يُعتبر "مقلاع داوود" من أحدث منظومات الاحتلال الدفاعية، الذي دخل الخدمة الفعلية في وحدات الدفاع الجوي، نتيجة تعاونٍ مشترك بين شركة "رافائيل" الإسرائيلية و"رايثيون" الأمريكية، أسفر عن تطوير هذه المنظومة.
وتعتمد إسرائيل حالياً على 5 منظومات أساسية للدفاع الجوي؛ فإلى جانب مقلاع داوود، هناك: منظومة القبة الحديدية، والنسختان الثالثة والرابعة من منظومة "حيتس"، والمنظومة الأحدث التي تُعرف بـ"درع النور".
وجميعها منظومات أساسية لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية، متعددة الطبقات، ومخصصة للتعامل مع الأهداف الجوية في المديين القصير والمتوسط.
لكن ما هي منظومة مقلاع داوود؟
هو نظام دفاع جوي وصاروخي إسرائيلي يُستخدم في التصدّي للطائرات التي تحلّق على ارتفاعٍ منخفض، وللصواريخ الباليستية والموجهة، على غرار "كروز"؛ التي تمتاز بتحليقها المنخفض، ومداها البعيد، إضافةً إلى صعوبة رصدها عبر الرادارات.
يمكن القول إن منظومة مقلاع داوود تسدّ الفجوة بين نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، تلك التي يتراوح مداها بين 100 و200 كيلومتر، وبين نظام "آرو" لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى؛ وكلاهما يستخدمه الاحتلال.
وفقاً لموقع Missile Threat الأمريكي المتخصّص بالشؤون العسكرية والدفاعية، بدأت إسرائيل بتطوير مقلاع داوود عام 2006، وفي أغسطس/آب 2008، وقعت شركتا "رفائيل"و"رايثيون" اتفاقية لتطوير هذه المنظومة.
يتضمن نظام أسلحة مقلاع داوود وحدة إطلاق صواريخ عمودية مثبّتة على مقطورة، ورادار (ELM-2084) للتحكم، إضافةً إلى صواريخ "ستانر"، ومحطة تشغيل واعتراض.
يُمكن لكل وحدة إطلاق أن تحمل ما يصل إلى 12 صاروخاً من "ستانر"، مع الإشارة إلى أنه يتمّ تصنيع جميع وحدات الإطلاق -وأجزاء من "ستانر"- في الولايات المتحدة، فيما يكلّف إنتاج الصاروخ الواحد ما يقارب المليون دولار.
يستخدم مقلاع داوود محركاً يعمل بالوقود الصلب ثلاثي النبضات، بسرعة تصل إلى 132 كلم في الدقيقة. أول نبضتين تعملان على تسريع الصاروخ من خلال مساره الأولي، بينما يتمّ تنشيط النبضة الثالثة للاعتراض.
يبلغ مدى الصاروخ المعتمد فيه 300 كيلومتر، ويمتاز بأنه يتألف من مرحلتين وقادر على اعتراض أهدافٍ ضمن ارتفاعٍ يصل إلى 15 كيلومتراً.
لا يمتلك "ستانر" رأساً حربياً، بل يضرب الأهداف مباشرة. وتتألف مقدمته غير المتماثلة من رادار AESA ثلاثي الأبعاد، ومستشعر بحث دائري متطوّر يعمل في ظروف جوية مختلفة، إلى جانب منظومة بحث إلكترونية بصرية مزدوجة وتصوير بالأشعة تحت الحمراء.
يتلقى "ستانر" تحديثات من الرادار الأرضي للنظام، عبر وصلة بيانات، وهو في منتصف المسار؛ وفي وضع المراقبة، يمكن للرادار تتبّع ما يصل إلى 1100 هدف على مدى 474 كلم، ويُمكنه مسح الأجواء إلكترونياً بزاوية 120 درجة وارتفاع 50 درجة.
ولتوفير مراقبة بزاوية 360 درجة، يمكن لرادار ELM-2084 تدوير مجموعة الهوائي الخاصة به بمعدل 30 دورة في الدقيقة. ويمكنه تتبّع ما يصل إلى 200 هدف في الدقيقة في نطاقات 100 كيلومتر.
واشنطن دعمت تطويره بـ1.99 مليار دولار
استُخدمت منظومة مقلاع داوود للمرة الأولى في 10 مايو/أيار 2023، خلال معركةٍ مع "سرايا القدس" عبر حدود قطاع غزة.
لكن عملياً، ليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها الاحتلال هذه المنظومة؛ فقد سبق أن استخدمها للمرة الأولى في يوليو/تموز 2018، في اعتراض صاروخين باليستيين قصيريْ المدى -من طراز "توشكا"- أُطلقا من سوريا، باتجاه مرتفعات الجولان.
تمّ الإعلان عن دخول منظومة مقلاع داوود الخدمة فعلياً، في احتفالٍ أُقيم داخل قاعدة حتسور الجوية الإسرائيلية في أبريل/نيسان 2017، اعتبر خلاله بنيامين نتنياهو أن المقلاع قادر على إثناء "أولئك الذين يفكرون في مهاجمة إسرائيل" عن القيام بذلك.
ويمكن القول إن الولايات المتحدة لعبت دوراً مهماً في تمويل وتطوير منظومة "مقلاع داوود"، قبل إرساله إلى الشرق الأوسط. فمنذ عام 2006 إلى 2020، قدّمت واشنطن 1.99 مليار دولار من المساعدات لتطويرها.
صُممت منظومة مقلاع داوود لتحلّ بالأساس مكان أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتمثّل القبة الحديدية المستوى الأدنى من هذه المنظومة، وهي مصممة للتصدي للصواريخ قصيرة المدى، وللمسيّرات الصغيرة وقذائف الهاون.
فيما توجد في المستوى الأعلى منظومة حيتس 2 و3، المصممة للتصدّي للصواريخ الباليستية وطويلة المدى. وتعكف شركة الفضاء الإسرائيلية بالتعاون مع شركة "بوينغ" الأمريكية على تطوير منظومة حيتس، في إطار برنامج أمريكي مضاد للصواريخ البالستية.
يمكن النظر إلى تفعيل منظومة مقلاع داوود على أنه اعتراف إسرائيلي بحجم المشاكل التي تُعانيها القبة الحديدية، لاسيما في ظلّ سقوط صواريخ داخل مناطق الاحتلال، لم تستطع القبة الحديدية التصدي لها.
وبدأت تل أبيب ترصد هذه المشاكل على خلفية المواجهات بينها وبين المقاومة الفلسطينية خلال العامين الأخيرين، والتهديد المستحدث الذي باتت تمثله الصواريخ الفلسطينية، والمتمثل بما يُعرف بالإغراق الصاروخي.