كل من تابع حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، سيكون قد شاهد التميمة التي تم اختيارها، والتي جاءت على شكل مثلث أحمر غريب بعض الشيء، لكن في الواقع إنها عبارة عن شيء مختلف تمامًا.
فهذا المثلث عبارة عن رمز من رموز الحرية، التي ارتبطت بتاريخ فرنسا، خلال فترة الثورة الفرنسية التي استمرت من سنة 1789 حتى سنة 1799.
وحسب ما نشره الموقع الرسمي للألعاب الأولمبية، فإن هذا الاختيار جاء من أجل إبراز أن الرياضة يمكن أن تغير كل شيء وأنها تستحق أن يكون لها دور مركزي في المجتمع.
فيما قال رئيس ألعاب باريس 2024 توني إستانجيه في حفل الافتتاح: "أردنا تميمة تجسد رؤيتنا وتكون قادرة على مشاركتها مع الشعب الفرنسي والعالم".
وأضاف: "بدلاً من أن تكون حيوانًا، فإن التميمة لدينا تمثل المثل الأعلى، والقبعة الفريجية هي رمز للحرية، ولأنها مألوفة بالنسبة لنا وتظهر على طوابعنا وواجهات قاعات بلدياتنا، فهي تمثل أيضًا الهوية والروح الفرنسية".
هذا التصريح كان كفيلًا بأن يكشف السبب وراء هذا الاختيار، إلا أنه في نفس الوقت هناك كثيرون لا يعرفون القصة وراء هذه القبعة، ولماذا تم ربطها بالحرية في فرنسا.
ما قصة القبعة الفريجية؟
كانت القبعة الفريجية، التي تعود أصولها الحقيقية إلى قبيلة الفريجيين، تُرتدى في منطقة الأناضول، وهي تركيا الحالية، منذ عام 800 قبل الميلاد. وكانت تُعتبر علامة على الرجال الأحرار في اليونان القديمة، لذلك كان العبيد المحررون يرتدون هذه القبعة بعد حصولهم على حريتهم.
كما كانت القبعة الحمراء ذات القمة التي تعطيها شكلًا شبيها بالمثلث جزءًا من التاريخ الفرنسي لقرون من الزمان.
إذ اكتسبت القبعة شعبية واسعة النطاق من قبل الثوار الفرنسيين، وذلك بعد أن تم ارتداؤها أثناء الثورة الفرنسية عام 1789، والتي استمرت إلى غاية سنة 1799.
وبعد ذلك أصبحت القبعة الفريجية ذات رمزية واضحة أمام الفرنسيين، فقد أصبح يمكن رؤيتها على تماثيل نصفية لماريان، وهي امرأة تعتبر "تجسيدًا للجمهورية الفرنسية".
وحتى قبل الثورة الفرنسية، فقد تم إرتداء القبعات الحمراء أثناء بناء كاتدرائية نوتردام في باريس عام 1163، كما ارتداها العمال الذين قاموا ببناء برج إيفل.
لم تنحصر شهرة ورمزية هذه القبعات الفريجية في فرنسا فقط، فقد شقت طريقها أيضًا إلى الولايات المتحدة، حيث ظهرت القبعة في صور من الثورة الأمريكية، و تم استخدامها في الفن والعملات الأمريكية في أوائل القرن التاسع عشر.
القبعة الفريجية في الألعاب الأولمبية 2024
يصف الموقع الإلكتروني الرسمي للألعاب الأولمبية التميمة بأنها استراتيجية مدروسة وذكية.
وقد جاء في الوصف الذي تم نشره: "تمامًا مثل الرياضيين الأولمبيين، فهي تعرف أهمية قياس جميع المعايير المختلفة لتحقيق أهدافها، بعقلها الحاد، فهي متواضعة وتفضل إخفاء مشاعرها".
كما جاء في وصف الموقع الإلكتروني: "ستقود الفريجة الأولمبية حركة كل من يشارك في الرياضة، وصدقنا، ستبذل قصارى جهدها لتحريك فرنسا!"
ثم يضيف الوصف: "شغفها هو شق الطريق؛ قد يقول البعض إنها لا تعرف الخوف، وقد يكون هذا صحيحًا، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: إنها تكره الملل وتحب تجربة أشياء جديدة"، وبغض النظر عن الرياضة، وسواء كانت تتنافس كجزء من فريق أو بمفردها، فهي دائمًا مستعدة للعب.
ما هي تميمة الألعاب الأولمبية السابقة؟
وفقًا للألعاب الأولمبية، تعتبر تميمة الألعاب الأولمبية التي يتم اختيارها كل عام سفراء يجسدون روح الألعاب الأولمبية في الدولة المحتضنة للحدث الرياضي العالمي.
فقد كانت موجودة منذ ألعاب عام 1968، عندما استضافت مدينة غرونوبل الفرنسية الألعاب الشتوية. كانت أول تميمة عبارة عن رجل صغير يدعى شوس، يقف على الزلاجات، فيما ظهر تصميم شوس مرة أخرى على عجل، بعد أن كان من الصعب تحديد مقترح آخر للتميمة.
فيما تميزت دورة ميونيخ للألعاب الأولمبية عام 1972 بوجود الكلب الألماني والدي، وكان والدي هو أول تميمة في تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية.
ومنذ ذلك الحين، كان هناك رجل الثلج شنايماندل، والقندس أميك، والنسر سام، والنمر هودوري، وبينج دوين دوين، ثم شخصيات أخرى شهيرة.
وفقًا للموقع الرسمي للألعاب الأولمبية، فقد تم التركيز من خلال التميمة على إضفاء شكل ملموس على الروح الأولمبية، ونشر القيم التي تم تسليط الضوء عليها في كل نسخة من الألعاب؛ والترويج لتاريخ وثقافة المدينة المضيفة؛ وإضفاء جو احتفالي على الحدث.