في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن حظر الخمور بشكل نهائي من الملاعب خلال مباريات كأس العالم قطر 2022.
وجاء ذلك في بيان رسمي من أجل إنهاء الجدل حول هذا الأمر، حيث كانت دولة قطر قد قررت منع المشروبات الكحولية من المدرجات، وذلك لتنافيها مع الثقافة العامة للدولة من جهة، وكون المشروبات الكحولية المتسبّب المباشر في الرفع من نسبة أعمال الشغب والجريمة أثناء الدورات الرياضية من جهة أخرى.
أثار قرار الحكومة القطرية والفيفا بحظر المشروبات الكحولية من الملاعب الكثير من الجدل، وتعرضت البطولة التي تُحتضن لأوّل مرة في المنطقة العربية لحملة تشويه كبيرة.
وردّاً على حملات التشويه والجدل القائم، خصوصاً من بعض الدول الأوروبية، على قرار حظر الكحول في الملاعب خلال مونديال قطر 2022، قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، خلال مؤتمر إعلامي عقده عشية افتتاح كأس العالم قطر 2022، إنّ دولاً أوروبية تمنع بيع المشروبات الكحولية في ملاعبها.
فرنسا تحظر الكحول في يورو 2016
ينظّم القانون الفرنسي استهلاك الكحول في البلاد، وقد يحظر أيضاً استهلاكها في أماكن معينة، مثل المنشآت الرياضية، وذلك من خلال قانون إيفين الذي صدر في العاشر من يناير/كانون الثاني 1991، والمتعلق بالأساس بمكافحة التدخين وإدمان الكحول.
ويحظر هذا القانون، بشكل خاص، بيع الكحول والسجائر في المنشآت المدنية والرياضية، كما يحدّ بشدة من الحق في الإعلان عن المشروبات الكحولية، من أجل حماية الشباب من عمليات التسويق، لا سيما في سياق الأحداث الرياضية.
بحسب صحيفة liberation الفرنسية، تمّ اختراق وإضعاف قانون حظر الكحول تدريجياً، فقد سُمح به في غرف الملابس والصالات الخاصة في إطار "قانون الطعام"، وفي عام 1999، سمحت البلديات ببيع الكحول في الملاعب عشر مرات في السنة لكل نادٍ، وذلك وفق طلب مسبق يقدّمه النادي.
ووفقاً لصحيفة le parisien، تعدّ أماكن كبار الشخصيات بالملاعب الفرنسية مستثناة من قانون حظر الكحول، إذ يُسمح بالمشروبات الكحولية على مدار العام في تلك الأماكن، التي لا تخضع لقواعد قانون إيفين، لكنها تخضع لقانون الطعام، إذ يمكن لمديرية الجمارك الإقليمية إصدار ترخيص "طعام" لأندية كرة القدم طالما كانت المشروبات مصحوبة بطعام.
كما يمكن للملاعب الفرنسية بيع "البيرة الخالية من الكحول" فقط، لكن في الواقع حسب الصحيفة الفرنسية، لدى القانون استثناءات كثيرة، غير رسمية إلى حد ما.
وفي نهاية يوليو/تموز 2019، قدّم 70 نائباً فرنسياً مشروع قانون يهدف إلى "تخفيف تطبيق قانون إيفين في الملاعب من خلال تمديد منح التراخيص المؤقتة لبيع الكحول للجمعيات الرياضية".
لكن وزيرة الصحة، أنييس بوزين، اتخذت موقفاً معارضاً، وأكدت في تغريدة لها على موقع تويتر أنّ "الكحول يقتل 41 ألف شخص كل عام في بلادنا". وطالبت بعدم تشجيع المزيد من الاستهلاك.
وفي منافسة يورو 2016 التي أقيمت في الأراضي الفرنسية، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برنارد كازنوف، عن حظر المشروبات الكحولية في المدن التسع التي تستضيف بطولة أمم أوروبا 2016، وجاء ذلك على خلفية أعمال العنف التي شهدتها مدينة مرسيليا جنوبي فرنسا، بين مشجعي المنتخبين الإنجليزي والروسي.
وفي عام 2018، قررت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الموافقة على بيع المشروبات الكحولية داخل الملاعب اعتباراً من الموسم الذي يلي القرار، في دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، "دون فرض هذا البيع وتوزيع المشروبات في الملاعب على الاتحادات الأوروبية".
بالنسبة لفرنسا، لم يغيّر القرار الأوروبي شيئاً، حسب الإعلام الفرنسي، حيث إنه بموجب قانون إيفين، يحظر بيع الكحول في الأماكن الرياضية.
إسبانيا حظرت المشروبات الكحولية في ملاعبها منذ 1990
مع استمرار الشغب في الملاعب الإسبانية، وضلوع الكحول كسبب مباشر في تنامي الظاهرة، وضعت السلطات الإسبانية القانون 10/1990، الصادر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1990، والذي بفضله حظرت الحكومة الإسبانية بيع جميع أنواع المشروبات الكحولية وأنواع المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية في الملاعب أثناء المنافسات الرياضية، وذلك للحدّ من منع عنف المشجعين في الملاعب.
من جهتها تطبق جزر البليار الإسبانية حظراً شاملاً للكحول في المنشآت الرياضية، بحيث تنص المادة 119 من قانون الرياضات في جزر البليار على "حظر استهلاك المشروبات الكحولية في الملاعب الرياضية".
وتعدّ البيرة الخالية من الكحول الخيار الأكثر انتشاراً بين الجماهير الحاضرة في الملاعب الإسبانية حالياً.
أسكتلندا من أقدم الدول الأوربية حظراً للكحول بالملاعب
كانت أسكتلندا من أوّل الدول الأوروبية التي تضع تقييداً وحظراً للكحول بالملاعب، إذ تم فرض حظر الكحول في ملاعب كرة القدم، وفقاً لقانون العدالة الجنائية في البلاد لعام 1980، وذلك في أعقاب أعمال عنف شهدتها مباراة نهائي كأس أسكتلندا 1980، بين فريقَي رينجرز وسلتيك.
وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف ظاهرة الشغب في الملاعب الأسكتلندية، بعد أن أصبح المشجعون يتناولون الكحول قبل دخولهم إلى الملاعب.
ليتمّ تعزيز قانون حظر الكحول في الملاعب الأسكتلندية بقانون ثانٍ سنة 1985، تضمنه قانون الأحداث الرياضية الأسكتلندية، والذي بموجبه حُظر على المشجعين الدخول في حالة سكر إلى ملعب كرة القدم أو استهلاك الكحول في عرض منطقة اللعب، خلال الفترة الممتدة 15 دقيقة قبل بدء المباراة إلى 15 دقيقة بعد نهايتها.
كما حُظر استهلاك الكحول في بعض الحافلات والقطارات والسيارات المخصصة لنقل الجماهير إلى مباريات كرة القدم.
وبموجب الحظر المستمر منذ تلك الفترة إلى الآن، لا يُمكن تقديم المشروبات الكحولية في ملاعب كرة القدم، على الرغم من وجود استثناءات تشمل مناطق ضيافة الشركات وكبار الشخصيات، ورغم المطالبات بالسماح باستهلاك الكحول في ملاعب كرة القدم، تعارض الشرطة الأسكتلندية الفكرة بقوة.
البرتغال حظرت الكحول في الملاعب منذ عام 1980
تحظر البرتغال منذ عام 1980 إدخال المشروبات الكحولية وبيعها واستهلاكها في الملاعب الرياضية، وذلك ضمن أول لائحة بشأن العنف المرتبط بالرياضة، وفقاً business standard.
ورغم بعض الاستثناءات المنصوص عليها في التشريعات الحالية، مثل استهلاك المشروبات الكحولية في الكبائن، يُسمح فقط بالمشروبات غير الكحولية في الملاعب الرياضية.
في عام 1985، وقّعت البرتغال على اتفاقية أوروبية بشأن العنف والتجاوزات من قِبل الجمهور في الأحداث الرياضية، وخاصة مباريات كرة القدم. وتحظر الاتفاقية إدخال المشروبات الكحولية من قِبل المتفرجين، وبيع وتوزيع المشروبات الكحولية في الملاعب، وطرد الأشخاص الذين يكونون في حالة سكر من الملاعب.
وشهدت التشريعات في البرتغال بعض التعديلات التي خفضت من نطاق حظر الكحول في البلاد، ففي سنة 2009 أُصدر القانون 39، والذي سمح بإنشاء مناطق مخصصة لاستهلاك المشروبات الكحولية في الملعب، وهو ما يفسر سبب شرب الكحول في الكبائن، كما نصّ القانون على أنّ إدخال وبيع واستهلاك المشروبات الكحولية في غير الأماكن المخصصة جريمة إدارية.
وفي عام 2019، سعت أندية الدوري البرتغالي الممتاز إلى الضغط من أجل السماح ببيع واستهلاك البيرة في الملاعب، وذلك من خلال تعديل القانون 39.
اقترحت الأندية البرتغالية السماح للمشجعين ببيرة منخفضة الكحول في الملعب بذلك لن يحتاجوا إلى شرب الكثير من الكحول خارج الملاعب قبل انطلاق المباراة، ولحدّ الآن لم يتم الفصل في القرار بعد.
روسيا حظرت الكحول من ملاعبها واستسلمت في فترة كأس العالم
باستثناء مناطق الشخصيات المهمة، تم حظر بيع الكحول في ملاعب كرة القدم الروسية والمناطق المحيطة بها منذ عام 2005، وذلك في أعقاب أحداث شغب حدثت عام 2002 في موسكو، والتي اندلعت بعد أن شاهد المشجعون الروس المنتخب الوطني يتكبد خسارة أمام اليابان في كأس العالم على شاشات عملاقة في العاصمة، بحسب RT الروسية.
وفي عام 2012، فرضت روسيا حظراً كاملاً على إعلانات الكحول في التلفزيون والإذاعة، ووسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة.
وبالرغم من قرار الفيفا بالسماح بتناول المشروبات الكحولية خلال مونديال روسيا 2018، وإلزام موسكو بذلك، قامت الحكومة الروسية بحظر بيع الفودكا في القطارات التي تنقل المشجعين إلى المباريات، كما حظرت مدينة موسكو بيع المشروبات الكحولية في المطاعم ومحلات السوبر ماركت وحتى الحانات ومحلات بيع الخمور في أيام المباريات والأيام السابقة.
لكنَّ مشجعي كرة القدم الذين حضروا مباريات المونديال، سمح لهم بتناول المشروبات الكحولية المنتجة من شركتَي Budweiser، وABInBev، كونها راعية للبطولة.