بعد تجاوز العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أكثر من 110 أيام، تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحقيق نجاحات على الأرض ربما لم يكن ليتخيلها الكثيرون من قادة الفصائل أنفسهم قبل سنوات من اليوم.
إذ استطاعت المقاومة استهداف آليات وجنود الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، وأسقطت ودمرت العشرات من الجنود والمركبات، التي لطالما تغنّى جيش الاحتلال بمستوياتها الحربية والقتالية التي "لا تُقهر".
وبالاستعانة بشركة "رافائيل" لصناعة الأسلحة، زعمت إسرائيل القدرة على التصدي لأي هجوم محتمل، بعد توفيرها تقنيات متطورة في الدفاع العسكري مثل نظام "تروفي" لحماية دباباتها المتقدمة، أو القبة الحديدية للتصدي للصواريخ.
إلا أن المشهد خلال الأشهر الماضية كان مغايراً لتلك الادعاءات، بعد أن منيت دولة الاحتلال بخسائر طائلة في الماديات والأرواح.. في هذا التقرير نستعرض تاريخ وأهمية شركة "رافائيل" الإسرائيلية، وكيف أخفقت إمكانياتها الطائلة في حماية جيش الاحتلال من الخسائر في حربه على غزة.
ما هي شركة "رافائيل" الإسرائيلية وأهميتها؟
شركة رافائيل هي واحدة من أكبر شركات المقاولات الدفاعية المملوكة للدولة في إسرائيل، وهي مسؤولة عن نظام الدفاع الصاروخي للقبة الحديدية، وقاعدتها "سي-دوم" الموازية بحراً، وصاروخ سبايك أرض-أرض وغيرها من الأسلحة.
تأسست الشركة في عام 1948، وتم تغيير اسمها في 1952 إلى "إدارة الأبحاث والتصميم".
وفي بداياتها، كانت مختبراً للأبحاث العسكرية وتصميم الأسلحة تحت اسم "الفيلق العلمي"، وعُدَّت آنذاك جزءاً من وزارة الدفاع الإسرائيلية. ثم في عام 1958 أُعيدت هيكلة المؤسسة وتغير اسمها إلى "رافائيل"، وهو اختصار لجملة عبرية هي "هيئة تطوير التسليح".
وقد بدأت "رافائيل" في تصدير التقنيات العسكرية والأسلحة منذ عام 1974.
وهي تقوم بتصميم وتطوير وتصنيع وتوزيع مجموعة واسعة من أنظمة الدفاع العالية التقنية في المجالات الجوية والبرية والبحرية والفضائية. وتتعاون مع العديد من الشركات الأمريكية والأوروبية في مجالات متعددة مثل مشاريع الصواريخ والطائرات المسيرة وأنظمة الأسلحة.
وبعد خسائر بملايين الدولارات في تسعينيات القرن الماضي، تم إعادة هيكلتها كشركة محدودة مملوكة للحكومة، مع الحفاظ على قدراتها التكنولوجية من خلال استثمار حوالي 10% من حجم الأعمال في برامج البحث والتطوير؛ لتحقق بعد ذلك مئات الملايين من الدولارات كأرباح صافية.
في عام 2016 على سبيل المثال، سجلت الشركة أرباحاً صافية سنوية بلغت حوالي 130 مليون دولار أمريكي. وتمثل مبيعات الشركة ما يقارب من 22% من إجمالي صادرات إسرائيل العسكرية.
منتجات رافائيل العسكرية
- من أبرز منتجات الشركة الإسرائيلية المستخدمة في دولة الاحتلال أو تم تصديرها دولياً ما يلي:
- صاروخ "شافرير" (Shafrir)، وسُمي لاحقاً "بايثون" (Python)، وهو صاروخ "جو جو".
- سبايك (Spike) الجيل الرابع: وهو صاروخ موجه مضاد للدبابات.
- نظام بوباي (Popeye): وهو نظام صاروخي "جو أرض".
- صاروخ بوباي توربو (Popeye Turbo SLCM): ويُعتقد أنه صاروخ كروز برأس نووي يُطلق من غواصة.
- الشعاع الحديدي (Iron Beam): وهو نظام دفاع صاروخي موجه بالليزر.
- نظام القبة الحديدية: ويُستخدم لمواجهة الصواريخ والقذائف التي تطلقها المقاومة من قطاع غزة.
- القبة الحديدية (Iron Dome): وهو أول نظام دفاع جوي في العالم لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى وقذائف المدفعية.
- تروفي (Trophy): وهو نظام حماية يتم تثبيته حالياً على مئات منصات القتال البرية في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك دبابات ميركافا مارك 3 و4، بالإضافة إلى ناقلات الجنود المدرعة من طراز "نامير".
- الحامي (Protector USV): وهي مركبة غير مأهولة تطفو على سطح البحر، وتعتبر نظاماً قتالياً بحرياً مستقلاً.
- مقلاع داوود (David's Sling): وهو نظام صاروخي "أرض جو" طور بالاشتراك مع شركة رايثيون الأمريكية، وتم تصميمه لاعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى وصواريخ كروز.
- قبة مضادة للطائرات المسيرة (Drone Dome): وهو نظام مضاد للطائرات المسيرة باستخدام مستشعرات مختلفة، بما في ذلك رادارات (RADA Electronic Industries RPS-42) ونظام التصوير (CONTROP Precision Technologies) وكاشفات إشارات الراديو.
فشل القبة الحديدية رغم الدعاية
على الرغم من مبالغة الدعاية الإسرائيلية في وصف إمكاناتها، أخفقت الأنظمة العسكرية عدة مرات أمام عمليات المقاومة الفلسطينية، وكانت القبة الحديدية ونظام تروفي أبرز هذه الأنظمة التي تعرضت لانتقادات بعد الفشل في التصدي لعدد من هجمات كتائب القسام في الأشهر الماضية.
إذ يرمي نظام "القبة الحديدية" الذي طورته إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة، إلى التصدي لمقذوفات قصيرة ومتوسطة المدى، ويسمح بتفجير مقذوفات يصل مداها إلى 70 كيلومتراً خلال تحليقها في الجو.
نشرت أولى بطاريات "القبة الحديدية" في مارس/آذار 2011 في منطقة بئر السبع، عاصمة صحراء النقب، الواقعة على مسافة 40 كيلومتراً من حدود قطاع غزة. ولاحقاً نُشرت بطاريات أخرى قرب مدينتي عسقلان وأسدود، وجنوب تل أبيب، وقرب مدينة نتيفوت الواقعة على مسافة 20 كيلومتراً من حدود غزة.
النظام الذي يقر مصنّعوه بأن فاعليته ليست تامة، تبلغ كلفة كل طلقة لبطارياتها 50 ألف دولار، وتمكنت صواريخ المقاومة عدة مرات من اختراقه، بعد أن استهدفته بصواريخ بلغت أحياناً الرشقة الواحدة منها من 100 إلى 150 صاروخاً، وهذا تسبب في إحداث ما يُسمى بـ"التشبّع"، ما يعني أن عدد الصواريخ التي جرى إطلاقها أكبر من قدرة الاعتراض الخاصة بالمنظومة.
إخفاق "تروفي" في حماية آليات الاحتلال
وحول عيوب "تروفي"، يقول راهول مانوهار يلوي، زميل أبحاث في مركز الدراسات الأمنية، لصحيفة (EurAsian Times)، إن الدبابات الإسرائيلية، المزودة بنظام الحماية النشطة ليس "مضموناً" ولديه قيود، خاصة في السيناريوهات ذات الهجمات المتزامنة، إذ قد لا يتمكن من اعتراض جميع التهديدات بنجاح.
كذلك تظل الدبابات عرضة للهجمات من أعلى إلى أسفل، وهي نقطة الضعف التي شوهدت بشكل بارز في الحرب المستمرة في أوكرانيا.
علاوة على ذلك، فإن النظام لا يحمي من تهديدات محددة، مثل قيام الأفراد بزرع المتفجرات مباشرة على المركبات، وهو ما كشفته بعض مقاطع المقاومة الفلسطينية حماس، عندما نفذت كتائب القسام عمليات تفخيخ يدوية للدبابات وتمكنت من تفجيرها.
كما استخدمت حماس طائرات من دون طيار مسلحة في هجمات موجهة من أعلى إلى أسفل على الدبابات الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وحققت نتائج ناجحة وتدميرية.