السيسي بين غضب الشارع وسطوة الجيش على الاقتصاد.. هل يتخذ الرئيس المصري القرار الصعب؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/11/01 الساعة 15:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/02 الساعة 04:51 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

في الوقت الذي تسعى فيه مصر للبحث عن مخرج فعلي من أزمتها الاقتصادية الخانقة، يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي مأزقاً حاداً يتمثل في سيطرة قيادات الجيش على الاقتصاد، وهو ما يمثل عقبة على طريق إصلاح الأمور، فكيف يمكن أن يتصرف؟

فعندما لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي أثناء معاناتها من أزمة عملات أجنبية وتراجع للاحتياطيات عام 2016، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليؤكد أنه سيتخذ "القرارات الصعبة" التي تجنبها من سبقوه من أجل تغيير مسار الاقتصاد المتعثر.

لكن بعد مرور 6 سنوات، عادت مصر إلى الاعتماد على دعم صندوق النقد الدولي مرةً أخرى بسبب معاناتها من نقص آخر في العملات الأجنبية، ليوافق الصندوق على منحها حزمة قروض جديدة بقيمة 3 مليارات دولار في الأسبوع الماضي. وتُعد هذه هي المرة الرابعة التي تطلب خلالها القاهرة مساعدة الصندوق منذ استيلاء السيسي على الحكم في انقلابٍ على السلطة عام 2013.

وهذه المرة أيضاً حرر البنك المركزي المصري، الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول، سعر الصرف ليهبط الجنيه مقابل الدولار الأمريكي بنحو 15% من قيمته في نفس اليوم، ولا يزال صعود الدولار مستمراً ليتخطى 24.15 جنيه مقابل الدولار الواحد، وهو ما ينعكس على تكلفة المعيشة، في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار السلع نتيجة للتضخم المرتفع.

ما الأسباب الحقيقية لهشاشة الاقتصاد المصري؟

تناول تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية أبعاد المأزق الذي يواجهه الرئيس، إضافة إلى هشاشة الاقتصاد بشكل عام. إذ إن مشكلات مصر تسلط الضوء على نقاط ضعف الدول الأفقر في مواجهة تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا،  لكن بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال المصريين يقولون إن هناك المزيد من القضايا الجوهرية المعرضة للخطر، مجادلين بأن الأزمة العالمية لم تفعل شيئاً سوى توضيح مدى هشاشة النموذج الاقتصادي الذي تحركه الدولة بقيادة الرئيس السيسي.

إذ زاد اعتماد القاهرة في عهد السيسي على تدفق الأموال الساخنة من الخارج والديون المحلية بدرجةٍ متزايدة، من أجل تمويل عجز حسابها الجاري بالتزامن مع دعم البنك المركزي للجنيه وحفاظه على معدلات فائدة أكبر من 10%. ولهذا كانت القاهرة تدفع أعلى معدل فائدة على الديون في العالم حتى وقتٍ قريب.

واعتمد السيسي في الوقت ذاته على الجيش لتحريك النمو، من خلال تكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالعشرات من مشروعات البنية التحتية وتشجيعه على بسط نفوذه في مختلف القطاعات الاقتصادية، ما تسبب في مزاحمة الجيش للقطاع الخاص وإبعاد الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويشكو الخبراء من أن الأموال الساخنة استُخدِمَت لدعم الإنفاق الحكومي الضخم من خلال الجيش، ما استنفد احتياطي العملة الأجنبية في البلاد.

ويتساءل المحللون ورجال الأعمال في مصر حالياً عما إذا كانت صدمة الأشهر الستة الماضية ستكفي لإجبار السيسي على اتخاذ القرار الاقتصادي الأصعب أم لا، ألا وهو تقليص دور الجيش في الاقتصاد. ويقول خبراء الاقتصاد إن هذا القرار سيكون ضرورياً من أجل ازدهار القطاع الخاص، وحتى تجذب البلاد مستويات أعلى من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وحتى تتوفر مصادر أكثر استدامة للنقد الأجنبي.

مصر
النبك المركزي المصري – Getty Images

ويأمل بعض رجال الأعمال أن تكون الحكومة قد استفاقت أخيراً وأدركت مدى خطورة الطريق الذي يسلكه الاقتصاد حالياً، لكنها آمال حذرة.

إذ قال أحد المسؤولين التنفيذيين المصريين للصحيفة البريطانية: "ربما تكون (هذه الأزمة) نعمة في ثوب نقمة. ويبدو أن هناك إجماعاً وتفاهماً على ضرورة تغيير الأوضاع، نظراً لعدم وجود خيارات أخرى".

بينما يحافظ البعض الآخر على قلقهم لأنه في حال قلل السيسي بصمة الجيش في الاقتصاد، فهذا يعني أن قائد الجيش السابق سيدخل في مواجهة مع قاعدته الانتخابية الأساسية وأقوى مؤسسات البلاد بكل ما تحمله من مصالح مكتسبة.

هل يقبل قادة الجيش برفع أيديهم عن الاقتصاد؟

جيسون توفي من Capital Economics قال لفايننشال تايمز: "لن يتخلى الجيش عن مصالحه بسرعةٍ كبيرة، ويجب أن نتذكر مدى قرب الجيش من السيسي. ما يعني احتمالية أن يضغط الجيش على السيسي في حال شعوره بأن مصالحه تتعرض لضغوطات".

فيما قال مايكل وحيد حنا، محلل Crisis Group، إن تقليص دور الجيش "سيتطلب إعادة توصيل وتنظيم قطاعات كبيرة من الاقتصاد، وهو أمرٌ صعب".

سارع قادة مصر إلى التحرك فور بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وشكّلوا لجنةً لإدارة الأزمات، وصدرت الأوامر للجيش بتجهيز ملايين "صناديق الطعام" المخفضة بشدة لصالح الأسر الفقيرة، بينما سعى المسؤولون لتنويع مصادر الاستيراد لدى الدولة التي تُعتبر أكبر مستوردٍ للقمح في العالم.

لكن "كعب أخيل" الحكومة المصرية لم يكُن الأمن الغذائي، بل كان يكمُن في سحب شركات إدارة الصناديق الأجنبية لـ20 مليار دولار من الديون المصرية في فبراير/شباط ومارس/آذار، ما تسبب في أزمة العملات الأجنبية المحلية.

وذكر مطلعون على نقاشات الحكومة أن السيسي، الذي لا يتهاون مع المعارضة، قد شعر بالصدمة عندما اكتشف مدى ضعف النظام. وتوجه إلى الحلفاء في الخليج للحصول على حزمة إنقاذ في مارس/آذار.

وقال مصرفيٌ مصري عند سؤاله عما كان سيحدث لولا تدخل الدول الخليجية لإنقاذ القاهرة: "لا أريد التفكير في هذه الاحتمالية. لم يكن السيسي سعيداً على الإطلاق، وقد صدمته مدى هشاشة النظام المالي". بينما قال مصرفي آخر: "هل تعلمنا الدرس؟ نعم… يُدرك مسؤولو البنك المركزي الآن أن هذه الأموال لم تأتِ بسهولة".

لكن التحدّي الحقيقي سيكمن في مدى جدية النظام في التعامل مع الهيمنة المستبدة للدولة على الاقتصاد، وخاصةً دور الجيش.

حيث أوضح اقتصاديٌ مصري: تكمُن المشكلة الجوهرية في أن مصر تعيش حياةً تفوق إمكانياتها. إذ تُنتج وتبيع للعالم صادرات أقل بكثير من وارداتها، التي تمولها من خلال الديون بالتبعية. كما أن جزءاً كبيراً من استهلاك الدولة يأتي من خارج ميزانيتها في صورة استثمارات عسكرية. وإذا نظرت إلى المشروعات الضخمة، فستجد أن الجيش هو من يمولها… ما يعني أنهم يضيفون إلى فاتورة الواردات ويزيدون خروج الدولارات الأمريكية من البلاد".

وألمحت القيادة في خطاباتها إلى كونها مستعدةً للتحرك؛ إذ أعطى السيسي إشارات متضاربة أثناء حديثه إلى رجال الأعمال ومسؤولي الحكومة خلال المؤتمر الاقتصادي، الذي عُقِدَ قبل أيام استجابةً للأزمة. حيث دافع السيسي عن سجله مع اقتراح جاهزيته لتقليل دور الدولة.

الرئيس وقيادات الجيش المصري/ صفحة الجيش، مواقع التواصل الاجتماعي

كان السيسي قد قبل استقالة محافظ البنك المركزي طارق عامر قبلها بشهرين، بعد أن انتقده الكثيرون لدوره في الأزمة. فيما قال مسؤولٌ تنفيذي مصري: "كان محافظ البنك المركزي مقرباً من الجيش بشدة، ويلبي جميع رغبات الجيش دون قيدٍ أو شرط".

كما أعلن السيسي في أبريل/نيسان أن الحكومة ستجمع 40 مليار دولار على مدار 4 سنوات عن طريق بيع أصول الدولة، وأوضح أنها ستبدأ بيع حصص في شركات الجيش داخل البورصة "قبل نهاية العام الجاري". ودعا في الخطاب نفسه إلى "حوارٍ سياسي" مع الحركات الشبابية والأحزاب السياسية.

الجيش يدير الاقتصاد

أوضح حنا أن ذلك الحوار كان محدوداً بطبيعته، لكن النظام "بدأ يفعل بعض الأشياء التي كنا نظنها مستحيلةً قبل وقتٍ قريب. ويشعر الكثيرون بالإحباط والتشكك، والمخاوف من أن تكون مجرد حيلة علاقات عامة. لكنها تعكس حقيقة وجود ضغوطات، وحقيقة إدراكهم أن اللحظية الراهنة مختلفة ويجب الاستجابة لها بطريقةٍ مختلفة".

وأضاف: "من الصعب تغيير الوضع الراهن، لأنه سيمثل تغيير مسار أيديولوجي كبير. إذ زادت خلال عصر السيسي امتيازات الجيش ودوره في الاقتصاد، وتكسّب العديدون داخل الجيش أو من أفراده السابقين بفضل هذا الوضع. وتحول الأمر إلى شبكة محسوبية من نوعٍ خاص".

اعتمد السيسي على الجيش حتى يكون المحرك الرئيسي لخططه الاقتصادية. لكن رجال الأعمال وخبراء الاقتصادي يقولون إن نظامه لم يفعل الكثير لتحسين مناخ الاستثمار في الدولة التي لطالما عانت من البيروقراطية العقيمة، وسوء الخدمات اللوجستية، والفساد.

إذ أطلق الرئيس بدلاً من ذلك مشروعات بنية تحتية بقيمة 400 مليار دولار لبناء "الجمهورية الجديدة"، بينما بدأت مصر في التحول من دولة بوليسية إلى دولة بقيادة عسكرية. حيث بسط الجيش نفوذه على مختلف قطاعات الاقتصاد من الصلب والأسمنت إلى الزراعة، والمزارع السمكية، والطاقة، والرعاية الصحية، والمأكولات والمشروبات.

واعترف المنتقدون بأهمية بعض مشروعات البنية التحتية، لكنهم اعتبروا بعضها الآخر مجرد مشروعات خيلاء فارغة لا تستطيع البلاد تحمل تكلفتها. كما ارتفعت معدلات الفقر بعد خفض قيمة العملة، بالتزامن مع استمرار تسجيل القطاع الخاص لمعدلات استثمار أقل من متوسطه التاريخي.

مصر أكبر مستورد للقمح في العالم/رويترز
مصر أكبر مستورد للقمح في العالم/رويترز

ويُذكر أن العديد من رجال الأعمال رحبوا بتولي السيسي الحكم لأنه سيعيد مظاهر الاستقرار إلى البلاد، لكنهم يؤمنون أيضاً بأنه وصل إلى السلطة وهو يحمل في قلبه شكوكاً وازدراءً للقطاع الخاص. ومع توسُّع انتشار الجيش في اقتصاد البلاد، بدأت تنتشر المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى إبعاد الاستثمارات المحلية والأجنبية معاً.

ولا تتعلق المشكلة بحجم نمو نفوذ الجيش فقط، بل بمخاوف رجال الأعمال من أن يستيقظوا ليجدوا أنفسهم في منافسةٍ مع كيانٍ لا يمكن المساس به، ويتحكم في أغلب أراضي البلاد، ويستطيع استخدام العمالة المجندة، ويتمتع بإعفاءٍ من بعض الضرائب.

وظهرت قبل عامين مؤشرات أولية على أن النظام بدأ يستمع لمخاوف الشركات، عندما جرى تكليف صندوق مصر السيادي ببيع أسهم في 10 شركات مملوكة للجيش. وجرى تحديد شركة وطنية لمحطات الوقود، وشركة صافي لمياه الشرب، كأول الأصول التي ستجري خصخصتها، لكن عملية بيع الأسهم لم تحدث بعد.

وكان تقرير لموقع Africa Intelligence الفرنسي، نشر بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قد ذكر أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد حث نظيرَه المصري على الإسراع ببيع الشركات المصرية للمستثمرين الإماراتيين، ما يعني أن هناك "تردداً" من الجانب المصري في هذا السياق.

وجاءت تلك المناشدة من الرئيس الإماراتي لتضع الرئيس المصري في مأزق، بين الاستجابة لطلبات الرئيس الإماراتي الذي يحثه على الإسراع ببيع الأصول للمستثمرين الإماراتيين وبين مخاوف قيادات الجيش المصري الذين عبَّروا عن ارتيابهم من إجراءات الخصخصة، التي تضع إمبراطورية الجيش الاقتصادية على المحك.

ويقول الخبراء إن النظام سيواجه تحديات كبيرة في جذب المستثمرين، حتى لو كان جاداً في نواياه ببيع شركات الجيش. ويحذر الاقتصاديون من أن بيع الأصول لن يكفي بمفرده لحل مشكلات مصر العميقة في ظل تزايد الضغوطات الاجتماعية، والاقتصادية، والسكانية. فضلاً عن عيش نحو 60 مليون مصري تحت خط الفقر أو فوقه بقليل.

وتمحورت أولويات النظام في السنوات التسع الماضية حول الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وسحق المعارضة، من أجل تجنب أي تكرار لثورة يناير/كانون الثاني 2011 الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. ولهذا كتم النظام أصوات المعارضة بلا رحمة.

الأزمة الاقتصادية تطحن أغلبية المصريين

ورغم أن العديد من المصريين يتذكرون الفوضى التي أعقبت الثورة ويخشون مواجهة النظام أو فتح الباب أمام عدم الاستقرار، إلا أن هذه المخاوف قد تتبدد مع الوقت، بحسب الخبراء.

حيث قال اقتصاديٌ مصري لفايننشال تايمز: "لا تتذكر الأجيال الأصغر (18 و19 و20 عاماً) الثورة تقريباً، ولا يتذكرون الفوضى التي أعقبتها. وستتبخر هذه الذكريات المؤسسية بمرور الوقت، ليصبح الناس أكثر استعداداً لقلب الطاولة عندما يضربهم الفقر".

ومن المفترض أن تدفع هذه الأمور بالنظام إلى التحرك نظرياً. لكن البعض يعتقدون أن النظام يشعر بالرضا عن نفسه حالياً، مدفوعاً بقناعته أن مصر تُعتبر دولةً مهمة جيوسياسياً بدرجةٍ لن يسمح معها الجيران بانهيارها، ولهذا ستستطيع الاعتماد على خطط إنقاذهم المالية.

وفي هذا السياق، نشر موقع Africa Intelligence الفرنسي تقريراً، الثلاثاء 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، ذكر أن 6 من كبار ضباط المخابرات العامة المصرية استقالوا في 23 أكتوبر/تشرين الأول، بعد اجتماع مع رئيسها عباس كامل.

بناء العاصمة الإدارية الجديدة في مصر / gettyimages

4 من الضباط المستقيلين هم من اللواءات المعينين في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك وحلفاء خالد فوزي، الذي قاد المخابرات العامة من 2014 إلى 2018، والآخران برتبة مقدم. واشتكوا من تجاهل الرئيس للتقارير المتكررة حول تأثير سياسات التقشف الاقتصادي التي ينتهجها. وتقول مصادر إنَّ الفريق عباس كامل اتصل بالسيسي خلال الاجتماع، واستهان الرئيس بمخاوف اللواءات من حالة السخط في الشارع.

لكن الغضب يظهر واضحاً على الشبكات الاجتماعية، مع انتشار الدعوات للمظاهرات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، خلال مؤتمر المناخ الأممي في مدينة شرم الشيخ، وكانت دعوات مماثلة في سبتمبر/أيلول 2019 قد أدت إلى خروج مسيرات لآلاف الأشخاص في شوارع وسط القاهرة. وقاد تلك الدعوات محمد علي، وهو رجل أعمال مصري يعيش في إسبانيا.

 ولزيادة الضغط على الرئيس السيسي، أصدر النائب السابق وزعيم حزب الإصلاح والتنمية الليبرالي المعارض محمد أنور السادات، ابن شقيق الرئيس الذي اغتيل عام 1981، بياناً في 19 أكتوبر/تشرين الأول دعا فيه السيسي إلى استبعاد الترشح لولاية ثالثة في الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في مايو/أيار 2024. وسيكون قد مر على السيسي، وهو نفسه مشير سابق، بحلول ذلك الوقت 10 سنوات في السلطة.

وعلى الرغم من أنَّ بيانه صيغ بعبارات تجامل سجل السيسي في السلطة، لكن خطوة السادات ستبدو مستحيلة دون دعم الأعضاء الأقوياء في أجهزة المخابرات، وبصفته رئيس مجموعة الحوار الدولي والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر منذ عام 2021، أجرى السادات محادثات مع جهاز المخابرات العامة وجهاز أمن الدولة للتفاوض على إطلاق سراح عشرات السجناء السياسيين.

السيسي نفسه كان قد حذر من مخاطر الاعتماد بشدة على الحلفاء في الخليج، خلال مؤتمرٍ عقد الأسبوع الماضي. إذ قال: "حتى الأشقاء والأصدقاء أصبح لديهم قناعة بأن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى، وأن الدعم والمساندة عبر السنوات شكّل ثقافة الاعتماد عليهم لحل الأزمات والمشاكل".

بينما قال أكاديمي مصري لفايننشال تايمز: "نؤمن في خيالنا بأن مصر دولة أكبر من أن تنهار، وهذا ليس صحيحاً. إذ ترى الدول المانحة في الخليج أن الانهيار يتمثل في تولي جماعة الإخوان المسلمين للحكم مرةً أخرى. وبعيداً عن هذه الاحتمالية، يستطيع الأشقاء العرب التعايش بسعادة مع مختلف أنواع الكوارث التي تضرب مصر… ومنها ركود مصر، وفقرها، وازدياد أوضاعها سوءاً. وتمثل هذه الأزمة صيحة استفاقة، لكن هل ستؤدي إلى الاستفاقة المناسبة؟".

الخلاصة هنا هي أن الرئيس المصري يواجه اختياراً صعباً، فإما أن يحرر الاقتصاد من قبضة الجيش لتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، وهو ما يعني إغضاب الجنرالات، أو أن يخاطر بتهديد استقرار البلاد نفسه في ظل تفاقم تكاليف المعيشة والتضخم وارتفاع نسبة الفقراء في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة، فهل يتخذ الرئيس القرار الصعب؟

تحميل المزيد