فرّق المحيط بين مليكة العفيف وابنها داوود البالغ من العمر 13 عاماً بفعل حظر السفر الذي طبقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. حصل داوود على تأشيرةٍ ليلحق بوالده الأميركي، لكنَّ طلبها رُفض بموجب قرار الرئيس بحظر سفر المهاجرين من 7 بلدان، منها 5 غالبية سكانها من المسلمين، بما في ذلك اليمن، وطن مليكة.
علقت مليكة آمالها الأخيرة على المحكمة العليا بالولايات المتحدة. لكن منذ أيدت المحكمة الحظر الشهر الماضي، يئست من لم شملها بعائلتها.
الابن يعيش دون أهله
الآن، يعيش داود في ولاية ميشيغان مع أصدقاء للعائلة، منفصلاً عن والده الذي يعمل في وظيفتين بولاية كاليفورنيا ولا يمكنه الاعتناء بابنه. أما مليكة وأبناؤها الثلاثة الأكبر يقيمون في دولة جيبوتي الإفريقية، حيثُ أجروا مقابلاتٍ للحصول على تأشيرات، بعد أن أُغلِقَت السفارة الأميركية في اليمن بسبب الحرب هناك.
وخلال مكالمة فيديو مؤخراً بين الأم والابن، أجهش كلاهما البكاء. وقال داوود: "أنا أفتقد والدتي بشدة وأريد أن أكون معها". وقالت مليكة بينما تجلس على أريكة في شقتها تحت حرارة الصيف الحارقة بجيبوتي تمسح دموعها أسفل البرقع: "لا أتحمل البقاء وحدي هنا".
البحث عن معجزة ما
وقالت لموقع The Intercept الأميركي: "نحن نؤمن بمعجزة دولة الحرية، ونأمل في يوم من الأيام أن نلتقي في ذلك المكان ونعيش مثل أي مواطنين أميركيين في سلامٍ وأمان".
وبعد قرار المحكمة العليا، تواجه مليكة الآن خياراً مؤلماً: الانتظار في جيبوتي بأملٍ ضئيل في الحصول على تأشيرة، أو العودة إلى منطقة الحرب، حيثُ تخشى تجنيد أبنائها الأكبر للقتال.
وقالت: "إنَّه مستقبل مجهول بين نارين، السفر إلى اليمن أو البقاء هنا وتحمل نفقات جيبوتي".
تقطعت بهم السبل في جيبوتي
في جيبوتي، تقطعت السبل بمئات، إن لم يكن الآلاف، من اليمنيين الأميركيين الذين فروا من حربٍ استمرت لثلاث سنوات بسبب حظر السفر، الذي أوقف عملياً الهجرة من اليمن، ما أدى إلى توقف تأشيرات الأعمال التجارية، والزيارة، والتأشيرات العشوائية، وتأشيرات لم شمل الأسر اليمنية.
ورُغم إعفاء اللاجئين، إلا أنَّ أعداد الوافدين تراجعت، ويقول المدافعون عن هذه القضايا إنَّ المتقدمين من الدول المحظورة يواجهون إجراءاتٍ إضافية.
وفي تقريرٍ نشره مركز الحقوق الدستورية، وهو منظمة غير حكومية، قدر المركز أنَّ هناك نحو ألفٍ من جوازات السفر المملوكة ليمنيين تربطهم علاقاتٌ عائلية بمواطنين في الولايات المتحدة محتجزة في السفارة الأميركية بجيبوتي اعتباراً من مارس/آذار الماضي.
حكمت المحكمة العليا الأميركية في 26 يونيو/حزيران بأنَّ الحظر، الذي يُنفَّذ الآن بنسخته الثالثة بعد تنقيحه لوجود اعتراضاتٍ قانونية واضطرابات أعقبت طرحه الأولي في بداية ولاية ترمب، ضمن نطاق سلطات ترمب التنفيذية، ومستند إلى مراجعةٍ قانونية للأمن القومي. لكنَّ المحكمة تجنبت إصدار حكمٍ بشأن ما إذا كان القرار الرئاسي مدفوعاً بمشاعر معادية للمسلمين، كما زعم المدعون، بعد أن دعت حملة ترمب إلى حظر سفر المسلمين. وللوقت الراهن، أدلت أعلى محكمة في البلاد بدلوها، وتقطعت السبل نتيجةً لذلك بالكثير من اليمنيين في جيبوتي.
الحياة في جيبوتي صعبة عليهم
في هذا البلد الصغير بالقرن الإفريقي، تمتلئ الشوارع بالغبار والقمامة، وترتفع درجة الحرارة إلى 43 درجة في الصيف. يقول اليمنيون إنَّ الإيجار أعلى بستة أضعاف مما هو عليه في اليمن. ويكافح الرجال للعثور على عمل، ولا يستطيع الأطفال الذهاب إلى المدرسة بسبب الحواجز اللغوية والتكلفة. وفي غرف المعيشة ببعض المنازل اليمنية، لا توجد ديكورات سوى حقائب السفر.
أجرى موقع The Intercept مقابلاتٍ مع 14 عائلة يمنية أميركية في جيبوتي، يبلغ عدد أفرادها أكثر من 50 شخصاً من بينهم أطفال، وتحدث إلى محاميي الهجرة والمهتمين بهذا الشأن وقادة المجتمع الذين يعرفون مئاتٍ آخرين من هؤلاء. وفي كل قصة تتكرر مشاعر الصدمة والخيانة واليأس ذاتها.
من هؤلاء حازم الشاوبي، البالغ من العمر 16 عاماً. سافر حازم بمفرده 15 يوماً عبر أربعة بلدان لإجراء مقابلةٍ للحصول على تأشيرة، وفرصة للانضمام إلى والده في ولاية كارولينا الشمالية، وتساءل عن سبب منع ترمب لطفلٍ صغير يبحث عن مستقبلٍ أكثر إشراقاً من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية.
أمَّا رضوان ناجي فكان قد اشترى بالفعل هدية عيد ميلاد لابنته البالغة من العمر عاماً، التي لم يلتقها حتى الآن، وكان يتوقع رؤيتها بعد وقتٍ قصير من مقابلته. ومنذ رُفضت تأشيرته، أصبح قلقاً باستمرار بشأن زوجته المواطنة الأميركية في كاليفورنيا التي شُخصت إصابتها بالاكتئاب.
الانتظار هو كل ما يملكونه
ولم يُصدق جمال العميسي، الذي يُكافح من أجل المشي على قدميه بسبب مرضٍ بالحبل الشوكي، بأنَّ السفارة لن تنظر في حالته الصحية عندما تقرر ما إذا كان بإمكانه الانضمام إلى زوجته في كاليفورنيا أم لا.
وينتظر المواطن الأميركي صلاح حسين في جيبوتي تأشيرات عائلته منذ أربعة أشهر، وثلاثة من أطفاله الخمسة هم أيضاً مواطنون أميركيون، لكنَّه لن يكون قادراً على رعايتهم بدون زوجته، التي رُفضت تأشيرتها. وهو أيضاً يدعم ابن أخيه البالغ من العمر 3 سنوات، الذي قال إنَّه يبكي كل يوم لأن طلب انضمامه إلى أمه في الولايات المتحدة قد رُفض أيضاً.
أما إسماعيل الغزالي، وهو مواطن أميركي آخر يحاول إحضار زوجته وشقيقته المعاقة وابنه البالغ من العمر خمسة أشهر إلى نيويورك، تساءل كيف لعائلته أن تُشكّل تهديداً للأمن القومي.
وقال الغزالي: "هل سمعتَ عن أي حالة لشخصٍ مثل زوجتي أتى إلى الولايات المتحدة وفجر نفسه أو نفذ أي شيءٍ من هذا القبيل؟ أنا واحد ممن يريدون أن تكون الولايات المتحدة آمنة من جميع هذه الأشياء، لكن ليس بهذه الطريقة، ليس بفصل العائلات".
تزايد الهجرة بعد الحرب
يهاجر اليمنيون إلى الولايات المتحدة منذ قرنٍ من الزمان، لكنَّ معدلات هجرتهم تزايدت منذ الستينيات. وأقام أكثر من 60 ألف شخصٍ يمني المولد بالولايات المتحدة في عام 2016، وفقاً لبيانات تعداد السكان. غالباً ما يأتي الرجال بمفردهم للعمل بهدف إحضار عائلاتهم بعد أن تستقر أوضاعهم. لكنَّ هذا النمط تغيَّر عندما بدأت الحرب في اليمن أوائل عام 2015.
فبعد أن انتفض المتمردون الحوثيون وأسقطوا الحكومة، بدأ تحالفٌ تقوده السعودية حملة قصف تمولها وتسلحها قوى غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا. وبعد أكثر من ثلاث سنوات، أصبح البلد في حالةٍ من الفوضى.
توفي ما لا يقل عن 10 آلاف مدني يمني، حسب تقديرات الأمم المتحدة، رُغم أنَّ مجموعات مراقبة مثل Yemen Data Project ذكرت أنَّ العدد قد يكون أكبر من ذلك. ويواجه أكثر من 8 ملايين شخصٍ خطر المجاعة. وأصاب وباء الكوليرا مليون شخص، وقَتل أكثر من ألفي شخص. ويُجند صبية لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً للقتال. ويزداد الوضع سوءاً؛ أدى الهجوم على مدينة الحُديدة الساحلية في يونيو/حزيران إلى إثارة المخاوف من أن يؤدي القتال إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
عندما بدأت الحرب وأُغلِقَت السفارة الأميركية في اليمن، غمر أفراد عائلات المواطنين الأميركيين السفارة في جيبوتي بطلباتٍ للحصول على التأشيرات. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، غادرت العديد من هذه العائلات اليمنية عندما مُنحت فرصة إجراء مقابلات في جيبوتي.
سافر المحظوظون منهم مباشرةً من مدينة عدن الجنوبية، لكن عندما اندلع القتال وانتشرت الأمراض المعدية، كان المطار يُغلق في كثيرٍ من الأحيان. فاضطر اللاجئون إلى السفر من خلال سفن شحن الماشية عبر مضيق باب المندب، المعروف باسم "بوابة الدموع" لأنَّه كثيراً ما يحصد أرواح المهاجرين. اجتاز آخرون حواجز الطرق وعبروا الحدود إلى عُمان حتى يسافروا إلى السودان، حيثُ انتظروا أسبوعاً على الأقل للحصول على تأشيرات الدخول إلى جيبوتي.
الحظر دمر أحلامهم
وعندما نُفذت النسخة النهائية من الحظر في ديسمبر/كانون الأول، اندلعت الفوضى. فأُبطِلت موافقات التأشيرات التي كانت قد صدرت في وقتٍ مبكر من يونيو/حُزيران العام الماضي. وفي بعض الحالات، حصل الأطفال على تأشيراتٍ بالدخول، لكن أمهاتهم لم يحصلن عليها، أو العكس.
وبعد أسبوعين من سريان الحظر، ذكر المحامون والمهتمون بهذا الشأن أنَّه جرى استدعاء ما يقرب من 250 يمنياً إلى السفارة ورُفِضَت طلباتهم جميعاً. وتتذكر أشواق مبقل، التي يعيش زوج أمها في الولايات المتحدة بولاية سياتل، بكاء عائلتها بأكملها في ذلك اليوم عندما أخذوا جوازات سفرهم من المسئول القنصلي. ولا تزال تأشيرتها قيد النظر، لكن أطفالها الثلاثة رُفِضَت تأشيراتهم.
وقالت أشواق في مقابلةٍ بشقة أحد أصدقائها: "أتمنى أن يقبلوا أطفالي بدلاً مني. أريد فقط مستقبلاً أكثر إشراقاً لهم، هذا كل شيء. الأمر مدمر حقاً لنا جميعاً، خاصةً في ظل حكم المحكمة العليا لصالح قرار ترمب".
وتلقى اليمنيون في جيبوتي، الذين كانوا ينتظرون إجراء مقابلةٍ للحصول على تأشيرة بعد شهر ديسمبر/كانون الأول، بياناً من صفحةٍ واحدة يفيد بأنَّهم غير مؤهلين للحصول على تأشيراتٍ بموجب القرار الرئاسي، ومعه إمَّا إفادةٌ بأنَّ المتقدم لم يحصل على استثناءٍ بموجب القانون، أو أنَّه يُنظر حالياً في إمكانية استثنائه من الحظر.
الأمل في الإعفاءات الاستثنائية
ولا تمنح الإعفاءات بموجب حظر السفر إلا إذا قررت الحكومة الأميركية أنَّ رفض التأشيرة قد يتسبب في معاناةٍ شديدة، وأنَّ إصدارها سيكون في مصلحة الولايات المتحدة، وأنَّ مقدم الطلب لا يمثل خطراً أمنياً. وقال مسؤولٌ في وزارة الخارجية إنَّ ما لا يقل عن 655 من مقدمي الطلبات مُنِحوا إعفاءاتٍ من الحظر من ديسمبر/كانون الأول عام 2017 إلى مايو/أيار عام 2018 في جميع أنحاء العالم.
انتظر عشرات الرجال بداخل مكتب جيبوتي لشركة غولدبيرغ وشركاه للمحاماة، التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً رئيسياً لها، بعد أسبوع من صدور حكم المحكمة العليا، أملاً في تلقي المساعدة. رفضت تأشيراتهم جميعاً بعد قرار الحظر. لذا أتوا لتقديم معلوماتٍ إضافية للسفارة بشأن الصعوبات التي تواجه عائلاتهم، وذلك من أجل النظر في أمر استثنائهم من الحظر، حتى مع عدم وجود إجراءاتٍ رسمية لتقديم طلبٍ مثل ذلك.
وقال ويتاكر، الذي يعمل مساعد محامي بشركة غولدبيرغ وشركاه، إنَّه ينبغي استثناء كل المواطنين اليمنيين من الحظر بسبب الحرب المستمرة. وقبل شهرين، بدأ في إعداد قائمة باليمنيين المتقدمين لطلب الاستثناء، مع وصفٍ لحالاتهم، وقدمها للسفارة للاطلاع عليها. إجمالاً كتب ويتاكر حوالي 292 قصة فردية وجيزة عن معاناة اليمنيين. ويقول إنَّه فعل بذلك بسبب قلقه أنَّ مقابلات استخراج التأشيرة، التي تبلغ مدتها 15 دقيقة على الأكثر، لا تغطي جميع المعلومات اللازمة للنظر في طلبات المتقدمين للحصول على استثناءٍ من الحظر.
البعض حصل على استثناء بالفعل
وقبل إجراء المرافعات الشفوية في المحكمة العليا في أبريل/نيسان الماضي، بدأ بعض المتقدمين المرفوضة تأشيراتهم بالفعل آنذاك في تلقي رسائل إلكترونية تفيد بالنظر في إمكانية استثنائهم، وتزايد وصول الرسائل في الأشهر التالية. وقالت ديالا شماس، وهي محامية في مركز الحقوق الدستورية، إنَّها لا ترى أي نمطٍ يحكم استثناء المواطنين أو استبعادهم. وأوضحت أنَّ الحالات الوحيدة التي صُدِّقَ عليها هي تلك التي كانت تحظى باهتمامٍ كبير من الرأي العام.
على سبيل المثال، أُعفت أسرة شيماء العمري، وهي فتاة يمنية تعاني من الشلل الدماغي، من الحظر بعد تسليط الضوء على قصتهم في وسائل الإعلام وفي مرافعات المحكمة العليا. واستلمت 17 أسرة أخرى تأشيراتهم المُصدّق عليها التي كانت قد أُبطِلَت عقب قرار الحظر بموجب أمرٍ قضائي بعدما رفع محامٍ دعوى قانونية نيابةً عنهم. ولم ينمُ إلى علم شماس وجود أية حالات أخرى في جيبوتي حظت بالاستثناء.
تقول شماس: "أعرف حالاتٍ كانت مؤهلة للاستثناء بوضوح ولم تتلق حتى الآن أي إشعارٍ يفيد بإعادة النظر في أمرها. غياب الشفافية في تلك المسألة يدعو للقلق بشكلٍ خاص لأنها تؤثر على حياة العديد من الأشخاص، بما في ذلك مواطنون أميركيون ومقيمون دائمون بصفةٍ شرعية يعجزون عن إحضار عائلاتهم. لا يمكن ترك الأمر خاضعاً لعملية مبهمة وعديمة المنطق".
وتساءل قاضي المحكمة العليا ستيفن براير في معارضته لقرار المحكمة في يونيو/حزيران الماضي عما إذا كانت عملية الاستثناء تُنفَّذ بفعالية. إذ يعد الاستثناء بمثابة الإعفاء الوحيد في ظل الحظر، ودليل الحكومة الوحيد على أنَّ قرار الحظر لا يشكل ضرباً من ضروب التمييز الواسع.
وقالت يولاندا روندون، المحامية لدى لجنة مكافحة التمييز الأميركية العربية: "إذا لم تطبق الحكومة عملية الاستثناء، فسيكون ذلك عاملاً حاسماً يبتّ في ما إذا كان للعداء الديني دور".
مئات اليمنيين ينتظرون
وحتى إذا نُظر في إمكانية استثناء المتقدمين، فإنَّهم يخضعون لمراجعةٍ أمنية ليس لها فترة زمنية محددة، ما يطيل مدة الانتظار ويقلل آمال الحصول على تأشيرات. ويُذكَر أنَّ السفارة الأميركية في جيبوتي رفضت طلب مقابلة موقع the Intercept أو توفير إحصائية بعدد الطلبات اليمنية المقدمة للحصول على التأشيرات. وقال بيانٌ أُرسل بالبريد الإلكتروني من مسؤولٍ في وزارة الخارجية إنَّ الوكالة كانت وستستمر في معالجة طلبات التأشيرة لتنفيذ الحظر وقرار المحكمة.
منذ قرار المحكمة العليا، آثر العديد من اليمنيين الحرب على الانتظار. وقدَّر عمرو تيتو، الذي يعمل مترجماً في دائرة الهجرة اليمنية في جيبوتي، أنَّ ما لا يقل عن 500 شخص غادروا عائدين لليمن في الأسبوع التالي الحكم، ويحجز عددٌ أكبر من ذلك رحلات جوية لليمن كل يوم.
أحد هؤلاء هو حليف صالح، الذي يملك ستةٌ من أقربائه جوازات سفر أميركية. في عام 2002، تقدم حليف بطلبٍ للحصول على تأشيراتٍ لأسرته، لكن بعد وفاة والد زوجته مقدم الالتماس أميركي الجنسية، كان عليه أن يعيد تقديم طلبهم مرةً اخرى، بالتماسٍ مقدم بواسطة شقيقها.
عندما تلقت الأسرة دعوةً لإجراء مقابلة في السفارة، باعت منزلها في اليمن وسافرت إلى جيبوتي في مارس/آذار 2016. ويجري النظر في طلبهم منذ ذلك الحين. لكن بعد الحظر وحكم المحكمة العليا، فقدت الأسرة الأمل في السفر.
"نحب الولايات المتحدة"
يقول صالح بينما هو جالس في غرفة جلوسه، محاطاً بزوجته وأطفاله الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و15 سنة: "جئنا إلى جيبوتي لأنَّنا نحب الولايات المتحدة الأميركية. إنَّها بلد الحرية والمساواة، ما الضرر الذي يمكن أن يلحقه هؤلاء الأطفال بالأمن القومي؟".
يكافح صالح من أجل تحمل التكاليف الباهظة للمعيشة في جيبوتي. ففي العامين الماضيين، في مسقط رأسه على الخطوط الأمامية في اليمن، قُتلت ابنة أخته في انفجار سيارة مفخخة، ومات شقيقه في غارةٍ جوية، وجاره في انفجارٍ على جانب الطريق. ويقول إنَّ بنتيه التوأم البالغتين من العمر سبع سنوات أخبرتاه أنَّهما لا تريدان العودة إلى اليمن خشية أن يقتلهما المتمردون.
وعبَّر صالح عن وضعه الميؤوس منه قائلاً: "الموت أهون علينا من فكرة العودة إلى اليمن. إما أن أتضور جوعاً هنا حتى أموت، أو أعود هناك وأموت برصاصة".
لكن بعد قرار الحظر الذي أصدرته الولايات المتحدة الأميركية، يبدو أنَّ قرار صالح قد اتخذ رغماً عنه. فبعد يومٍ واحد من مقابلة موقع The Intercept مع أسرته، عادوا جميعاً إلى منطقة الحرب.