وصلت السفينة الشراعية "تارا"، السبت، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إلى فرنسا، عائدة من رحلة علمية طويلة، جابت خلالها 70 ألف كيلومتر في مناطق عدة من العالم، وأحضرت منها آلاف العينات من الكائنات الحية البحرية الدقيقة، التي يُفترض أن يتيح تحليلها فهماً أفضل لعمل العوالق البحرية.
مدير مؤسسة "تارا"، رومان تروبليه، قال خلال مؤتمر صحفي في غروا (غرب فرنسا)، في ختام الرحلة التي استغرقت عامين، وحملت عنوان "مهمة ميكروبيوم": "ما مِن اكتشاف معيّن" تعلنه البعثة، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
خلال رحلتها من تشيلي إلى إفريقيا، مروراً بالأمازون والقارة القطبية الجنوبية، أخذت السفينة الشراعية المختبرية نحو 25 ألف عينة من الكائنات الحية الدقيقة البحرية (الفيروسات والبكتيريا وسواها).
أضاف تروبليه أنه "في غضون 18 شهراً إلى عامين، سنبدأ في التوصّل إلى الاكتشافات الأولى" بعد تحليل العيّنات.
هذه الكائنات الدقيقة التي توصف بأنها "شعب البحر الخفيّ"، هي أساس السلسلة الغذائية، وتشكّل أكثر من ثلثي الكتلة الحيوية البحرية، وهي تلتقط ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وتوفر نصف الأكسجين الذي نتنفسه.
تروبليه قال إن "السؤال الذي نطرحه على أنفسنا هو: كيف تعمل؟ كيف تتفاعل كل هذه الفيروسات، وهذه البكتيريا، وهذه الطحالب البحرية الدقيقة لإنتاج الأكسجين وتخزين الكربون وإنتاج البروتينات؟"، وأضاف "كيف يمكن أن يتغير ذلك مستقبلاً مع تغير المناخ والتلوث؟".
غازات سامة
ركزت البعثة في عملها على التلوث البلاستيكي، وتأثير نهر الأمازون، الذي يبلغ تدفقه نحو 200 مليون لتر في الثانية، على حياة المحيطات وميكروبيوم المحيط.
من جانبه، توقع الباحث في جامعة نانت (غرب فرنسا) سامويل شافرون، أن يكون للأمازون "دور في نشوء (طحالب) السرجسوم"، وأوضح أن أبخرة سامة تنبعث من هذه الطحالب الغازية، التي تتكاثر في جزر الهند الغربية عندما تتعفن على الشاطئ.
أضاف شافرون أن "إحدى الفرضيات هي أن إزالة الغابات في البرازيل وزيادة الزراعة أدت إلى زيادة تصريف سماد النترات في منطقة الأمازون (…)، وهو ما يؤدي إلى ظهور طحالب السرجسوم هذه (…)، التي نجدها حتى السواحل الإفريقية".
أسفرت البيانات التي جمعتها "تارا" خلال رحلاتها السابقة عن نشر أكثر من 250 بحثاً في الصحافة العلمية، وكان 14 شخصاً من بينهم 6 علماء من جنسيات عدة على متن السفينة، التي صممها المستكشف جان لوي إتيان، ويبلغ طولها 36 متراً، وعرضها 10 أمتار.
من المقرر أن تنطلق السفينة في ربيع 2023 في رحلة جديدة تهدف إلى دراسة التلوث الكيميائي قبالة السواحل الأوروبية.