ما زالت الانقسامات مستمرة بين حكومات دول الاتحاد الأوروبي بشأن مستوى الحد الأقصى لسعر النفط الروسي، الذي يهدف فرضه إلى الحد من قدرة موسكو على تحمّل تكاليف حربها في أوكرانيا دون التسبب في صدمة لإمدادات النفط العالمية، بينما حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي.
حسب وكالة رويترز لم تتوصل دول الاتحاد الأوروبي، الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلى اتفاق بشأن مستوى سعر النفط الروسي المنقول بحراً، لأن البعض اعتبر الحد الأقصى الذي اقترحته مجموعة السبع، والذي يتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل، مرتفعاً بينما رأى آخرون أنه منخفض جداً.
انقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي
فقد انخرطت كل من المفوضية الأوروبية وجمهورية التشيك، التي ترأس حالياً الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وألمانيا، التي ترأس مجموعة السبع، في محادثاتٍ اليوم الخميس؛ لتقليل الخلافات والتوصل إلى اتفاق قبل موعد دخول الحد الأقصى للسعر حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر/كانون الأول.
بينما قال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي: "هناك كثير من المحادثات الثنائية تجري الآن على مستويات عالية جداً. سيعقد اجتماع لممثلين لجميع دول الاتحاد الأوروبي بمجرد حدوث تقدم. لا جدوى من الدعوة إلى اجتماع آخر إذا لم يحدث تغيير".
كما قال دبلوماسيون إن ست دول من إجمالي 27 عضواً في الاتحاد الأوروبي تعارض مستوى الحد الأقصى للأسعار الذي اقترحته مجموعة السبع.
حسب رويترز، يتم نقل ما بين 70 و85% من صادرات الخام الروسية عبر ناقلات وليس خطوط الأنابيب. وتتمثل فكرة الحد الأقصى في منع شركات الشحن والتأمين وإعادة التأمين من التعامل مع شحنات الخام الروسي حول العالم ما لم يتم بيعها بأقل من السعر الذي تحدده مجموعة السبع وحلفاؤها.
نظراً إلى أن شركات الشحن والتأمين الرئيسية في العالم تتمركز بدول مجموعة السبع، فإن الحد الأقصى للأسعار سيجعل من الصعب جداً على موسكو بيع نفطها- وهو أهم صادراتها ويمثل نحو 10% من المعروض العالمي- بسعر أعلى.
فيما يتم تداول خام الأورال الروسي بالفعل ضمن النطاق الخاضع للمناقشة عند نحو 68 دولاراً للبرميل. وقالت مؤسسة يورو إنتلجانس للأبحاث في مذكرة: "هذا يعني أن الحد الأقصى المقترح سيكون إما نفس سعر تداول النفط الروسي في السوق المفتوحة، أو أعلى قليلاً منه".
بوتين يُحذر الدول الغربية
من جهته، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، من وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي، وهو ما تسعى إليه دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا رداً على تورط روسيا في حرب أوكرانيا.
جاء ذلك خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقش بوتين خلالها محاولات الدول الغربية تحديد سعر النفط الروسي ووضع حد أقصى له، حسبما نقل بيان صادر عن الرئاسة الروسية "الكرملين".
حيث قال بوتين إنّ وضع سقف لأسعار النفط الروسي ستكون له "عواقب وخيمة على أسواق الطاقة العالمية"، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول.
في السياق، أوضح البيان أن الجانبين قدما تقييماً متفائلاً للعمل المشترك في إطار تحالف "أوبك +"، مما يجعل من الممكن دعم استقرار سوق النفط العالمي.
في وقت سابق من اليوم الخميس، أعلن الكرملين أن روسيا "لا تعتزم توريد النفط والغاز للدول التي تدعم فرض سقف لسعر النفط الروسي"، إلا أن قراراً نهائياً في هذا الشأن لم يُتخذ.
توقعات بـ"أزمة كبرى" في شتاء 2023
من جهة أخرى، توقعت الوكالة الدولية للطاقة أن تواجه أوروبا "أزمة كبرى" خلال فصل الشتاء المقبل، داعيةً دول القارة إلى ضرورة إيجاد سبل للتعامل مع أزمة إمدادات الغاز الطبيعي في الأشهر القادمة.
إذ قال رئيس الوكالة (مقرها باريس) فاتح بيرول، خلال ندوة بالعاصمة الألمانية برلين، الخميس: "ستواجه أوروبا هذا الشتاء مشكلات اقتصادية واجتماعية، على خلفية الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي وزيادة تكاليف الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا".
أضاف: "الشتاء القادم سيكون أصعب من هذا الشتاء (2022)"، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس". وأشار بيرول إلى حقيقة أن إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا قد تنتهي تماماً العام المقبل.
في السياق، أوضح رئيس الوكالة الدولية للطاقة أن روسيا نفسها قد تشعر ببعض الآثار المكلفة الناتجة عن خلافاتها مع الدول الأوروبية. وتابع: "75% من صادرات روسيا من الغاز و55% من نفطها كان يذهب إلى أوروبا قبل الحرب، لذا فإن موسكو بحاجة إلى إيجاد أسواق جديدة لإنتاجها".
كما اعتبر بيرول أن من "الخطأ تماماً" افتراض أن روسيا ستعتمد على آسيا بوصفها سوقاً بديلاً، مشيراً إلى أن بناء خطوط الأنابيب عبر سيبيريا سيستغرق عقداً من الزمن، وأن ناقلات النفط تحتاج إلى عشرة أضعاف الوقت للوصول إلى العملاء في الشرق مقارنة بأوروبا.
في هذا الشأن، توقع بيرول أن تخسر روسيا معركة الطاقة، مضيفاً: "وكالة الطاقة الدولية حسبت أن موسكو ستخسر نحو تريليون دولار من العائدات بحلول عام 2030 بسبب حربها في أوكرانيا".
وبينما أشار إلى أن أزمة الطاقة لها أيضاً تأثيرات شديدة على الدول النامية، قال إنها ستساعد في تسريع الانتقال إلى بدائل للوقود الأحفوري.