الشخصية الانتقائية اجتماعيًا عبارة عن فرد يختار بعناية الأشخاص الذين يتفاعل معهم ويكوّن علاقات اجتماعية محددة، بعيدا عن كثرة الأصدقاء والمعارف.
ويتميز هذا النوع من الأشخاص بقدرته على تقييم العلاقات وتحديد الأشخاص الذين يشعر معهم بالراحة والأمان، ويمتاز كونه شخص حساس اجتماعياً ومتفهمًا، و يولي أهمية كبيرة للجودة على الكمية في علاقاته مع الآخرين.
وهناك مجموعة من الأسباب التي تجعل الشخص انتقائي، من بينها تجاربة السلبية مع كثرة الأصدقاء، أو اختياره السيء لمحيطه، أو حتى طبيعة شخصيته التي تميل بشكل أكبر إلى كل ما هو عميق وليس العلاقات السطحية.
البعض يمكن أن يحلل هذه التصرفات على أنها خجل، لكن الحقيقة مختلفة عن ذلك، فهي إنتقاء أكثر من أي شيء آخر، لذلك كيف نعرف إذا كنا من الشخصيات الانتقائية، وما هي أبرز الصفات التي تمتاز بها هذه الشخصية؟
ما هي الانتقائية الاجتماعية؟
تعني الانتقائية الاجتماعية أن الشخص يحب قضاء الوقت مع عدد قليل من الأشخاص بدلاً من مجموعات كبيرة.
لا يعني ذلك أنه خجول أو انطوائي ويعاني الرهاب الاجتماعي، لكنه يفضل فقط تكوين صداقات مع أشخاص مقربين قادرين على فهمه بالشكل الصحيح.
لذلك إذا كنت شخصًا اجتماعيًا بشكل انتقائي، فمن المحتمل أنك تستمتع بالخروج مع بعض الأصدقاء الجيدين بدلاً من التواجد مع الكثير من الأشخاص الذين لا تعرفهم جيدًا، هذا يمكن أن يجعل صداقاتك تبدو مميزة وأكثر فائدة.
هكذا يتعامل الشخص الانتقائي إجتماعيا
هناك مجموعة من التصرفات التي تميز الشخص الانتقائي إجتماعيا، والتي يقوم بها بشكل طبيعي في علاقته مع الآخرين، وهي كالتالي:
- يفضل التركيز على الجودة بدلاً من الكمية في علاقاتك.
- البحث عن جلسات التي تجعلك تشعر بالرضا ولها هدف.
- تقدير الأشخاص القلائل الذين المقربين.
النظرية وراء الشخصية الانتقائية الاجتماعية
يمكن إرجاع مفهوم الانتقائية الاجتماعية إلى نظرية الانتقائية الاجتماعية والعاطفية (SST)، التي طورتها عالمة النفس لورا كارستنسن.
تقترح هذه النظرية أن إدراكنا للوقت أمر بالغ الأهمية في تشكيل أهدافنا الاجتماعية وتفاعلاتنا واستجاباتنا العاطفية طوال رحلة حياتنا.
وعندما نكون في المراحل الأولى من الحياة، نرى جدولنا الزمني موسعًا ومفتوحًا، ونشعر أن لدينا كل الوقت بدون حدود، ونريد مقابلة الكثير من الأشخاص وتجربة أشياء جديدة.
ومع ذلك، مع تقدمنا في العمر، نبدأ في إدراك أن الوقت الذي نقضيه محدود، ثم نبدأ في التركيز أكثر على الشعور بالرضا بدلاً من مجرد البحث عن تجارب جديدة.
لهذا السبب قد تختار أن تكون أكثر انتقائية مع الأصدقاء مع تقدمك في السن، لأنك قد ترغب في تكوين صداقات تجعلك تشعر بالدعم والسعادة.
وإذا كنت تعتقد أنه ليس لديك الكثير من الوقت، فسوف تختار الأصدقاء الذين يستحقون ذلك الوقت حقًا، مع نماء المشاعر الطيبة بشكل أكبر.
الانتقائية الاجتماعية مقابل الانطواء والرهاب الاجتماعي
أحد أكبر المفاهيم الخاطئة المحيطة بالانتقائية الاجتماعية هو أنها مرادفة للانطواء أو الرهاب الاجتماعي، ومع ذلك، من المهم أن نفهم أن هذه مفاهيم متميزة.
الانطواء هو سمة شخصية تتميز بتفضيل الأنشطة الانفرادية والبيئات ذات التحفيز الأقل، و غالبًا ما يستمتع الانطوائيون بالوقت بمفردهم ويجدون راحة أقل في الوقت الذي يقضونه مع مجموعات كبيرة من الناس.
من ناحية أخرى، الرهاب الاجتماعي هو شكل من أشكال اضطراب القلق حيث يخشى الأفراد المواقف الاجتماعية لأنهم يشعرون بالخوف من التعرض للإذلال أو التدقيق من قبل الآخرين.
في المقابل، تختلف الانتقائية الاجتماعية عن هذه، لأنها لا تنبع بالضرورة من الخوف أو تفضيل العزلة، بل يتعلق الأمر باختيار التفاعل مع مجموعة مختارة من الأشخاص الذين يستمتع الشخص بصحبتهم حقًا ويجدها غنية.
مميزات الشخصية الانتقائية إجتماعيا
يعرف الأشخاص الذين يفضلون الانتقائية الإجتماعية بعدة مزايا في الشخصية، والتي يمكن أن تكون كاملة أو بعضها في الشخص الواحد.
وهذه الميزات هي تقدير جودة العلاقة على كثرة العلاقات مع الناس، من خلال البحث عن الروابط العميقة والمتينة.
إضافة إلى البحث عن الحوارات العميقة والجادة، بعديا عن الدردشات الفارغة، والتي لا تعطي أي قيمة مضافة لأي طرف من الأطراف التي تتحاور فيما بينها.
هناك كذلك التفكير بشكل معمق قبل إنشاء أي علاقة صداقة، من خلال المراقبة وفهم الشخص الآخر، لكي لا تكون علاقة سطحية، لا تتماشى مع الشخصية الانتقائية.
هذا الشخص دائما ما يكون مرتاحا عند قول كلمة "لا"، ولا يفكر في أبعادها السلبية على الشخص، لان الطرف الثاني يكون متفهم، ولا يصدر الأحكام كما هو الحال مع الأشخاص السطحية.
وهذا يشير بشكل مباشر إلى أن الأولوية دائما تكون للسلامة الداخلية، عندما يتعلق الأمر بالتواصل الاجتماعي، إذ في حال كانت هناك علاقة سامة مع شخص ما، سيكون القرار الاول هو قطع العلاقة، من أجل الحصول على السلام الداخلي.
كما أن الشخص الانتقائي اجتماعيا، فهو دائما يبحث عن طرق التقليل من التوترات وزيادة الطاقة الإيجابية بين الأشخاص المتواجدين في دائرته الصغيرة.