تداول مسؤولون سابقون في الموساد والجيش الإسرائيلي، الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، مخاوف انتشرت في هذه الأوساط بشأن تلقي زعماء حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، تقارير الاستخبارات واطلاعهم على معلومات عسكرية سرية، إذا تولوا مناصب عسكرية عليا في أعقاب فوز غير مسبوق للحزب في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، والتنامي المتوقع لدوره في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، حسب ما نشرته صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.
ما وقع في إسرائيل يشبه ما حدث بعد فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، فقد تحدث مسؤولون بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية آنذاك إلى رئيس الموساد السابق، تامير باردو، عن مخاوف لديهم من السماح باطلاع ترامب الكامل على المعلومات الاستخباراتية، مع ما ورد من مزاعم عن علاقته بروسيا، وسوء استغلاله للمعلومات الاستخباراتية الحساسة.
يبدو أن هذه المخاوف نفسها تظهر الآن في إسرائيل بعد تزايد الحديث عن احتمال تولي سموتريش لوزارة الدفاع وتولي بن غفير لوزارة الأمن الداخلي، أو تنصيب واحد منهم على الأقل في منصب يكفل له حضور المناقشات السرية للجنة وزراء الشؤون الأمنية (مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي).
وسبق لكل من بن غفير وسموتريش أن انتقدا بحدة وكالة الأمن الإسرائيلية (الشاباك) وقوات الجيش الإسرائيلي، لما وصفوه بالقمع العنيف للمستوطنين اليهود، وكبح جماحهم عن مهاجمة الفلسطينيين. وقد رفض الجيش الإسرائيلي تجنيد بن غفير في شبابه لما عرف عنه من شدة التطرف.
يأتي ذلك فيما تشير التقارير إلى أن بعض ضباط الجيش الإسرائيلي ذوي الميول اليمينية قد تعاونوا سراً مع مستوطنين في تأمين بؤر استيطانية غير قانونية، وخالفوا ما فرضه الجيش الإسرائيلي من قواعد تمنع ذلك.
على الرغم من ذلك، قال رئيس الموساد السابق، داني ياتوم: "ليس لدي مخاوف خاصة بشأن هذا الأمر، فهذه هي الديمقراطية. وأنا أتوقع أن يتحلوا بالمسؤولية فيما قد يطلعون عليه من استخبارات سرية".
وأبدى مسؤولو استخبارات آخرون الرأي نفسه، فقالوا إن القواعد الديمقراطية تجعل هذه المخاوف لا جدوى منها، فالناس هي من تختار القادة، ولا يحق لمن يتولون زمام الاستخبارات أن يشككوا في اختيارات الناس، وما يجدر بمسؤولي الاستخبارات المحترفين فعله هو إخلاص المشورة للمسؤولين المنتخبين وحسن الظن بهم.
مع ذلك، قال ضابط كبير سابق لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية، إن القضية وإن كانت متروكة بالكامل لما تفرضه خيارات السياسة، فإنه لا شك في أن تولي سموتريش أو بن غفير لمناصب عسكرية عليا سيؤدي إلى مصاعب في تسيير الأمور، "فلطالما تعذّر على كثيرين أن يتقبلوا تلقي الأوامر (الأمنية والعسكرية) من أشخاص ليس لديهم أي خبرة عسكرية".
من جانب آخر، قال ضابط كبير سابق، في تصريحات للصحيفة، إن تقسيم المناصب الوزارية لم يُعرف بعد، والأمر "محض تخمينات" ما دامت الحكومة لم تتشكل. وأشار إلى أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تولاها من قبل مسؤولون ليس لديهم خبرة عسكرية سابقة.
فيما قال مصدر ثالث، أمضى عقوداً من الخدمة العسكرية بالجيش، إن تولي سموتريش "أمر مستبعد جداً، فالأمر تحكمه قواعد معينة، وهذا ليس خياراً واقعياً"، فمن يتولى هذا المنصب "يكون له نفوذ كبير على الوضع في الضفة الغربية". وحذر المصدر من أن "هذه قضية حساسة وشديدة الحرج، فهو قد يحاول فرض نفوذه والدفع نحو التصعيد. وهذا خطر جسيم العواقب".
واشنطن قلقة
بالتزامن قال موقع Axios الأمريكي، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قولهم إنه من غير المرجح أن تتعامل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع عضو الكنيست الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، بعد تحقيقه مكاسب في الانتخابات.
الموقع أشار إلى أنه من المتوقع أن يتولى بن غفير منصباً وزارياً رفيعاً في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، إذ برز تحالف بن غفير كأحد متصدري الانتخابات الإسرائيلية، وتبوأ الموقع الثالث في الكنيست (البرلمان) من حيث القوة، بعد "الليكود" اليميني برئاسة بنيامين نتنياهو و"هناك مستقبل" الوسطي برئاسة يائير لابيد.
المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون قالوا للموقع الأمريكي، إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، لمحا إلى احتمال عدم العمل مع بن غفير وغيره من المتطرفين اليمينيين، وذلك خلال اجتماعهما مع الرئيس الإسرائيلي في واشنطن، الأسبوع الماضي.
يأتي هذا، بينما أظهر فرز 97% من أصوات المقترعين في الانتخابات الإسرائيلية، فوز معسكر رئيس الوزراء السابق نتنياهو بـ65 من مقاعد الكنيست الـ120، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول، الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
شكّل فوز تحالف "الصهيونية الدينية" مفاجأة سارة لأنصار بن غفير، وهو مؤلف من حزبين يمينيين متشددين هما: "القوة اليهودية" برئاسة بن غفير، و"الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش.
سبق أن أعلن بن غفير أنه يطمح إلى حقيبة الأمن الداخلي المسؤولة عن الشرطة، فيما أعلن بتسلئيل أنه يطمح إلى حقيبة الدفاع في حكومة يشكلها نتنياهو، ما تسبب بقلق واسع في إسرائيل بسبب مواقفهما المتشددة.