أثارت قضية شركة الراشد الدولية للهجرة، في العاصمة عمان، الجدل حول عمل مكاتب الهجرة في الأردن، وذلك بعدما أعلنت مجموعة من المواطنين تعرضهم للنصب من طرف الشركة التي أخذت منهم مبالغ مالية دون تسهيل هجرتهم للخارج.
وتبدو مكاتب الهجرة في الأردن إحدى الخيارات المتاحة أمام الأردنيين بعد تراجع فرص العمل والوظائف في الأردن وتراجع الرواتب، الأمر الذي جعل خيار السفر مطلباً عاجلاً يسلكه المواطنون لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.
وتستغل هذه المكاتب مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لخدماتها بإعلانات مدفوعة الأجر، لجذب أكثر عدد من المواطنين الراغبين في الهجرة خارج البلاد، وذلك بتقديمها تسهيلات أهمها أن مقابل أتعابها يُقدم على شكل دفوعات.
مكاتب الهجرة في الأردن.. محلات وساطة فقط
أحمد الحاج شاب أردني، يبلغ من العمر 27 عاماً، هاجر إلى أمريكا دون الاستعانة بمكاتب الهجرة في الأردن، وذلك بسبب تجربتها السيئة معها، وعدم التزامها بالعهود التي قدمت له في أول مرة يزورها.
يقول الحاج في حديث مع "عربي بوست" إن مكاتب الهجرة في الأردن همها الوحيد الربح المادي، دون الشعور بمعاناة الشباب الذين يصطفون على السفارات الأجنبية في طوابير، آملين الحصول على مستقبلٍ أفضل وحياة كريمة.
تجربة الحاج مع مكاتب خدمات الهجرة وتسهيل خدمات التأشيرات للبلدان الأجنبية، تجربة سيئة للغاية، حيث توجه إلى مكتبين سمع عنهما من أقرانه في الجامعة بعد تخرجهم، إلا أنّه تفاجأ أن تلك المكاتب عبارة عن أماكن للنصب واستنزاف أموال الشباب الأردني.
وحاول أحمد الحاج أكثر من مرة مع مكاتب الهجرة في الأردن، لكن في الأخير سافر بعد حصوله على قبول جامعي من إحدى الجامعات الأمريكية لإكمال دراسة الماجستير في الهندسة المدنية، واستدان بعدها مبلغ دفع تأمين ورسوم الدراسة.
ويقول الحاج: "دخلت إلى أمريكا بفيزا طالب، وهذا ما يفعله 90% من العرب، بهذه الطريقة لم تكن أمامه عقبات، وأول ما يتخرج من الجامعة يجد وظيفة مباشرة وبسهولة تناسب مؤهله الدراسي.
وأشار المتحدث إلى أنّ تجربته علّمته أنّ مكاتب الهجرة في الأردن مجرد مكاتب وساطة لا أكثر، تدفع لها مقابل 2000 دينار مقابل أتعاب وترجمة الأوراق لتقديمها بالنيابة عن الشخص لتُقدمها بالنيابة عنك.
حسين المشاقبة، أحد ضحايا مكاتب الهجرة في الأردن يستعرض هو الآخر تجربته ويقول إنه تعرض للنصب والاحتيال من طرف شركة الراشد الدولية للهجرة، التي وعدته بتهجيره من البلاد بشكل مضمون.
وقال حسين المشاقبة في تصريح لـ"عربي بوست": "طلبوا مني تجهيز الأوراق لتحضير الملف، بعدها طلبوا مني توقيع عقد معهم بـ500 دينار، وبعد 6 أشهر طلبوا مني توقيع عقد ثانٍ قيمته 500 دينار، وأكدوا لي أن إجراءات ملف الهجرة كاملة، وتستغرق من سنة إلى سنة ونصف.
المشاقبة هو واحد من ضحايا شركة الراشد الذين قُدروا بالمئات، ومن دول مختلفة كالعراق، ومصر، وسوريا، واليمن، وتركيا، على اعتبار أنّ المكتب كان يملك فروعاً خارج الأردن، ويدّعي تقديم برامج الهجرة بمختلف أنواعها.
غياب الرقابة الرسمية
كما أنّ مكاتب الهجرة في الأردن، ورغم الجدل الذي خلقته شركة الراشد لا تزال منتشرة دون رقيب أو حسيب، بل وتنتشر إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول صمت الجهات الرسمية، وغياب أية تشريعات وقوانين ضابطة.
ويندرج نشاط مكاتب الهجرة في الأردن في إطار "شركات التوظيف الخاصة" التي تقتضي ضرورة الحصول على هذا الترخيص من طرفي وزارة الصناعة والتجارة وأمانة عمان الكبرى، وذلك بتقديم كفالة بنكية بقيمة 100 ألف دينار.
ولا تراقب الجهات الرسمية عمل مكاتب الهجرة في الأردن، فهي ترفض تحمل مسؤولياتها بشكل واضح، حيث قالت أمانة عمان في تصريح لـ"عربي بوست" إن الترخيص من مهامها، وإذا ثبت أي تجاوز يتم تحويل الأمر إلى التحقيق.