لبس قبعته اللاعب المغربي حكيم زياش في 1 ديسمبر/ كانون الأول، بعد فوز منتخب بلاده على نظيره الكندي في تصفيات دور المجموعات بكأس العالم قطر 2022، قبعة الكراب أو "مول الكربة" ساقي الماء في المغرب.
يعتبر الكراب من المهن القديمة في المغرب التي بدأت في الانقراض من المدن العتيقة، يشتق اسم المهنة من "الكربة" وهي كلمة مغربية تعني مكان وضع الماء المصنوع من جلد الماعز، والتي تعتبر أهم المستلزمات في المهنة.
الكراب.. أرجل حافية وملابس قصيرة
يختلف الكراب في الوقت الحالي عما كان عليه في البداية، ففي البداية كانت مهنة يلجأ إليها العديد من الناس لكسب قوت يومهم، إذ يسهلون وصول الماء إلى الناس، سواء في الأسواق أو بالقرب من المتاجر أثناء العمل.
حسب موقع "المغرب الآن" كان الكراب في حركة دائمة ويتنقل باستمرار وبشكل يومي بين الأزقة يوزع الماء على المنازل والمحلات وبين الناس في الأسواق، باحثاً عن زبائن راغبين في الحصول على الماء.
كما كان للكراب زبائن أوفياء يقوم بإيصال الماء لهم كل يوم، كما كان قبل تسليم الماء يطرح سؤالاً على زبائنه: "حاجيتك ماجيتك على لي داخل كيقطر وخارج كيقطر" أي بمعنى أستفسرك عن الذي يأتي مبللاً ويعود مبللاً كنوع من المزاح بينه وبين زبائنه.
لم تكن الملابس الأولى للكراب كما هي الحال عليه حالياً في الأماكن السياحية، إذ كانوا يلبسون نعالاً مصنوعة من الدوم (نوع من النباتات)، وفي بعض الأحيان حفاة الأقدام، بالإضافة إلى ملابس قصيرة فوقها قطع مصنوعة من الجلد أو من المطاط.
هذه الملابس صنعت لحمايتهم من التبلل، حسب نفس المصدر، كان أغلب ممتهني سقاية الماء من ذوي البشرة السوداء من أصول ضراوي أو فيلالي "منطقة درعة وتافيلالت" في عهد الحماية الفرنسية.
كأس نحاسية والحناجر عطشى
كانت مهنة الكراب شاقة وتتطلب مجهوداً عضلياً كبيراً، حيث كان الكراب هو من يجلب الماء للبيوت والمحلات، لأن معظم المنازل بالرغم من توافرها على آبار، لم تكن بها خزان للمياه.
كان الكرابة يشتغلون من الصباح إلى المساء، وكان للكراب زبائن دائمون ومنازل متعاقِد معها يقوم بخدمتهم، وعند انتهائه من تزويدهم بالماء الذي يكفيهم ويلزمهم من أجل الأعمال المنزلية الضرورية أو الشرب، ينطلق بعد ذلك، للتجول في الأسواق، بحثاً عمن يريد شرب الماء.
بعدما يملأ قربته ويُركب فيها أنبوباً من النحاس الأصفر ويحمل في يده جرساً وطاسات نحاسية للشرب، منادياً بين المارة: "الما لله ومن أعطى شيء في سبيل الله".. بمعنى "الماء لله ومن أعطاني شيئاً فهو في سبيل الله". ويقدم لمن عطش شربة ماء. كما كان الكرابة كذلك هم من يرُشُّون أبواب القصور والأسواق.
كانت كل "سقاية للماء" يتردد عليها مجموعة من الكرابة، حيث كان الكراب يملأ كربته بالماء من السقايات العمومية التي تتزود بالمياه القادمة من ينابيع الماء، وكانت منتشرة في كل أحياء المدينة العتيقة. أغلبيتها ما زالت ماثلة وغير مستعملة ومنها ما اندثر.
سقاية الماء حرفة في طور الاندثار
يشتهر الكراب حالياً في المدن القديمة والسياحية بالمغرب، لكن تغيرت العديد من الأشياء غير مدخوله اليومي الذي أصبح يقتصر على السياحة والتقاط الصور من الأجانب.
تغير زي الكراب مع الوقت، بعد أن كان يشتهر بلباسه القصير ورجليه الحافيتين، أصبح يكتسي بملابس ملونة تلفت انتباه كل من يمر بجانبه، بالإضافة إلى الكؤوس النحاسية المعلقة فوق صدره وصوت الجرس الذي يملأ المكان منادياً به محبي شرب الماء في الكؤوس النحاسية.
يعرف الكراب خاصة في المدينة القديمة للعاصمة الرباط، خصوصاً في "باب الأحد".. أفضل ما يميز لباسه القبعة الكبيرة المصنوعة من الدوم المجفف والممزوجة بقطع من الصوف الملون ذات أساس أحمر فاقع.
الكراب حالياً في طور الاندثار، لكنه ومع ذلك يعد من بين أكثر المهن القديمة التي تلفت انتباه السياح القادمين إلى المغرب.
فحين يذكر الكراب في المغرب يتبادر إلى الذهن ذلك الرجل ذو اللباس التقليدي الأحمر والقبعة المزركشة، حاملاً قربته الجلدية المصنوعة من جلد الماعز على كتفه، ومنتعلاً "بُلغة" تقليدية ومعلقاً مجموعة أكواب نحاسية، إلى جانب حمله لجرس بيده تسمع صوته من بعيد، وذلك لإثارة انتباه المارة ومحبي شرب الماء في الأواني النحاسية.