أبرمت الجزائر صفقة مع تركيا لشراء طائرات مسيرة من أنقرة، حيث وقع اختيار الجزائر على طائرات "أنكا" المسيرة، بعد مفاوضات استمرت لعدة أشهر اطلعت خلالها الجزائر على جميع الطائرات المسيرة القتالية التركية المتاحة، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني.
الموقع البريطاني أشار في تقرير نشره الأربعاء، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن الصفقة تأتي بعد أن حمّلت الجزائر الغاضبة، المسؤولية لتركيا بعد أن قتل هجوم بطائرة مسيرة- يُشتبه في كونها مغربية- ثلاثة جزائريين، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، وذلك بالقرب من بلدة بئر لحلو في الصحراء الغربية.
حسب الموقع البريطاني، لم تمتلك الجزائر أي أدلةٍ ملموسة، لكن مسؤوليها كانوا على قناعة بأن المغرب استخدم طائرات بيرقدار تي بي 2 التركية، في قصف قافلة شاحنات، بعد أن قضى المغرب عاماً كاملاً في معارك ضد جبهة البوليساريو بالمنطقة.
غضب الجزائر من تركيا بسبب المغرب
أضاف الموقع أن الجزائر التي غضبت، خرجت لتتهم أنقرة بالانحياز لصف إحدى الدولتين الواقعتين في شمال إفريقيا بسبب طائرات مسيرة. بينما تتمتع تركيا بعلاقةٍ ودية قديمة مع كليهما.
مع العلم أن المغرب تسلّم، في سبتمبر/أيلول عام 2021، أول دفعة طائرات مسيرة مسلحة من أصل 13 طائرة، بعد شرائها من شركة الأسلحة التركية الخاصة بايكار، في صفقةٍ بقيمة 70 مليون دولار حسب التقارير.
بدأت غارات الطائرات المسيرة المغربية على أهداف البوليساريو بعدها بوقتٍ قصير، لكن جبهة البوليساريو زعمت استخدام طائرات مسيرة صينية وإسرائيلية الصنع في الهجمات ضدهم من قبل أيضاً.
بينما انتهج الدبلوماسيون الأتراك سياسةً أكثر توازناً للرد على ذلك، بحسب ما أفادت به عدة مصادر لموقع Middle East Eye البريطاني.
حيث ظل موقف أنقرة مبهماً فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية الشائكة، التي يسيطر المغرب على 80% منها، بينما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر بإقامة دولتها المستقلة عليها.
طائرات مسيرة تركية في الجزائر
لهذا بعثت أنقرة برسالةٍ بسيطة إلى الجزائر من خلال سفيرها في المحادثات اللاحقة، وفحواها أن تركيا على استعداد للتعامل معكم تجارياً أيضاً.
استمرت المفاوضات لعدة أشهر، اطّلعت خلالها الجزائر على جميع الطائرات المسيرة القتالية التركية المتاحة. وساعدت السفيرة التركية ماهينور أوزدمير في تقدم المحادثات بفضل تحدثها الفرنسية بطلاقة، فضلاً عن كونها معيّنةً سياسية بخط اتصالٍ مباشر مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لحل أي مشكلات تطرأ على العلاقات.
لم يقع اختيار الجزائريين في النهاية على طائرات بيرقدار تي بي 2 المسيرة الشهيرة، رغم اعتبارها من الطائرات القتالية الكبيرة التي أثبتت قدراتها في أوكرانيا وسوريا وليبيا وناغورني قره باغ.
بل اختارت الجزائر شراء 10 طائرات مسيرة من طراز أنكا إس، التي تصنعها الشركة التركية لصناعات الفضاء، وفقاً لتصريحات مصدرين مطلعين على المفاوضات للموقع البريطاني.
تُعتبر طائرات أنكا إس من المركبات الجوية غير المأهولة منخفضة الارتفاع وعالية التحمل، والتي يمكنها التحليق لمدة 30 ساعة دون توقف.
كما أن هذه الطائرات المسيرة تستطيع تغطية مساحةٍ أكبر من الخيارات الأخرى، بفضل اتصالها بالأقمار الصناعية، ما يعني أنها ستكون مفيدة في مناطق مثل شمال إفريقيا التي تغطيها الصحاري الشاسعة.
الصفقة تمت في انتظار التأكيد
تقول مصادر الموقع البريطاني إن الصفقة تمت الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تمررها الجزائر رسمياً خلال الأسابيع المقبلة. ولم يتضح رد فعل المغرب على الصفقة حتى الآن.
تتمتع الرباط بعلاقةٍ حادة المزاج مع أنقرة، لأنها ترى في حزب العدالة والتنمية التركي قوةً إسلاموية حققت أصداءً جيدة داخل المغرب، وذلك عندما وصل حزبٌ مغربي يحمل الاسم نفسه إلى الحكومة بين عامي 2011 و2021.
كما لم تتوانَ الحكومة المغربية الجديدة عن انتقاد أنقرة عبر صحفها الرسمية، عندما دخلت تركيا في خلافٍ مع السعودية.
بينما وصلت العلاقات بين الجزائر والمغرب إلى الحضيض، بعد قطع الجزائر لكامل علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021، بدعوى "الأعمال العدائية".
حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، وهو ما تحوّل إلى صراعٍ مسلح، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، بعد وقف إطلاق النار الذي استمر لثلاثة عقود.