويتحكمون في حياتهم.
لا يمكن استبعاد أن يكون هناك مبالغة غربية في توصيف الاستياء الشعبي الصيني ضد النظام جراء سياسة صفر كوفيد، غير أنه أي الوقت ذاته، فإن أي إشارة أو تنازلات في اتجاه إنهاء سياسة صفر كوفيد كرد فعل على الاحتجاجات، ستكون بمثابة إشارة ضعف من قبل الرئيس الصيني لشعبه ونظامه، وتدفع لمزيد من المطالبات التخفيفية في مسائل أخرى، وقد تفتح الباب لتدخل غربي.
لماذا لا تريد بكين اللجوء إلى اللقاحات الأمريكية؟
ولكن بعيداً عن الأسباب السياسية المحتملة، هناك أسباب صحية وراء إصرار الرئيس الصيني على سياسة صفر كوفيد.
فرغم حملات التطعيم الواسعة ما زال هناك قطاع كبير من الصينيين المسنين لم يتلقوا التطعيم، كما يعتقد على نطاق واسع أن اللقاحات الصينية أقل فعالية بشكل كبير في توفير الحماية، من نظيراتها الغربية، وحتى الروسية.
وقد أفادت تقارير إعلامية بأن الدول الغربية قد عرضت على الصين تزويدها بلقاحات غربية، ولكن بكين رفضت، ويبدو أن السبب أن قبولها سيبدو هزيمة علمية لبكين أمام الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت قدمت فيه الصين نفسها بانها أكفأ وأكثر ميلاً للخير من الغرب في ذورة جائحة كورونا حيث توصلت للقاحات أسرع من الغرب وتبرعت بأعداد هائلة من اللقاحات إلى دول العالم، بينما كان الغرب يتصارع على اللقاحات ويمنعها عن بعضها البعض، ويتجاهل دول العالم الثالث تماماً.
قد تكون الصين الآن ضحية أنها الواقع الجديد في عهد الرئيس شي الذي تنصب فيه نفسها كمنافس للولايات المتحدة قبل الآوان.
لسنوات كانت تعتبر بكين نفسها دولة نامية كبيرة الحجم وقبل الشعب الصيني هذه التوصيف، وكان الغرب ينظر لها على أنها مجرد دولة تصنع منتجات مقلدة أو منصة لتجميع منتجات غربية بسعر أرخص مع الإبقاء على تصنيع الأجزاء الأكثر تعقيداً في الغرب.
واستفادت الصين كثيراً من هذا الوضع، ولكن اليوم باتت بكين منافس واشنطن، وهي منافسة لها أعباء ولو معنوية، وأي تقصير في هذه المنافسة سيكون فاضحاً، ومدمراً لسردية الرئيس شي بأن بلاده قوة عظمى مرشحة لتكون أفضل من أمريكا.
وبالفعل أظهر التنافس بشأن اللقاحات الفوارق بين الصين وأمريكا.
كانت الصين أسرع في التوصل للقاحات من الغرب، وأنتجت كميات أكبر وبشكل أسرع كثيراً، لأنها ببساطة اعتمدت على الطريقة التقليدية في إنتاج اللقاحات عبر إضعاف أو إماتة الفيروس مع الاستفادة من التجارب الميدانية الواسعة بفضل النظام القوي إضافة لحجم مصانعها الضخم.
وهكذا ظهرت نقطة قوة الصين، القدرة على إنتاج الأشياء بنمط تقليدي وبسرعة هائلة وبكميات ضخمة وأسعار رخيصة عبر استخدام الوسائل المجربة، ولكن النتيجة عادية وآمنة، ولكن ليست مبتكرة ولا ثورية.
على العكس، تأخرت أمريكا ولكنها أنتجت لقاحات ثورية (لقاحي فايزر- بيونتك وموديرنا) بوسائل حديثة للغاية وهي تقنية الحمض النووي الوراثي "RNA" نتج عنها لقاحات باهظة الثمن، ومثيرة للجدل بشأن الأمان أحياناً، ولكنها في الوقت ذاته مثلت نقلة في مقدار الحماية التي توفرها مقارنة باللقاحات الصينية أو حتى اللقاح البريطاني السويدي "أسترازينيكا" (اللقاح الروسي سبوتنيك كان قريباً في الفعالية من اللقاحات الأمريكية الألمانية).
كما أظهر لقاح فايزر-بيونتيك تحديداً استفادة شركة فايزر الأمريكية العملاقة من التقنية التي ابتكرتها في الأصل شركة بيونتيك الألمانية، وهو ما يشير إلى أن جزءاً من القوة الأمريكية العلمية ونفوذها نابع من نفاذيتها الواسعة وهيمنتها على حلفاء لا يقلون ثراءً وتقدماً عنها، مما يمثل عامل مضاعف للقوة الأمريكية مقابل الصين التي لا تمتلك حلفاء مماثلين.
الصين ضحية نجاحها الأول وهناك منطق طبي وراء تمسكها بسياسة صفر كوفيد
كان نجاح الصين في فرض إغلاقات صارمة حاصرت المرض بشكل مثير للإعجاب في بدايته، هو نفسه جزء من أسباب المأزق الحالي.
فهذا يعني بمنتهى البساطة أن الصينيين لم يصابوا بالمرض على نطاق واسع مثل بقية العالم، تداخل هذا مع ضعف اللقاحات الصينية لتجعل الشعب الصيني يعاني أكثر من غيره من ضعف المناعة الجماعية أو غياب ما يعرف بمناعة القطيع.
يمثل هذا مشكلة خاصة للصين باعتبارها مجتمعاً يضم عدداً كبيراً من المسنين خاصة أن نسبة كبيرة منهم غير ملقحين (تلقى 59٪ فقط من هذه الفئة العمرية جرعة واحدة من اللقاح)، وذلك خوفاً من الآثار الجانبية، كما أنهم لم يروا أي سبب للحصول على اللقاح في بلد كان لا يبلغ عن أي حالات تقريباً، حسبما ورد في تقرير لموقع لـNBC الأمريكي.
ويُعتقد أن الصين تخشى أن يتعرض هؤلاء لمشكلة كبيرة، خاصة أنه رغم تطور النظام الصحي الصيني، فإنه لم يصل بعد لمستوى الدول الغربية والآسيوية الأكثر تقدماً.
يمكن أن يؤدي التخلي بسرعة عن قيود الجائحة إلى حدوث إصابات على نطاق واسع وزيادة في الوفيات؛ نظرًا للنظام الطبي الذي يعاني من نقص الموارد وكثرة السكان المسنين الذين لا يتمتعون بالحماية الكافية. وهذا من شأنه أن يقوض التأكيد المتكرر لزعيم الحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ على أن "الناس والأرواح يجب أن تأتي أولاً".
وساعدت الاستجابات الصارمة للوباء – المدعومة أيضاً بطاعة عامة لا مثيل لها – في الحفاظ على عدد عدوى COVID-19 المحلية عند مستويات منخفضة للغاية وتقليل الانقطاعات في خدمات الرعاية الصحية غير المرتبطة بالوباء.
ولكن قد يؤدي التخفيف المفاجئ للسياسة الحالية إلى المخاطرة بخرق التوازن بين احتياجات الرعاية الصحية لـ COVID-19 وغير COVID-19 وإرهاق نظام الرعاية الصحية المتأخر مقارنة بالعديد من الدول الغربية والآسيوية المتقدمة.
بحلول نهاية عام 2020، بلغ عدد الأطباء الممارسين في البر الرئيسي للصين 2.9 لكل ألف شخص مقارنة بـ 2.6 في الولايات المتحدة، و 4.4 لمتوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (التي تضم الدول المتقدمة).
بدا النقص في عدد الممرضات أكثر إثارة للقلق، حيث تم الإبلاغ عن عدد 3.34 من الممرضات في الصين لكل ألف من السكان أي أقل بكثير من مستوى الولايات المتحدة البالغ 12.0 ومتوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 8.8 ممرضة.
وأظهرت جائحة كورونا في ذروتها أنه حتى النظام الصحي في الولايات المتحدة أغنى دولة في العالم لم يصمد أمام سيل المرضى، وحدث أمر مماثل مع دول مثل إيطاليا وإسبانيا وبصورة أقل في بريطانيا وفرنسا.
فدول قليلة هي التي تمكنت من تنظيم إغلاقات معتدلة مع إدارة تفشي كبير للمرض دون خسائر بشرية كبيرة، وأغلب هذه الدول تتسم بأنها شديدة التقدم والانضباط مع قدر عالي من المساواة في النظام الصحي والاستثمار فيه بشكل كبير.
كانت ألمانيا من أنجح النماذج في هذا الصدد، ونجحت تركيا في تقديم مثال قريب رغم أنها ليست في نفس مستوى التقدم الاقتصادي والعلمي مثل دول شمال أوروبا، ولكن تمكنت من تحقيق ذلك، عبر إدارة مرنة للإغلاقات، مع مراعاة حاجات الاقتصاد وكذلك امتلاكها نظام صحي قوي جداً مقارنة بمستوى البلاد الاقتصادي.