أزمة تواجه المسلسلات الثلاثة المقترحة أفكارها من الرئاسة المصرية والتي كان من المفترض أن تعرض في موسم رمضان 2023 وتنتجها شركة المتحدة التابعة للمخابرات المصرية، إذ بدأت المسلسلات في التصوير بالفعل لكنها توقفت لأسباب مختلفة، نعرضها في التقرير التالي.
إيقاف مسلسل الحشاشين لأسباب مجهولة..
مصدر مسؤول بالشركة المتحدة كشف في اتصال مع "عربي بوست"، أن هناك أزمات تلاحق المسلسلات الثلاثة، إذ تقرر تأجيل مسلسل "الحشاشين" الذي كان يُفترض أن يلعب بطولته الممثل كريم عبد العزيز، رغم بدء التصوير في مالطة.
لكنه وبعد أسبوع من العمل، انتهى فيه المخرج بيتر ميمي من تصوير أغلب مشاهد الحلقة الأولى، فوجئ طاقم العمل بمكالمة هاتفية من مسؤول بالشركة المتحدة يطلب فيها إيقاف التصوير والعودة في أسرع وقت إلى مصر.
كما ذكر المصدر أن المسلسل تم رفعه من قائمة مسلسلات رمضان المقبل رغم حماسة الشركة المنتجة لتصويره، خاصةً أن فكرته كانت بطلب من الرئاسة بشكل مباشر؛ في محاولة منها لمحاربة الفكر المتطرف السائد في مصر، وأنها ينبغي أن تبدأ من الجذور التي تعود- بحسب رؤيتهم- إلى جماعة الحشاشين.
و"الحشاشين" هي أول جماعة إسلام سياسي منظمة بقيادة حسن الصباح، تقوم بتنفيذ الاغتيالات وفرض أفكارها المتطرفة على المجتمع، وكان هناك طلب بربط المسلسل بين "الحشاشين" وجماعة الإخوان المسلمين التي نجحت في التغلغل بنسيج المجتمع المصري منذ تأسيسها على يد الراحل حسن البنا في عشرينيات القرن الماضي.
وأضاف المصدر أنه تم تكليف الكاتب المعروف عبد الرحيم كمال بكتابة سيناريو وحوار المسلسل، وتمت الموافقة عليه من الشركة المتحدة ورصدت له ميزانية مبدئية، وبدأ التصوير في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالفعل.
لكن صدر قرار إيقاف التصوير فجأة ودون مبررات، مشيراً إلى أن ما تم تسريبه لوسائل الإعلام عبر مصادر في الشركة، هو أن إيقاف التصوير سببه اكتشاف أن الميزانية الموضوعة غير كافية، وأنّ المسلسل يحتاج إلى أضعافها ليكتمل إنتاجه، وهو ما يحول دون استكمال التصوير في الوقت الراهن على الأقل.
لكن هذا التبرير غير حقيقي بحسب المصدر، لأن تقدير الميزانية يحدده طاقم العمل بناء على تصورهم لتكاليف الإنتاج المختلفة.
أسباب غير صحيحة
عادةً ما تكون الفروق طفيفة بين الميزانية المقدرة والحقيقية حسب المصدر، كما أن هذه ليست المرة الأولى التي يعمل فيها المخرج بيتر ميمي مع الشركة ومن ثم ليس من المعقول أن يكون أخطأ مع طاقمه الإداري في تقدير التكاليف المبدئية.
وأضاف المصدر أن تصريح الممثل كريم عبد العزيز، بطل العمل، لبرنامج تلفزيوني، بأن تأجيل تصوير المسلسل سببه ضخامة الإنتاج، أمر لا يختلف عن التبرير الأول، لأنه من غير المعقول أن الجهة المنتجة أو المخرج وطاقم العمل لم يكتشفوا ضخامة العمل وضرورة التجهيز الجيد له إلا بعد انتهاء أسبوع كامل من التصوير!
وكشف أن السبب الحقيقي لإيقاف تصوير المسلسل هو تحفُّظ الرئاسة على السيناريو الذي كتبه الكاتب عبد الرحيم كمال دون أن يعرض على رئيس المخابرات قبل بدء التصوير، بسبب انشغاله الشديد في تلك الفترة.
لكن بعد الاطلاع على الحلقات الأولى من المسلسل تم التدخل لوقف تنفيذ المسلسل، لأن الكاتب تعامل مع جماعة الحشاشين من منظور تاريخي محايد ولم تتم معالجة فكرة الجماعة من منطلق أنهم متطرفون.
وتطرق المصدر إلى وجود احتمالية إسناد كتابة المسلسل إلى كاتب آخر غير عبد الرحيم كمال، أو ربما يتدخل وسطاء لإقناع الكاتب بتعديل السيناريو.
مسلسل الإمام الشافعي.. السيناريو لكاتبة مسيحية
المسلسل الثاني الذي كان يُفترض أن يبدأ تصويره قريباً للعرض في رمضان المقبل، هو "الإمام الشافعي" الذي أسندت بطولته للممثل خالد النبوي، وكان يُفترض أن تكتبه الكاتبة المسيحية مريم نعوم، في مفارقة غريبة من الشركة المتحدة أن تسند كتابة عمل فني تاريخي عن واحد من الأئمة الأربعة في الإسلام إلى كاتبة مسيحية!
"عربي بوست" تواصل مع أحد أفراد فريق عمل المسلسل؛ لمعرفة أسباب التأجيل رغم حماسة الشركة المتحدة لتصويره وعرضه في رمضان المقبل، خصوصاً أن العمل فكرة الرئيس المصري نفسه.
قال المصدر إن مشاكل السيناريو هي السبب الحقيقي وراء قرار التأجيل، إذ أُسندت كتابته إلى أكثر من سيناريست وكتبوا بالفعل بضع حلقات منه عُرضت على الرئاسة المصرية، لكن التنفيذ لم يكن قريباً من الفكرة المطلوبة.
تتلخص فكرة المسلسل في عرض قصة الإمام الشافعي باعتباره من أصحاب المواقف الجريئة والمجددة في الإسلام، والتركيز على صراعه مع أنصار الإمام مالك الذين رفضوا مخالفة آراء الشافعي لإمامهم، مع ربط ذلك عبر إسقاطات واضحة بمحاولات تجديد الخطاب الديني في مصر وإظهار التشدد من قبل علماء الأزهر الشريف.
وبعد رفض عدة مشروعات لسيناريوهات استقر الرأي على إسناد الكتابة الى الكاتبة المسيحية مريم نعوم، التي رأى المسؤولون أنها ستكون متحررة في الكتابة عن الأزهر دون حسابات أو مخاوف كُتاب السيناريو المسلمين.
بدأت نعوم في كتابة الحلقات الأولى بالفعل، لكنها لم تحصل على الضوء الأخضر على المسلسل، لذلك توقف العمل إلى حين الحصول على إذن التنفيذ عليه.
"سلطان مصر" يعيد خالد يوسف إلى الدولة!
أما المسلسل الثالث فهو للمخرج خالد يوسف، الذي عاش خلال السنوات الماضية حالة تباين واضحة مع النظام المصري الحالي بداية من دخوله البرلمان المصري السابق ضمن تحالف "25/30″، مروراً بتسريب فيديو فاضح له وتحويله للمحاكمة، ما أجبره على الخروج من مصر والعيش في فرنسا، ثم عودته قبل نحو عام بعد تدخل مسؤولين فرنسيين كبار لإقناع مصر بالعفو عنه.
ونهاية بالتصالح معه لدرجة الاستعانة به لكتابة وإخراج مسلسل اقترحه الرئيس السيسي نفسه حول تطور الحركة الوطنية المصرية من زمن الحملة الفرنسية وحتى الآن، ويحمل المسلسل اسم "سلطان مصر".
المسلسل عن قصة قصيرة للكاتب الراحل يوسف إدريس بعنوان "سره الباتع"، وتحكي في الأساس عن قبر لرجل يدعى حامد السلطان، في واحدة من قرى مصر، يتحول إلى مقام مقدس يتبرك به أهل القرية والقرى المجاورة.
مصدر بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المنتجة للمسلسل، قال لـ"عربي بوست"، إن يوسف أجرى تعديلات جوهرية على القصة لتتحول من رصد لقيمة الخرافات في المجتمع المصري إلى رصد لتطور الحركة الوطنية المصرية من أيام الحملة الفرنسية وصولاً الى وقتنا الحالي.
يؤكد أن الفكرة قريبة من المطلوب، وهو ربط ما قام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضد حكم جماعة الإخوان بتاريخ الحركة الوطنية المصرية وأبطالها بداية من الشيخ محمد كريم الذي قاد النضال ضد الفرنسيين.
وأضاف المصدر أن خالد يوسف الذي يكتب سيناريو المسلسل بنفسه كان ينوي إنتاجه عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 بشكل مختلف، لكنه وجد فيه فرصة جيدة للعودة إلى العمل من جديد تحت مظلة الشركة المتحدة من خلال مسلسل يجسد رغبة الرئيس السيسي شخصياً.
قام يوسف بعمل تعديلات جوهرية ليس فقط على القصة الأصلية ولكن على السيناريو، الذي كان يقول للمقربين منه إنه أعده بالفعل في نهاية عام 2011، تمهيداً لإنتاجه.
وبحسب المصدر يحاول خالد يوسف في المسلسل وضع نقاط تقارب بين البطل الذي يجسد دور سلطان مصر والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، من ناحية أن الاثنين عرّضا حياتهما للخطر من أجل إنقاذ مصر من المحتل.
يشبه يوسف جماعة الإخوان التي حاولت السيطرة على حكم مصر عقب ثورة يناير، بالحملة الفرنسية التي سعت بقيادة نابليون بونابرت لاحتلال مصر، كما أن أحداث المسلسل تصور الحوادث الإرهابية التي وقعت في سيناء، خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي ويحمّل مسؤوليتها لجماعة الإخوان المسلمين.
ويعرض كذلك خطورة المصالحة مع الجماعة، وهي الفكرة التي عرضتها في وقت سابقٍ بعض الأجهزة الأمنية في أثناء مراحل الإعداد للحوار الوطني، لكنها قوبلت برفض من السيسي.
اختتم المصدر بالتعبير عن رؤيته لخطأ خالد يوسف بالربط بين السيسي وسلطان مصر الذي يشير إلى المناضل محمد كريم قائد النضال ضد الفرنسيين، لأن كفاح كريم انتهى بإعدامه رمياً بالرصاص على يد الفرنسيين، وهو تلميح غير موفق.