هل يكتفي بايدن “العجوز” بفترة رئاسية واحدة، ومن قد يكون المرشح الديمقراطي لمنافسة “ترامب”؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/22 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن / رويترز

أكمل جو بايدن عامه الثمانين، ورغم إعلانه أنه يريد الترشح لفترة ثانية، فإن عمره المتقدم وزلات لسانه المتكررة قد يرغمانه على إفساح المجال لخليفة أصغر سناً كي ينافس ترامب، المرشح الجمهوري المحتمل.

صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية تناولت قضية السن المتقدم لبايدن، والتي يرى بعض الديمقراطيين أنها تمثل مشكلة في منافسة الرئيس على ولاية ثانية في 2024، بعد أن أصبح أول ثمانيني يشغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

إذ كان بايدن أكبر رئيس يتولى المنصب، وإذا أعيد انتخابه فسيكون أكبر بعشر سنوات من أكبر رئيس أمريكي في الولاية الثانية، وهو رونالد ريغان، الذي كان يبلغ من العمر 73 عاماً حين أدى اليمين الدستورية عام 1985. وتفاقم أخطاء بايدن اللفظية المتكررة من مخاوف البعض في حزبه بشأن عمره، كما تظهر استطلاعات الرأي أنَّ العديد من الناخبين لديهم شكوك مماثلة.

بايدن.. من قد يخلفه؟

قال بايدن، خلال حملته الرئاسية لعام 2020، إنه يعتبر نفسه جسراً للجيل القادم من قادة الحزب الديمقراطي. ويقول بعض المُشرّعين ومسؤولي الحزب إنَّ على جو بايدن التنحي لإفساح الطريق لتلك المجموعة الجديدة.

وأضاف النائب الديمقراطي من مينيسوتا، دين فيليبس: "أعتقد أنه قدم أداءً رائعاً فيما يتعلق بدور الجسر الذي وعد به. والمسألة هي أنه حان الوقت لمشاركة جيل جديد من القادة".

ففي حالة اقتنع بايدن في نهاية المطاف بالاكتفاء بفترة واحدة في البيت الأبيض وإفساح المجال، فمن يمكن أن يحمل راية الديمقراطيين؟ كامالا هاريس.. ربما لن يستفيد أحد من تنحي بايدن المتقدم في السن وعدم ترشحه لفترة ثانية أكثر من نائبته كامالا هاريس، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

فالمدعية العامة السابقة التي كانت عضوة في مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا، والبالغة من العمر 58 عاماً، حطمت الكثير من القوالب حين أصبحت أول امرأة سوداء ومن أصول آسيوية تشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة.

في العام الماضي، شغلت منصب القائم بأعمال الرئيس لفترة وجيزة وذلك خلال الـ85 دقيقة التي استغرقها خضوع بايدن لفحص القولون بالمنظار، لكن قد تكون تلك الفترة المقتضبة هي أبعد ما يمكن أن تصل إليه هاريس، التي يبدو أن شعبيتها أقل من شعبية بايدن نفسه، خاصة أن بعض الناخبين قد شككوا مؤخراً في كفاءتها.

فمنذ توليها المنصب، تم تكليفها ببعض من أصعب الملفات في الإدارة الأمريكية، بما في ذلك ملف الهجرة وأمن الحدود، خاصة بعد ازدياد معدلات تدفق المهاجرين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. ويتهمها النقاد المحافظون بأن ظهورها الإعلامي غريب في بعض الأحيان، كما أدى ارتفاع معدل تغيير الموظفين، والتقارير عن الانخفاض في الروح المعنوية في مكتب نائبة الرئيس إلى تفاقم الأمور.

لكن أنصار نائبة الرئيس، بما في ذلك جيش من المعجبين والمناصرين عبر الإنترنت، يُطلق عليهم أحياناً اسم (خلية- ك) "K-Hive"، يصرون على أنها تعرضت للهجوم والتشهير بشكل غير عادل من قبل شخصيات كارهة للنساء ومتحيزة جنسياً.

نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس – رويترز

غافن نيوسوم.. سياسي ديمقراطي لمع نجمه مؤخراً وباتت تدور حوله الكثير من التكهنات لخلافة بايدن في عام 2024، وهو حاكم ولاية كاليفورنيا البالغ من العمر 55 عاماً، والذي اكتسب شهرة على الصعيد الوطني لأول مرة عندما أصدر، بصفته عمدة مدينة سان فرانسيسكو في عام 2004، تراخيص زواج المثليين في انتهاك واضح لقانون الولاية وقتها.

ونيوسوم هو رائد أعمال اشتهر بتجارة النبيذ، وبعد انتخابه حاكماً لكاليفورنيا في عام 2018 أثبت نفسه كحصن تقدمي منيع ضد إدارة ترامب المحافظة. ونال الثناء على قيادته الحازمة في بداية تفشي وباء كورونا، لكن العشاء الذي انتهك فيه نيوسوم قواعد كوفيد والتقطته بعض الكاميرات أدى العام الماضي إلى محاولة لتنحيته عن منصبه قبل انتهاء فترة ولايته.

في نهاية المطاف، وبعد تغلبه على تلك المحاولة التي قادها جمهوريون، يدخل نيوسوم فترة ولاية ثانية حاكماً لكاليفورنيا بعد فوزه مرة أخرى في انتخابات التجديد النصفي في وقت سابق من هذا الشهر.

يتمتع نيوسوم بكافة المقومات اللازمة لخوض حملة انتخابية ضخمة، بالإضافة إلى دعم المانحين الديمقراطيين الرئيسيين، لكن ما لفت الانتباه إلى طموحه السياسي مؤخراً هو رغبته الواضحة في خوض المعترك السياسي على ساحة عموم البلاد، وليس كاليفورنيا فقط، والمتمثلة في عدة أمور بدءاً من إطلاق الإعلانات والحملات في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون مثل فلوريدا وتكساس، ومروراً بانتقاد ضعف الرسائل السياسية لحزبه.

بيت بوتيجيج.. من بين 28 ديموقراطياً هزمهم بايدن ليصبح مرشح الحزب لمنصب الرئيس في عام 2020، لم يحظ سوى القليل بالألق الذي تمتع به بيت بوتيجيج، على الرغم من كونه غير معروف في الساحة السياسية على صعيد البلاد بشكل عام، إلا أن أداء الرجل البالغ من العمر 40 عاماً قد فاق السياسيين المخضرمين، قبل انسحابه من السباق وتأييده الكامل لجو بايدن.

اجتذبت سيرته الذاتية وشبابه وخطابه المصقول الناخبين، فقد تخرج بوتيجيج في جامعة هارفارد المرموقة وكذلك من جامعة أكسفورد العريقة التي درس فيها من خلال منحة رودس الدراسية، وخدم في البحرية الأمريكية في أفغانستان، كما جاهر بمثليته الجنسية في عام 2015 أثناء عمله كرئيس لبلدية ساوث بيند، وهي بلدة صناعية صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف شخص في ولاية إنديانا.

أطلق عليه مؤيدوه لقب "العمدة بيت"، وقد اختير ليشغل منصب وزير النقل في عهد بايدن. ورغم أنها ليست بالوزارة الأكثر حساسية، إلا أن بوتيجيج قد أشرف على تمرير بعض من استثمارات البنية التحتية الرئيسية، واضطر إلى الاستجابة للعديد من المشاكل في وزارته، إضافة إلى أنه أحد أكثر وزراء الإدارة ظهوراً في الأخبار المحلية.

وأعلن بيت بوتيجيج، وزوجه تشاستن غليزمان بوتيجيج عبر وسائل التواصل الاجتماعي العام الماضي أن توأمين قد انضما لعائلتهما وأنهما أصبحا والدين.

لكن.. هل يتنحى بايدن فعلاً؟

يقول الرئيس وحلفاؤه إنهم ينظرون إلى أداء الديمقراطيين الأقوى من المتوقع في انتخابات التجديد النصفي باعتباره علامة على أنَّ الناخبين يدعمون أجندة بايدن وانعكاساً لقدرته على تشكيل تحالف ناجح من مؤيدي الحزب.

وقال بايدن مؤخراً إنه لا يزال ينوي الترشح مرة أخرى. ومن المتوقع أن يتخذ قراراً بحلول أوائل العام المقبل. وصرح ديمقراطيون رفيعو المستوى، بمن فيهم رئيسة مجلس النواب المستقيلة نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، بالفعل بأنهم سيدعمونه.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس، إنَّ بايدن لديه سجل تشريعي ناجح في أول عامين من توليه المنصب، وأشار إلى نتيجة منتصف المدة ورحلة خارجية لبلدان متعددة أجراها الرئيس خلال الأسبوع الماضي باعتبارها علامات إضافية على عمله الجيد.

أظهر استطلاع أجرته صحيفة The Wall Street Journal قبل فترة وجيزة من الانتخابات النصفية أنَّ غالبية الناخبين -بنسبة 55%- لم يوافقوا على الأداء الوظيفي العام لبايدن، مقارنة بنسبة 43% وافقوا، على الرغم من أنَّ 85% من الناخبين الديمقراطيين قالوا إنهم راضون عن بايدن.

ولاية أمريكية تحذف كلمة أجنبي
حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية، غافن نيوسوم – رويترز

لكن تصريحات بايدن بعد الانتخابات النصفية وخلال الرحلة سلّطت الضوء أيضاً على أخطائه. فقد أشار إلى كمبوديا، المحطة الأولى في رحلته الآسيوية، باسم كولومبيا، وقبل مغادرته، خلط مدينة خيرسون الأوكرانية بمدينة الفلوجة العراقية خلال مؤتمر صحفي قبل أن يصحح نفسه.

ومن المتوقع أن يجعل الجمهوريون عمر بايدن مشكلة إذا ترشح في عام 2024. وفقاً لاستطلاع VoteCast، الذي شارك فيه أكثر من 94000 ناخب، قال أكثر من نصف الناخبين إنَّ بايدن يفتقر إلى "القدرة العقلية للعمل بفعالية في منصب الرئيس". وأجرى الاستطلاع منظمة NORC البحثية في جامعة شيكاغو لصالح صحيفة The Wall Street Journal، ووكالة أنباء The Associated Press، وشبكة Fox News.

من بين الناخبين الذين أيّدوا المرشحين الديمقراطيين، قال 20% إنَّ بايدن ليس لديه القدرة العقلية اللازمة، مقارنةً بـ 78% قالوا إنه يمتلكها.

ووفقاً لاستطلاع أجرته وكالة أنباء Reuters بالتعاون مع شركة أبحاث السوق Ipsos مؤخراً، أعرب نحو 86% من الأمريكيين عن اعتقادهم بأنَّ فترة التوقف عن العمل في منصب الرئاسة يجب أن تكون عند سن 75 أو أقل.

ترامب.. هل يكون المرشح الجمهوري؟

أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب (76 عاماً)، مؤخراً أنه سيرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى في عام 2024. ويعتبر بايدن نفسه أفضل مرشح لمواجهة ترامب؛ لأنه تغلب عليه في عام 2020. ويعتقد حلفاء الرئيس أيضاً أنَّ القلق المحيط بسنه وزلاته سيتراجع إذا فاز ترامب، المعروف بترديد الأكاذيب والإدلاء بتصريحات سياسية إشكالية، بترشيح الحزب الجمهوري للتنافس على منصب الرئيس. 

ورفض بايدن المخاوف بشأن عمره، قائلاً مؤخراً لأولئك الذين لديهم شك: "انتظروني". قال طبيب بايدن منذ فترة طويلة، كيفين أوكونور، العام الماضي، إنَّ مشية الرئيس قد تصلّبت بدرجة ملحوظة بسبب تقدم العمر لكنه "لا يزال لائقاً للخدمة". وأضاف بيتس أنَّ الرئيس سيخضع لفحص جسدي آخر في الأشهر المقبلة.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب / رويترز

في الشهر الماضي، أخطأ الرئيس الأمريكي في نطق اسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قائلاً "رشيد"، كما أخطأ في القول إنه حصل على موافقة بتحويل اقتراحه بشأن دين الطلاب إلى قانون، بينما طُرِح برنامج إعفاء الطلاب من قروض الدراسة بأمر تنفيذي منه. وأوضح البيت الأبيض أنه كان يشير إلى قانون خفض التضخم، الذي قالوا إنه خلق مجالاً لأولويات أخرى من خلال خفض العجز الفيدرالي.

أعرب ليانو شارون، مندوب اللجنة الوطنية الديمقراطية من ميشيغان، عن اعتقاده بأنَّ الرئيس "فقد مهاراته". وأضاف شارون، الذي أيّد السيناتور بيرني ساندرز لترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في عام 2020: "يمكنك أن ترى الاختلافات بين ما كان عليه في السابق وكيف هو الآن".

ويشير حلفاء الرئيس إلى أنَّ بايدن كان يطلق على نفسه في السابق "آلة الأخطاء" لإظهار أنَّ زلاته جزء من نمط طويل وليست انعكاساً لعمره. ورفض بعض الديمقراطيين المشاركة بآرائهم، قائلين إنَّ الأمر متروك لبايدن ليقرر ما إذا كان سيرشح نفسه مرة أخرى. وقال ساندرز، المرشح الرئاسي مرتين، إنه لن يترشح إذا سعى بايدن لإعادة انتخابه.

وقال جون بول ميخيا، المتحدث باسم حركة شروق الشمس، وهي مجموعة تركز على المناخ وتساعد على اجتذاب الناخبين الشباب، إنَّ المجموعة لم تقرر بعد ما إذا كانت ستطلب من بايدن الترشح أو التنحي. وهم يدعمون بعض سياساته، لكنهم يريدون المزيد من مبادرات المناخ. وأسهم الإقبال الكبير بين الناخبين الأصغر سناً بدور مهم لصالح الديمقراطيين في الفترتين النصفيتين الأخيرتين.

وأضاف ميخيا: "الطريقة الوحيدة للتغلب على [العمر] والطريقة الوحيدة لبناء تلك الثقة الاجتماعية بين جيلنا هي من خلال تمرير سياسات تقدمية".

تحميل المزيد