توفي ليل الأحد 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، الخبير العسكري المصري العميد صفوت الزيات، عن عمر ناهز 77 عاماً، والذي اشتهر بتحليلاته الاستراتيجية إزاء مختلف القضايا الإقليمية، إضافة إلى مناصرته شعوب الربيع العربي، لا سيما في مصر وسوريا.
من هو صفوت الزيات، وما أبرز المواقف التي قدمها خلال حياته؟
من هو صفوت الزيات؟
حرب الاستنزاف
حرب الاستنزاف وهو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على الحرب التي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس.
بدأت أحداثها عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو/تموز 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة رأس العش.
تصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية خاصة بعد مساندة العرب لدول المواجهة في أثناء مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، ورفض إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عقب انتصارها الخاطف على العرب خلال حرب يونيو/تموز.
استمرت الحرب لنحو ثلاث سنوات، استعان فيها الإسرائيليون بمقاتلات الفانتوم الأمريكية الحديثة، بينما استعان المصريون بالخبراء السوفييت وصواريخ الدفاع الجوي السوفييتية.
شهدت الحرب أيضاً معارك محدودة بين إسرائيل، وكل من سوريا والأردن والمقاتلين الفلسطينيين.
وفي 7 أغسطس/آب 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس عبد الناصر والملك حسين قبول "مبادرة روجرز" لوقف إطلاق النار.
بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول، حصل الزيات على ماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان، وذلك في عام 1976، كما حصل أيضاً على زمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 1986، وعمل محاضراً في شؤون الأمن القومي والإستراتيجية، وله دراسات عديدة في تطوير أنظمة التسليح، وفن العمليات، والفكر الاستراتيجي.
بداية شهرته الإعلامية
ذاع صيت صفوت الزيات بعد حرب لبنان 2006 والعدوان على غزة 2009؛ إذ قام الخبير العسكري الراحل بتحليل العمليات العسكرية في كل من المواجهتين من خلال رؤية عسكرية موضوعية.
كان الزيات خبيراً عسكرياً مخضرماً، عُرف بمناصرته لثورات الربيع العربي ضد الأنظمة المستبدة، كما حلّل المعارك التي جرت في كل من سوريا وليبيا، وأيضاً وقف في صف القضية الفلسطينية في كافة مراحلها.
خبرته العسكرية الكبيرة دفعت الكثير من الشبكات الإعلامية لاستضافته في برامجها، لا سيما قناة الجزيرة.
صفوت الزيات وموقفه من الثورة المصرية
مع انطلاق ثورة 25 يناير في مصر، كان العميد المتقاعد صفوت الزيات من أوائل الداعمين لها، كما أنه وصف يوم 3 يوليو/تموز 2013 بأنه انقلاب عسكري كامل ومتكامل، مستنكراً ما قام به وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي بأنه خيانة للرئيس الشرعي المنتخب.
أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط المصري، وأحد قادة ثورة يناير وأحد مستشاري الرئيس الراحل محمد مرسي، علّق على وفاة العميد صفوت الزيات قائلاً: "لقد عرفت العميد الراحل من خلال مشاركاته التلفزيونية وتحليلاته الرائعة، ومشاركاته في الندوات والفعاليات المختلفة التي تهم الوطن (مصر) والأمة (العربية) والعالم (الإسلامي) طوال أكثر من 25 عاماً".
وأضاف في منشور على حسابه الرسمي على "فيسبوك": "لا أنسى أنه اتصل بي مرات عديدة وأنا في ميدان التحرير في الأيام الـ18 من ثورة 25 يناير العظيمة، ليطلب التنبه لأشياء واقتراح أشياء لإنجاح الثورة العظيمة".
مؤكداً أن الزيات كان من مشجعي ثورة يناير والمدافعين عنها، وقد انحاز للحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وكان يعيش قضايا الأمة كلها بروحه وعقله.
صفوت الزيات وموقفه من الثورة السورية
لعب الزيات دوراً هاماً في تحليل العمليات العسكرية للثورة السورية التي انطلقت في مارس/آذار 2011؛ إذ كانت مواقفه الداعمة للثورة السورية في وجه النظام السوري ثابتة دائماً.
وخلال 12 عاماً قدم الزيات الكثير من المعلومات والتحليلات حول المعارك التي خاضها الجيش السوري الحر ضد جيش النظام السوري.
وقد نعى المئات من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعية وتحديداً منصة "إكس" العميد الزيات مستذكرين مواقفه الداعمة للثورة السورية.
الرسام الكاريكاتيري والتشكيلي عمار آغا القلعة، نشر تغريدة على حسابه الرسمي قال فيها: "لن ينسى السوريون وقفتك معهم، العميد صفوت الزيات في ذمة الله، رحمه الله وغفر له وأدخله الجنة".
في حين قال الناشط الإعلامي السوري هادي العبدالله: "في زحمة الموت الذي يلفّنا من كل جانب، رحل العميد والمحلل العسكري صفوت الزيات عن هذه الدنيا، صفوت الزيات ناصر السوريين وساندهم ودافع عنهم دائماً رحمه الله".
أما الكاتب والشاعر أنس الدغيم فكتب: "العميد والمحلِّل العسكري الحُرّ صفوت الزيّات في ذمّة الله، رحمك الله يا سيادة العميد، وشكر الله لك وقوفَك مع ثورتنا منذ أوّل يومٍ فيها، شكرَ اللهُ لك دموعَك من أجل المدن المدمّرة والمجازر المروّعة وشكرَ الله لك فرحَك لانتصاراتها".
صفوت الزيات وموقفه من حرب غزة
أما فيما يتعلق بفلسطين وغزة، فقد كان العميد الزيات من المحللين العسكريين المخلصين للقضية الفلسطينية، ودائماً ما يقف إلى جانبهم.
في إحدى مقابلاته التلفزيونية الأخيرة التي عرضتها قناة "ذات مصر" المحلية بعد إطلاق عملية طوفان الأقصى، خرج الزيات قائلاً إن هذه العملية استطاعت من الآن، وإلى الأبد، أن تكسر نظرية عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي وأسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
وأضاف: "كانوا يتكلمون عن استخبارات نافذة، ربما في طغيانهم في الحديث، قالوا: إننا نعلم ما يدور في حجرات نوم الزعماء العرب".
وأكد أيضاً أنه في الأيام الثلاثة الأولى من عدوان الاحتلال على غزة لم يتوقع أحد أن يقتحم الفلسطينيون السياج الحدودي في أكثر من 80 ثغرة، وفي 7 معابر رئيسية تقريباً، ويصلون إلى مستوطنة راعيل حيث مقر قيادة الفرقة غزة، وأن يأسروا ضباطاً كباراً فيها ربما بلباس النوم.
بشأن نقل سكان غزة إلى سيناء، أكد الزيات أن إسرائيل تتطلع فعلًا لاستعادة جزء من سيناء مقابل ما تسلمه من أراضٍ للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وعن رؤيته لكيفية إدارة حركة "حماس" المعركة في حال اقتحمت إسرائيل قطاع غزة، قال الزيات: "أعتقد أن محمد الضيف (قائد كتائب القسام والعقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي)، كانت لديه بعض الملاحظات على تنفيذ الخطة في الساعات الأولى للعملية، وأتمنى أن أقابله في المستقبل لنراجع الأخطاء".
وأضاف: "لكن أتصور أنه من الذكاء أن يفهم أنه يدير معركة ستكون بطيئة، وتتركز على العمل الليلي بشكل أو بآخر، وسيعتمد إطالة فترة القتال، ولن يهتم كثيراً بالجانب الدعائي، الذي ربما يشارك فيه الصحفيون، عندما يصورون الدبابات والمدرعات الإسرائيلية وقطع المدفعية وأدوات القتال الرئيسية، تجوب محور الرشيد ومحور صلاح الدين، ونجدها في مخيمات جباليا ومناطق بيت لاهيا وبيت حانون ومناطق السودانية، وربما وصولاً إلى النصيرات والمغازي في الوسط، وإلى خان دير البلح وخان يونس ورفح في الجنوب".
في حين نعت حركة حماس العميد الزيات في بيان لها نشرته الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني، وجاء فيه: "تنعى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى جماهير شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية العميد محمّد صفوت الزيّات الخبير العسكري المصري".
وأكدت حماس في بيانها أنه كانت للزيات مواقف متقدّمة في مناصرة قضايا الأمة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، وعرف لدى الرأي العام، خلال الحروب التي شنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزّة.
قد يهمك أيضاً: رجال عصابات صهاينة يتخفون بملابس عربية.. "المستعربون" نشأتهم وأبرز عملياتهم