في تجسيد فريد لمعاني الوفاء والعرفان، يقدم محمد محمدي شحاتة، معلم مصري متقاعد، نموذجاً استثنائياً في كيفية الحفاظ على العلاقات الإنسانية عبر الزمان والمكان، إذ قام بتقديم بيته لطلابه اليمنيين الذين بدأ تعليمهم منذ أواخر الثمانينات في القرن الماضي. هذه العلاقة الممتدة لعقود، لا تزال تثمر مودة وتعاوناً في أوقات الأزمات.
محمد محمدي شحاتة.. معلم مصري قصة عطاء عابرة للزمان
محمد محمدي شحاتة، الذي كان يعمل معلماً في منطقتي مناخة وحراز، غرب العاصمة اليمنية صنعاء، لم يكن يعلم أن تلك الرحلة التعليمية ستخلق روابط مستديمة بينه وبين طلابه. بعد عودته إلى مصر في التسعينيات، استمر في الحفاظ على تلك العلاقات العميقة، ما دفعه إلى تخصيص شقة فاخرة في منزله بمدينة شبين القناطر لاستضافة طلابه اليمنيين مجاناً خلال زياراتهم لمصر للعلاج أو لرؤية الأقارب.
يعتبر شحاتة اليمن وطنه الثاني، يحتفظ بعناصر تذكارية عديدة تعكس تلك الروابط، مثل العملات النادرة، والستائر، والمفروشات التي اشتراها من شارع جمال عبد الناصر في صنعاء، رافضاً تغييرها رغم ضغوطات أبنائه. هذه التفاصيل الصغيرة تشير إلى عمق العلاقة التي بناها مع البلاد وأهلها.
وحسب موقع العربية نت قال المعلم المصري إنه وقبل أيام التقى به شاب مصري وهو أمير صلاح يقوم بعمل مبادرة جميلة، للجمع بين معلمين مصريين عملوا في اليمن وطلابهم اليمينين، واسترجع معه ذكريات تمتد لـ40 عاماً، وذكر معه أسماء طلاب يمنيين.
ليكتشف بعدها أنهم يصلون مصر في زيارات للعلاج ولقاء أقاربهم أو يستأجرون شققاً بمبالغ كبيرة تصل إلى 20 ألفاً و30 ألف جنيه وهو ما لا يتناسب مع ظروفهم الاقتصادية.
أمير صلاح، الذي يقود مبادرة لجمع المعلمين المصريين الذين عملوا في اليمن مع طلابهم، يروي لنفس المصدر كيف أن هذه العلاقات لا تزال تؤتي ثمارها. صلاح، الذي عاش في اليمن لمدة 17 عاماً، يستعيد في برنامجه التلفزيوني ذكريات المعلمين المصريين وتأثيرهم الدائم على طلابهم. خلال لقاءاته، يكشف عن المحن الاقتصادية التي يعاني منها اليمنيون، وكيف أن العديد منهم يتحملون أعباء مالية كبيرة لإيجاد مكان للإقامة خلال زياراتهم لمصر.
في آخر لقائهم، تناول شحاتة وصلاح معاً العديد من القضايا التي تواجه الطلاب اليمنيين السابقين وكيف أن شحاتة، بلا تردد، قرر توفير مسكن مجاني في منزله لهم. هذه اللفتة لا تعكس فقط عمق العلاقات بين الشعبين، ولكنها تبرز أيضاً كيف يمكن للعلاقات الإنسانية أن تتجاوز الحواجز الجغرافية والزمنية.