في واقعة غريبة، تمكن الطفل لوكاس البريطاني الذي يبلغ من العمر 13 سنة، من التخلص من ورم خبيث في المخ، بعد أن كان من المتوقع وفاته بعد سنة أو أقل من سنة من وقت تشخيصه بمرض السرطان.
وذلك لأنه غالباً ما يكون أمام الأطفال الذين يُكتَشَف أنهم مصابون بالسرطان من 9 إلى 12 شهراً فقط في الحياة.
وحسب ما نشرته صحيفة "ذا صن" البريطانية، كان الطفل البريطاني لوكاس قد شخص بالمرض، بعد فترة قصيرة من ملاحظة والديه أنه يجد صعوبة في المشي في خط مستقيم.
الطفل لوكاس.. الأول في العالم الذي يشفى من الورم الدبقي الجسري
وحسب الطبيب جاك جريل، الذي أشرف على حالة الطفل لوكاس، فإنه يتذكر كيف كانت اللحظة التي كان عليه أن يخبر والدي الطفل الصغير أن ابنهما سيموت.
إلا أنه بعد مرور 7 سنوات من تشخيص المرض، صار لوكاس يبلغ الآن 13 عاماً، وقد شفي تماماً، ولم يتبقّ أي أثر للورم في مخه.
قال الدكتور جاك، طبيب الأورام ورئيس برنامج أورام المخ في مركز غوستاف روسي للسرطان في باريس: "لقد تغلَّب لوكاس على الصعاب وظلَّ على قيد الحياة".
وفي حالة الطفل لوكاس، قررت عائلته السفر إلى فرنسا حتى يتمكن من الانضمام إلى تجربةٍ تختبر أدوية محتملة للورم الدبقي الجسري الذي أصيب به.
إذ خُصِّصَ دوار السرطان "Everolimus" للوكاس بشكل عشوائي، واستجاب له بالفعل بشكلٍ جيد للغاية.
وقال الدكتور جاك: "خلال سلسلة من فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، شاهدتُ اختفاء الورم تماماً".
وأبقاه الأطباء في مرحلة العلاج حتى عام ونصف، بعد أن أصبح الطفل لوكاس غير مضطر لتناول الأدوية على أي حال.
وقد صرح الطبيب ذاته أنه لم يرَ أي حالة أخرى مثله في العالم، ليكون بذلك الطفل الأول الذي يشفى من هذا السرطان الوحشي الذي يصيب المخ.
ماذا نعرف عن هذا الورم؟
يصيب هذا الورم، والمسمى بالورم الدبقي الجسري المنتشر، وبرمز له طبيا بـ " DIPG"، ما يقارب 40 طفلاً كل عام في المملكة المتحدة على الأقل، ويصل العدد إلى 100 في فرنسا وحدها.
إذ عادةً، تؤدي العلاجات المخصصة لهذا المرض، مثل العلاج الإشعاعي، إلى إطالة عمر المريض لمدة 3 أشهر فقط كحد أقصى.
وذلك بسبب عدم توفر علاجات مناسبة، تمكّن المريض من الشفاء بشكل كامل، واختفاء الورم من المخ، كما حصل مع الطفل لوكاس البريطاني، حسب التجربة العلاجية التي خضع لها في فرنسا.
وهذا الورم هو سريع النمو في منطقة المخ، إذ يبدأ في جذع الدماغ بمنطقة تُسمى الجسر، وهي المسؤولة عن وظائف الحياة الأساسية بما في ذلك التوازن والتنفس والتحكم في المثانة ومعدل نبضات القلب وضغط الدم.
فعالية العلاج مع أطفال آخرين
يشار إلى أنه خلال نفس رحلة العلاج التي خاضها الطفل لوكاس، تمكن 7 أطفال آخرين من النجاة من المرض، لكن ورم لوكاس فقط اختفى تماماً دون أن يترك أثراً.
وقد تحولت حالته إلى نظرية تشير إلى أن هذا الشفاء الإعجازي يمكن أن يحمل المفتاح لعلاج الأطفال الآخرين في المستقبل.
وقال الدكتور جاك إن السبب وراء استجابة بعض الأورام للعلاج بشكل أفضل من غيرها هو أن بعض الخلايا السرطانية أكثر حساسية للأدوية.
دراسات للبحث عن دواء يساعد على العلاج التام
يدرس الباحثون التشوهات الجينية لأورام المرضى، بالإضافة إلى تكوين "عضيات" ورم، وهي عبارة عن كتل من الخلايا تُنتَج في المختبر.
إذ يريد العلماء إعادة إنتاج اختلافاته الجينية من أجل معرفة ما إذا كان من الممكن قتل هذا الورم بنفس الفاعلية التي قضى بها لوكاس عليه.
وقالت البروفيسور ماري آن ديبيلي، من جامعة إيفري فال ديسون في باريس، إنه إذا نجح هذا، فإن الخطوة التالية ستكون العثور على دواء له نفس التأثير على الخلايا السرطانية مثل هذه التغيرات الخلوية.
وفي حين أن الباحثين أعطوا مؤشرات إيجابية بشأن هذا العلاج المحتمل الجديد، فقد حذروا من أن أي علاج محتمل لا يزال بعيد المنال في تحقيق النتائج نفسها بالنسبة للجميع.
وأضاف الدكتور جاك: "في المتوسط، يستغرق الأمر من 10 إلى 15 عاماً من التجربة الأولى إلى أن يصبح دواءً، إنها عملية طويلة".