أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس 31 يناير/كانون الثاني، عن مقتل 4 من جنوده بينهم ضابطان في معارك شمال وجنوب قطاع غزة، لترتفع بذلك حصيلة قتلاه منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 561، بينهم 224 قُتلوا منذ بدء العملية البرية في القطاع في 27 من الشهر نفسه.
واللافت في قتلى الجنود الجدد الذين اعترف بهم جيش الاحتلال هذه المرة، هو قائد فصيلة برتبة رائد في وحدة شالداغ (Shaldag) الإسرائيلية، والتي تُعتبر واحدة من أهم وحدات النخبة في جيش الاحتلال، وتُوصف الوحدة بأنها وحدة الكوماندوز الضاربة في سلاح الجو الإسرائيلي، والتي عملت منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
علاوة على ذلك تكمن أهمية مقتل الرائد في وحدة شالداغ الإسرائيلية، في كون هذه الوحدة تعتبر واحدة من أربع وحدات نخبوية في الجيش الإسرائيلي فقط، هذه الوحدات هي: سييرت متكال سرية الأركان)، شييطت 13 (الكوماندوز البحري)، الوحدة 669 (التخليص والإنقاذ)، ووحدة شالداغ التي يصفها جيش الاحتلال القوة الجوية الضاربة على الأرض، لكنها على الميدان تعرضت للعديد من الإخفاقات لا سيما في مواجهة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، فما هي هذه الوحدة التي تلقت ضربة قاصمة على أيدي مقاتلي المقاومة الفلسطينية في غزة؟
تأسست بعد حرب أكتوبر 1973
وحدة شالداغ، التي تعرف أيضاً بالوحدة 5101، هي وحدة كوماندوز تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وتحديداً ضمن الجناح الـ 7 في هذا السلاح، وتتمركز بشكل دائم في قاعدة "بلماخيم"، ويتولى قيادتها ضابط برتبة مقدم.
تأسّست هذه الوحدة عام 1974 بقيادة موكي بيتسر، في أعقاب هزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب أكتوبر عام 1973 وفشل وحدة الاستطلاع في هيئة الأركان العامة في أداء مهماتها الحربية، التي لم تستطع مجاراة ميادين القتال المتعددة، وذلك بإلهام من وحدة الخدمة الجوية الخاصة التابعة لسلاح الجو الملكي الإنجليزي "SAS". ومن المحتمل أن اسمها يعود إلى اقتباس من مؤسس وحدة الكوماندوز البريطانية SAS "ديفيد ستيرلينغ"، الذي قال إن "وحدته ستنزل على العدو مثل طائر القاوند الذي يهبط على فريسته".
كانت الوحدة عند تأسيسها مكونة من جنود احتياط من جنود وحدة "سرية الأركان"، إلا أنه وبعد وقت قصير سرعان ما انفصلت عنها، وأصبحت وحدة نخبة تابعة لسلاح الجو في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الهدف من تأسيسها تزويد القوات الجوية بقدرات كوماندوز واستخبارات مستقلة. يعني اسمها بالعربية "القاوند"، وهو نوع من الطيور التي تعيش بالقرب من الأنهار وتعتاش على الأسماك التي يصطادها بمنقارها، وتعرف بالإنجليزية بـ Kingfisher، ويرجّح أن اسم الوحدة مشتق من اقتباس ديفيد ستيرلنغ، مؤسّس SAS البريطاني (الخدمة الجوية الخاصة)، الذي قال إن وحدته ستنزل على عدو مثل القاوند الذي يسقط على فريسته.
شاركت في عمليات بإثيوبيا ولبنان وغزة
لعل أبرز مهام هذه الوحدة تنفيذ مهام الكوماندوز والاغتيالات، الاستخبارات في العمق، وأيضاً مهام تحديد الأهداف المدنية للطائرات العسكرية، لذلك تعدّ وحدة نخبوية وسرّية ولا توجد معلومات كثيرة عنها، إذ يتم حظر المعلومات بشأنها، خاصة حول تفاصيل أهدافها ومهامها.
مع ذلك يوجد بعض التفاصيل عن مهام هذه الوحدة السرية، والتي كان أبرزها المشاركة في عملية موشي الثانية، أو موسى الثانية في عامَي 1984 و1985، والتي كانت تهدف إلى تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى الأراضي المحتلة، وهي العملية التي تسببت في انكشاف الوحدة في وسائل الإعلام، مع ذلك قامت وحدة شالداغ بنقل قرابة 14 ألفاً و500 من يهود الفلاشا بتاريخ 24 و25 مايو/أيار 1991، وعُرفت هذه العملية باسم "عملية شلومو (سليمان)".
وشاركت الوحدة في عدد كبير من العمليات والحملات العسكرية التي نفّذتها إسرائيل ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي معروفة بمسؤوليتها عن اغتيال القائد في حركة فتح يوسف أبو صوي من بيت لحم، والذي استشهد بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول 2000.
وخلال حرب تموز/يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله، نفذت الوحدة حوالي 30 عملية من أجل اختطاف أسرى من حزب الله، من أجل مبادلتهم بأسرى إسرائيليين. في إحدى هذه العمليات والتي نفذت على مستشفى الحكمة، قامت الوحدة باختطاف 3 مدنيين ظناً منها أن أحدهم هو الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وفق ما نشره مقال لموقع الخندق.
وفي الحروب الإسرائيلية على غزة، تمكّن أعضاء وحدة شالداغ من الكشف عن بعض أنفاق حماس خلال حرب 2014، والحرب الحالية، غير أن المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى من قتل 5 أفرادٍ من الوحدة، ناهيك عن قتل ضابط برتبة كولونيل في الوحدة خلال الأيام الأولى للحرب، ثم قتل قائد فصيلة برتبة رائد.
وخشيةً من تكبدها للخسائر، صارت الوحدة تتكتم عن أسماء قادتها، الذين كان من بينهم وزير الحرب الحالي بيني غانتس الذي تولى قيادة الوحدة ما بين سنوات 1989 و1992. ومنذ عام 2017 صار يرمز لقائدها بالحرف الأول من اسمه.
كيف تنتقي وحدة شالداغ جنودها؟
يجتاز المرشحين للانضمام إلى وحدة شالداغ الخاصة اختبار وحدات الكوماندوز الأولية. ويخضع المتدربون فيها لأطول مرحلة تدريب من أي وحدة في جيش الاحتلال، والتي تستمر لمدة 22 شهراً.
يتركز التدريب خلال هذه المرحلة على الملاحة الجوية، والقفز بالمظلات، ثم جمع المعلومات الاستخبارية والتدرب على الاتصال والاستطلاع، ثم تدريب متخصص لذوي الأدوار المحددة مثل الأطباء والقناصة، وأخيراً دورة لمدة أسبوعين في تحمل أسر العدو، يتعرضون خلالها لأسر وهمي مفاجئ، يتخلله كافة أشكال التهديد والاستجواب والعنف الجسدي والإذلال، ومع ذلك لم تفلح هذه الوحدة في مهامها أمام بسالة المقاومة الفلسطينية التي وجهت لهذه الوحدة صفعتين خلال المواجهة الحالية، الصفعة الكبرى يوم 7 أكتوبر، والصفعة الثانية خلال المواجهات التي تلت ذلك اليوم.