في جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) الأمريكية، تمكنت مجموعة من الباحثين من ابتكار جهازٍ جديد، يسهُل من خلاله قراءة الأفكار الخاصة بالإنسان، وما يدور داخل عقله. والمدهش أنه، وبعد تجربته بشكلٍ فعلي على الإنسان، فقد وصلت نسبة صوابية الجهاز إلى 90%.
أطلق الباحثون على هذا الجهاز اسم AlterEgo، يُعلَّق في الأذن، على أن يبقى مربوطاً بالفكّ، فيصبح الجهاز مستعداً لقراءة الأفكار.
يتمكن AlterEgo من قراءة الأفكار الموجودة داخل عقلك الباطني، عن طريق مجموعة من المستشعرات المثبَّتة على طول الجهاز، والتي تعمل على التقاط كل الإشارات الحركية والعصبية التي تحدث على الوجه والفكّ.
حاول الباحثون برمجة الجهاز على فهم الكلمات التي تدور في رأس الإنسان، عبر اختيار مجموعة من التطبيقات التي تحتوي على عددٍ قليل من الكلمات (تصل إلى 20 كلمة كحدّ أقصى).
وما يحصل عملياً أن الجهاز يمكنه قراءة الأفكار عن طريق الإشارات، ومن ثم ترجمتها إلى كلماتٍ مفهومة، يُمكن للعلماء من خلالها فهم ما يدور داخل العقل البشري.
ما الذي يعنيه ذلك؟ أن الجهاز يفهم ويترجم الكلمات بمجرّد التفكير فيها، ما يعني أنك ستتمكن من معرفة الإجابات لجميع الأسئلة التي تدور في عقلك، من دون حتى أن تصرّح بها. لن تحتاج إلى جوجل!
AlterEgo.. من قراءة الأفكار إلى ترجمة الكلمات
ما يميّز AlterEgo أنه قادرٌ على سماع صوت المستخدم فقط، وقد أشار الباحثون إلى رغبتهم في تطويره مستقبلاً؛ حتى يصبح قادراً على إجراء المحادثات عبر شبكة الإنترنت، ومختلف التطبيقات.
جُرّب هذا الجهاز على 10 أشخاص؛ وفي البداية احتاج الباحثون إلى بعض الوقت من أجل ضبطه، تطلَّب ذلك نحو 15 دقيقة لكل شخص على حدة. وقد تمكن من قراءة الأفكار الخاصة بهؤلاء، وترجمة الكلمات التي تدور في ذهنهم، بنسبةٍ بلغت 92%.
ويظن الباحثون أنهم سيتمكنون من تطوير الجهاز، من قراءة الأفكار فقط، إلى أن يُصبح قادراً على إجراء محادثة كاملة مع عقل مستخدمه.
يستفيد هذا النظام من عملية نقوم بها يومياً، حين نقول بعض الكلمات في رأسنا من دون أن نقولها علانية. وبواسطة هذا الجهاز، ستتمكن الأقطاب الكهربائية -المعلّقة على الرأس- أن تلتقط الإشارات العصبية من الفك والوجه، بعدما نقول الكلمات في ذهننا، فتترجمها إلى كلمات.
يأتي بعد هذه العملية دور الذكاء الصناعي، عن طريق خوارزميات ذكية تستقبل الإشارات العصبية المولدة، ومن ثم تدريب الذكاء الصناعي على ربط كل كلمة مع الإشارة العصبية الموافقة.
أعلنت مختبرات MIT عن هذا الاختراع، بوصفه "تغييراً للحياة"، خصوصاً للأشخاص غير القادرين على التواصل مع الآخرين، مثل ضحايا السكتة الدماغية.
ويجمع النظام الرائد بين قوة توليف الكلام والذكاء الصناعي لتحويل نشاط الدماغ إلى جمل واضحة، ويستند إلى التكنولوجيا ذاتها المستخدمة من قبل أمازون في مساعدها Echo، وآبل في مساعدها Siri.
ويقدم هذا النظام أملاً للمصابين بالشلل بعد الإصابة بالسكتة الدماغية، للتواصل مع الأصدقاء والأقارب، على الرغم من عدم قدرتهم على الكلام.
كما يأمل فريق العلماء في أن يكون نظامهم جزءاً من عملية زرع، شبيهة بتلك التي يرتديها بعض مرضى الصرع، والتي تترجم أفكار المُرتدي مباشرةً إلى كلمات.
ميتا تبتكر تقنية لـ"قراءة الأفكار"
عمل فريق من الباحثين في شركة "ميتا" على تطوير تقنية قائمة على الذكاء الاصطناعي، يمكنها قراءة الأفكار وترجمتها إلى كلماتٍ مفهومة؛ من شأنها أن تصبح أداة اتصالٍ لجميع المرضى الذين تعرّضوا لصدماتٍ دماغية شديدة، وأصبحوا غير قادرين على التحدث أو الكتابة أو التواصل بلغة الإشارة.
بحسب مجلة "فوكاس" الإيطالية، فإن المنطقة المخصّصة لتكوين الكلمات وفهم اللغة في المخ، منفصلة عن تلك التي تدير العضلات الإرادية، بما في ذلك عضلات الفم، وهو ما استغلّه باحثو ميتا لوضع نظامهم.
وطلب الباحثون من 169 متطوعاً الخضوع للتصوير بالرنين المغناطيسي والتخطيط الكهربائي للدماغ، أثناء الاستماع إلى الكتب الصوتية باللغتين الإنجليزية والهولندية. ويعملون على وضع خوارزمية بناء على نصوص الكتب الصوتية المستخدمة للتدريب، حتى يمكنهم استقراء النص من خلال نشاط الدماغ فقط.
ومن المنتظر أن ينتقل الباحثون إلى مرحلةٍ أكثر تقدّماً، يصبح فيها نظامهم قادراً على قراءة الأفكار مع تقليل العوامل المساعدة والبيانات التي يمدّوها به. لكن التقنية هذه تُثير أيضاً مشكلة أخلاقية، لأنها في الحقيقة تسمح لك بالدخول إلى أدمغة الناس وقراءة خواطرهم.
وانتهى العلماء في هذه المرحلة إلى أن يكون النظام قادراً على قراءة الكلمات في الدماغ، من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي ومخطط كهربية الدماغ، وإعادة إنتاجها خارجياً في شكل نصٍّ أو ملفٍّ صوتي.
تقنية تترجم ما يدور في الدماغ
وفي جامعة تكساس الأمريكية ابتكر العلماء تقنية تسمح لهم بـ"قراءة الأفكار" البشرية، عبر استخدام نموذجٍ مدعوم بالذكاء الاصطناعي، مصمّم خصيصاً لفك تشفير عمليات مسح الدماغ. فيما يمكن للاختراق غير الجراحي، الذي طوّرته الجامعة أن يساعد الأشخاص الذين لا يستطيعون التحدث أو الكتابة على التواصل.
وتعمل هذه التقنية عن طريق نقل عملية التصوير، باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) إلى الخوارزمية، والتي تعيد بدورها بناء المنبهات التعسفية التي يسمعها الشخص أو يفكر فيها بلغة طبيعية.
على سبيل المثال، استمع المشاركون في تطبيق التقنية إلى القصص المروية، بينما مسح العلماء مناطق الدماغ المرتبطة باللغة الطبيعية، وأدخلوا المسح في وحدة فك التشفير التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي أعادت تلخيص ما كان الفرد يستمع إليه.
وحتى الآن، لم يتم إنجاز هذه العملية إلا عن طريق زرع أقطاب كهربائية في الدماغ. وينتج النموذج الجديد، فكرة أو ملخصاً للأفكار من خلال تحليل عمليات المسح، لكن لا يمكنه فك شيفرة ما يفكر فيه حرفياً، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
أبجدية خاصة في الدماغ
تعمل الأدمغة على تقسيم الأفكار المعقدة إلى أجزاءٍ صغيرة، تتوافق مع جانبٍ مختلف من الفكر بأكمله. ويمكن أن تكون الأفكار بسيطة، كأن تكون كلمة واحدة مثل الكلب، أو معقدة مثل "يجب أن أمشي إلى الكلب"، وفقاً لتقرير نشرته دورية "بوبيلار ميكانكس".
ويمتلك الدماغ أيضاً أبجدية خاصة به تتكون من 42 عنصراً مختلفاً، تُشير إلى مفهومٍ خاص، مثل الحجم أو اللون أو الموقع. يجمّعها الدماغ لتشكيل الأفكار المعقدة، وكلّ "حرف" يتعامل معه جزءٌ مختلف من الدماغ، ومن خلال الجمع بين جميع الأجزاء المختلفة، يمكن قراءة الأفكار عقل الشخص.
قام الفريق بتلك العملية عن طريق تسجيل بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي لثلاثة أجزاء من الدماغ، مرتبطة باللغة الطبيعية، هي: شبكة الفص الجبهي، وشبكة اللغة الكلاسيكية، وشبكة الارتباط الجداري والزمني والقذالي.
جرى ذلك بالتزامن مع استماع مجموعة صغيرة من الأشخاص إلى 16 ساعة من البث الصوتي، وفقاً لتقرير "نيو ساينتست".
وعقب الانتهاء من ذلك، حصلت الخوارزمية على عمليات المسح، وقارنت أنماط الصوت بالأنماط في نشاط الدماغ المسجل. وأظهر النظام أنه قادر على أخذ مسح ضوئي وتحويله إلى قصة بناءً على المحتوى، ووجد الفريق أنه يتطابق مع فكرة القصص المروية.
وعلى الرغم من أن الخوارزمية غير قادرة على تحليل كل "كلمة"، وترجمة أفكار الفرد إلى كلام حرفي، فإنها قادرة على فك شيفرة القصة التي يسمعها كل شخص، وتقديم فكرة عما يفكر فيه.
شريحة إيلون ماسك Neuralink
أعلن الملياردير الأمريكي عملاق التكنولوجيا، إيلون ماسك، عن ابتكار شريحة خاصة بالدماغ باسم Neuralink، تم اختبارها على الخنازير فى الوقت الفعلي. وهي، كما تبدو، تشبه فكرة الشريحة الخيالية التي تناولها الممثل المصري محمد سعد، في الفيلم الشهير "الليمبي 8 جيجا".
هذه الشريحة، وفقاً لما ذكره إيلون ماسك، ستعمل على ربط إشارات الدماغ بالأجهزة الذكية للتحكم فيها عبر قراءة الأفكار. كما أنها ستساهم في علاج حالاتٍ عصبية، مثل: مرض ألزهايمر، وإصابات الحبل الشوكي، وفقدان السمع، والاكتئاب والأرق.
ولعلّ الجزء الأخطر هو إمكانية التحكم في الذكريات وخلق سعادتك الخاصة، من خلال التركيز على اللحظات الجيدة. فقال ماسك عن عمل الشريحة: "المستقبل سيكون غريباً، وستتمكن فيه من حفظ الذكريات واستعادتها، كما يمكنك تخزين ذكرياتك بشكلٍ أساسي كنسخة احتياطية لاستعادتها لاحقاً، ومن المحتمل أن تقوم بتنزيلها في جسمٍ جديد أو في جسم إنسانٍ آلي".
وأضاف ماسك: "لن تحتاج إلى الحديث"، بل ستجعلك الشريحة قادراً على التواصل دون فعل ذلك، مؤكداً أن هذا الأمر سيكون في صالح تمكين التعايش بين البشر والذكاء الصناعي.
لكن في المقابل يطرح البعض مجموعة من الأسئلة، التي تعبر عن مخاوف حقيقية حول التقنية الجديدة:
1- هل التلاعب بذاكرة الإنسان سيكون في مصلحة البشرية، أم ضدّها؟
2- هل يمكن اختراق الشريحة والتدخل في أفكار الشخص؟
3- هل ستكون الشريحة شبيهة ببطاقة الذاكرة؟
4- هل زرع شريحة في دماغ الإنسان سيجعله أقوى أم أضعف؟
5- كيف ستُكتشف الجرائم التي تُرتكب عن طريق نشاط الدماغ؟
لم يجب إيلون ماسك على هذه الأسئلة في عرضه لشريحة Neuralink، بل كانت إجاباته في هذا الشأن محدودة جداً، من خلال الشرح التوضيحي الذي ركز على الإيجابيات فقط وسط انبهار الكثيرين.
فقد قال من قبل إن الشريحة غير قابلة للاختراق، ولكن ماذا عن إمكانية إزالتها بعد تخزين الذكريات والأفكار الخاصة بالشخص؟
لم يقدّم ماسك دليلاً حقيقياً حول عدم اختراق هذه الشريحة التي سترتبط بالأجهزة الذكية؛ وقد حذر الخبراء بالفعل من أن المجرمين الإلكترونيين يمكنهم الوصول إلى واجهات الدماغ والكمبيوتر (BCIs)، لمحو مهاراتك والذكريات أو قراءة الأفكار، وهو خرق أسوأ من أي نظام آخر.
فهل يمكن للشريحة أن تفتح نافذة باتجاه قراءة الأفكار الخاصة المسؤولين السياسيين والعسكريين، وتسمح للصوص آخرين بتنفيذ هجماتهم الرقمية الخاصة؟
جهاز يقرأ الأفكار ويغيّر تصورات الوجوه
انتهى فريق من جامعة أوريغون من صنع جهازٍ يمكنه قراءة الأفكار، عن طريق مسح الدماغ وإعادة بناء الوجوه التي كانوا يتصوّرونها في رؤوسهم. وكانت النتائج مخيفة للغاية.
فقد صرَّح عالم الأعصاب برايس كول (Brice Kuhl)، وهو أحد أعضاء الفريق، لموقع Vox: "بإمكاننا أن نأخذ من شخصٍ ما ذكرياته، وننتزعها من دماغه".
جمع الباحثون 23 متطوعاً، وعرضوا عليهم ألف صورة ملوّنة لوجوه أشخاصٍ عشوائيين، بعدما وضعوهم على جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، والذي يقيس النشاط العصبي عن طريق الكشف عن التغيرات الطفيفة في تدفق الدم للدماغ.
كما كان هناك برنامج ذكاء اصطناعي موصول أيضاً بجهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي، يقرأ نشاط دماغ المشاركين، ويأخذ وصفاً لكل وجه يُعرض عليهم في الوقت الفعلي. وقد خصّص الباحثون 300 رقم لترقيم خصائص جسدية معينة في الوجوه، من أجل مساعدة برنامج الذكاء الاصطناعي على "رؤية" الوجوه كرموز.
كانت المرحلة الأولى بالأساس جلسة تدريبية لبرنامج الذكاء الصناعي، وكان الهدف منها تعليم البرنامج كيف أن كل مجموعة من دُفعات النشاط العصبي ترتبط ببعض السمات الجسدية على الوجوه.
وعندما أتمّ برنامج الذكاء الصناعي تشكيل ما يكفي من التطابقات، ما بين نشاط الدماغ وشيفرة الوجوه، بدأ الفريق بالمرحلة الثانية من التجربة.
كان برنامج الذكاء الصناعي هذه المرة متصلاً بجهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي فقط، وكان عليه معرفة شكل الوجوه معتمداً على نشاط دماغ المشاركين فقط. وكانت جميع وجوه المشاركة في هذه الجولة مختلفة تماماً عن الجولة السابقة.
فتمكنت الآلة من إعادة بناء كل وجه استناداً إلى نشاط من منطقتين منفصلتين في الدماغ: التلفيف الزاوي Angular Gyrus، وهي منطقة تساهم في عدد من العمليات المتعلقة باللغة، ومعالجة الأرقام والوعي بالأماكن وتشكيل الذكريات الحية.
وكانت المنطقة الثانية هي القشرة القذالية الصدغية Occipito Temporal Cortex، والتي تعالج الإشارات البصرية.
صحيح أننا لن نتمكن من القبض على المجرمين، ولن نستطيع تحقيق رسمٍ مثالي لمسرح الجريمة استناداً إلى ذاكرتهم، كما لن نستطيع استخدام ذكريات الضحايا لبناء صورة المجرمين في وقت قريب.
لكن الباحثين تمكنوا من إثبات شيء مهم جداً، عندما أظهروا الرسوم الغريبة التي أعادت الآلة بناءها لمجموعة أخرى من المشاركين. فقد تمكنوا من الإجابة بشكلٍ صحيح على الأسئلة التي وصفت الوجوه الأصلية، التي رأتها المجموعة الأولى (التي كانت متصلة بجهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي).
يعني ذلك أن مجموعة من الناس يمكنها قراءة الأفكار الخاصة بمجموعة أخرى، بواسطة هذا الجهاز، إلى حدٍّ ما.
ويعمل الفريق الآن على مهمة أكثر صعوبة، وهي أن يطلبوا من المشاركين رؤية وجه، ثم الاحتفاظ به في ذاكرتهم، ومن ثم جعل برنامج الذكاء الاصطناعي يُعيد بناء صورة الوجه استناداً إلى ذكرى الشخص حول شكل الوجه.