لم تقتصر تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي لمجازر بحق المواطنين ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 ألف شهيد نتيجة القصف العشوائي للمدنين، بل امتد تأثير هذه الحرب لما خارج الحدود الفلسطينية أيضاً.
إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة أنباء عن وفاة فتاة فلسطينية في تركيا من شدة "خوفها وقلقها على أهلها وأسرتها في غزة"، وذلك بعدما لم تتمكن من الاطمئنان عليهم والتأكد من سلامتهم.
وهو ما يثير التساؤل.. هل يمكن توقف القلب والموت بسبب الخوف فعلاً؟
هل يمكن للخوف أن يسبب الموت؟
الإجابة بشكل مختصر هي نعم، يمكن أن يخاف البشر حتى الموت.
في الواقع، أي رد فعل عاطفي قوي يمكن أن يؤدي إلى إفراز الجسم كميات مميتة من المواد الكيميائية، مثل الأدرينالين. وبالرغم من أنه نادراً ما يحدث ذلك، ولكنه يمكن أن يحدث لأي شخص مهما كان صحيحاً ولا يعاني من الأمراض.
وعادة ما يكون خطر الموت بسبب الخوف أو أي عاطفة قوية أخرى أكبر بالنسبة للأفراد الذين يعانون من أمراض قلبية بالفعل، ولكن بشكل عام، يظل الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة عرضة للموت أيضاً من شدة التأثر العاطفي سلباً أو إيجاباً.
ويتلخص الخوف حتى الموت في استجابة الشخص اللاإرادية لمشاعر قوية، مثل الخوف. بالنسبة للوفيات الناجمة عن الخوف، يبدأ الموت باستجابة القتال أو الهروب، وهي استجابة الجسم الجسدية للتهديد المتصور.
وتتميز هذه الاستجابة بزيادة معدل ضربات القلب، والمعاناة من شدة القلق والتعرق وزيادة مستويات السكر في الدم.
ولكن كيف تؤدي غريزة القتال أو الهروب إلى الموت؟
لفهم ذلك، من الضروري فهم ما يفعله الجهاز العصبي عندما يتم تحفيزه بشكل حاد نتيجة شدة الخوف، وهو يقوم في المقام الأول بإطلاق الهرمونات. هذه الهرمونات، والتي يمكن أن تكون الأدرينالين أو أي ناقل كيميائي آخر، تهيئ الجسم للعمل بالصورة اللازمة.
والحقيقة هي أن الأدرينالين والمواد الكيميائية المماثلة بجرعات كبيرة تكون سامة لأعضاء مثل القلب والكبد والكلى والرئتين.
ويزعم العلماء أن ما يسبب الموت المفاجئ من الخوف بالذات هو ضرر المادة الكيميائية للقلب، فهو العضو الوحيد الذي إذا تأثر بصورة شديدة يمكن أن يسبب الموت المفاجئ.
كذلك فإن الأدرينالين يفتح الطريق أمام انتقال الكالسيوم للقلب. ومع وصول الكثير من الكالسيوم إلى القلب، يواجه العضو صعوبة في التباطؤ، وهو أمر يمكن أن يسبب الرجفان البطيني، وهو نوع محدد من ضربات القلب غير الطبيعية.
يمنع عدم انتظام ضربات القلب العضو من ضخ الدم بنجاح إلى الجسم ويؤدي إلى الموت المفاجئ ما لم يتم علاجه على الفور.
ليس الخوف وحده القادر على أن يتسبب في توقف القلب
قد تأتي إحدى النتائج الخطيرة المحتملة للإجهاد المفاجئ أيضاً من اعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو، وهو ضعف غرفة الضخ الرئيسية في القلب والذي يحدث عادةً بسبب الإجهاد العاطفي أو الجسدي. وتؤثر الحالة المؤقتة على النساء بشكل ملحوظ أكثر من الرجال.
ويختلف اعتلال عضلة القلب تاكوتسوبو، المعروف أيضاً باسم متلازمة القلب المنكسر، عن النوبة القلبية، حيث إن الشرايين لا تكون مسدودة في تلك الحالة، ولكن تدفق الدم يتأثر سلباً رغم ذلك.
وبالرغم من أن اندفاع الأدرينالين في بعض الأحيان قد يكون مفيداً لصحة الجسم، وقد يؤدي أحياناً إلى زيادة الوظيفة الإدراكية والنشاط والتركيز والشعور بالطاقة. لكن التوتر لفترات طويلة وفرط إفراز هرمونات التوتر مع مرور الوقت يمكن أن يكون لهما آثار سلبية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو المعاناة من أمراض الصحة العقلية مثل التوتر المزمن والقلق والاكتئاب.