ارحبوا.. أغنية لمونديال قطر بنكهة وأنفاس أطفال المخيمات السورية
لقد شاهدت تلك الأغنية المونديالية، واستمعت لها من أطفال مخيمات سورية، وكررتها مراراً، فعلت ذلك مشدوداً بعظمة هؤلاء الأطفال، الذين يعيشون ربما في أشد بقاع العالم فقراً، وأقلها رفاهية على الإطلاق، إن لم نقل إنها معدومة الرفاهية، وبلا أدنى بنى تحتية.
بل تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة؟!
وما زلت أتساءل هل شدّني إليها تعاطفي معهم، أم ترى هو إبداعهم الخلّاق، أم أنها الرغبة في التعلق بجرعة كبيرة من الأمل، ضختها بين جوارحي ضحكاتهم، وفرحهم اللامحدود؟
الخيمة وشظف العيش فيها بكل صعوباته، وتحدياته، ومعوقاته، لم يمنعهم من مواكبة أبرز أحداث العالم، وتفاعلوا معها على طريقتهم الخاصة، قالوا ما لديهم، وترجموا محبتهم بعمق بساطتهم، نثروا رسائلهم لجهات العالم الأربع.
"ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً" نحن هنا رغم الألم، رغم الوجع، رغم الدمار، وكل وقائع المعاناة، وتعدد أشكالها لن تحول بيننا وبين ما نعشق ونحب.
لا أصدق من مشاعر الطفولة، ولا أبلغ من دلالاتها في التعبير عن مكنون النفس البشرية، وإننا بهذا الأداء الجميل، والأخّاذ لهذه الثلّة من الأطفال أمام أحد تجليات هذه المشاعر الإنسانية، وانعكاسات هذه النفوس البريئة بحلّة قيمية، راقية، تقفز عن كل محاولات النيل منها، وتتجاوز كل الحدود والجغرافيا.
فهذا هو الجيل الذي أنتجته كل سنوات القهر والحرمان العشر السابقة، وإن كان هناك ثمّة رهان، فهو على هذه الشريحة.
تخيط المرأة العجوز من وسط خيمتها، وبأناملها المتعبة الكرة الممزقة، فكأنما تعيد لهم فرصة جديدة لحياة أفضل، بعد تشرذم وتمزق وطنهم، وانقساماته المتعددة في الجغرافية والنفوذ، وتقذف الكرة لهم، كأنما تلقي لهم بطوق النجاة.
ولا يحبس الرجل العجوز الكرة عنهم كما اعتدنا أيام طفولتنا، عندما كان يحجز الكرة كبار السن، مهددين بتمزيقها أو الاحتفاظ بها لحين تدخل غيره من الجيران كي يعيدها، لكنه يرميها لهم كركلة البداية، في رسالة أشبه برغبة عارمة منه، ودعوة لهم بالاستمرار، رغم كل الصعاب والمعوقات .
ربما لم تصلهم تفاصيل وحيثيات وملابسات الحملة الدعائية الممنهجة التي شنّها البعض ضد إقامة مونديال كأس العالم في بلد شقيق لهم، لكنهم شاركوا بالحملة المضادة بعفويتهم وبطفولتهم البريئة، قالها كل طفل منهم #أنا_عربي_وأدعم_قطر في وجه هذه الهجمة الظالمة والشرسة عليها.
ونقولها نحن ونردد خلفهم، من حقنا نحن العرب والمسلمين أن يكون لدينا مَن يمثلنا في أنشطة وفعاليات المحافل الدولية، بكل أشكالها، وأنواعها، وتستحق قطر وشعبها الدعم؛ لأنها تصدّت لهذه المهمة عبر استضافة مونديال كأس العالم 2022.
وكلنا يقين بأن هذه النسخة من البطولة العالمية ستكون مميزة، وستترك قطر بصمة لها وللعرب والمسلمين، من خلال الساحرة المستديرة، وفي هذا الميدان، عبر توظيف عملي لمفهوم الدبلوماسية الشعبية كرافد مهم، وقوي، ومعزز لنجاحاتها في إطار الدبلوماسية الرسمية.
بقي القول إن لأطفال هذا الشعب السوري العظيم والشقيق كل الدعم، والإسناد في محنته من أجل الخلاص والانعتاق من كل أشكال الظلم والاستبداد، والوصول به إلى بر الأمان، بعد كل ما دفعه من أثمان على مذبح الحرية، ولا أقل من أن ينعم بحياة ملؤها السعادة والفرح والطمأنينة كغيره من أطفال العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.