أصبحت سيدة من أستراليا أول شخص في العالم، ينجو من مسبب أمراض، يُعرف بأنه يؤدي إلى إصابة الماشية والأغنام بمرض يُسمى "الساق الأسود"، الذي يؤدي إلى تآكل اللحم وفي النهاية إلى الموت، ما يعطي أملاً في تشافي حالات أخرى مستقبلية في حال إصابتها بنفس البكتيريا.
صحيفة The Guardian البريطانية، ذكرت السبت، 30 سبتمبر/أيلول 2023، أن أطباء نشروا حالة السيدة في دورية Medical Journal of Australia، الأسبوع الماضي، واصفين تفاصيل العلاج الناجح لمسبب الأمراض، وذلك بعد وفاة الحالتين الوحيدتين المعروفتين بالإصابة بهذه البكتيريا بين البشر، إحداهما بأمريكا والأخرى باليابان.
كانت الدكتورة ريا كو، مؤلفة المقال الرئيسية، تعمل متدربة متقدمة في الأمراض المعدية، داخل مستشفى أمير ويلز في سيدني العام الماضي، ووصلتها ذات يوم سيدة في الـ48 من عمرها تعاني من فشل في عدة أعضاء، بينها الكبد والكلى، مع ضغط دم منخفض للغاية.
دخلت المرأة إلى العناية المركزة على الفور بسبب آلام البطن، والإسهال، وعلامات الصدمة، والحمى، وأخضعتها الدكتورة ريو لفحوصات زرع الدم، فاكتشفت أن سبب العدوى هو وجود بكتيريا لم ترها من قبل في دماء المريضة، وهي بكتيريا المطثية الشوفوية (كلوستريديوم شوفوي).
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أنه من الشائع في الأمراض المعدية أن يُسأل المريض عن تعرّضه لتربة البستنة، وذلك أثناء استكشاف تاريخ تعرضه لمسببات الأمراض، واكتشفت ريو أن السيدة كانت في خضم الانتقال من منزلها وإعادة زراعة نباتاتها، وكانت هناك خدوش على ذراعيها بسبب قططها التي كانت منزعجةً من تغيير البيئة.
قالت ريو: "ظننا أن نقطة الدخول الأكثر أرجحية لهذه البكتيريا ستكون من التربة الملوثة، حيث دخلت المطثية الشوفوية إلى مجرى دمائها عبر تلك الخدوش".
أوضحت الدكتورة أن الأوراق الطبية لم تحتوِ على الكثير من التفاصيل حول كيفية علاج البشر المصابين بهذه البكتيريا، لكنها كانت معروفةً في عالم الطب البيطري باعتبارها السبب الرئيسي لإصابة الماشية والأغنام بمرض "الساق الأسود".
فعندما تدخل التربة المصابة إلى مجرى دماء الحيوان عبر الجروح، تؤدي البكتيريا إلى الإصابة بالغنغرينا، وهي موت عضلات الساق. وأوضحت الطبيبة أنه "لا تستطيع الماشية والأغنام أن تشكو أو تعبر عن شعورها بذلك الألم، لهذا نقرأ في أدبنا الشعبي أن العرض الأكثر شيوعاً للساق الأسود هو الموت، لأن المزارعين يعثرون على حيواناتهم ميتةً ويكتشفون أنها مصابة بالساق الأسود".
لفتت ريو إلى أن مسبب الأمراض أدى إلى إنتاج سموم أصابت المريضة بالالتهاب المعوي القولوني الناخر، الذي يؤدي لوفاة أجزاء من أنسجة الأمعاء ويُمكن وصفه بأنه "يأكل اللحم".
شرحت الطبيبة المرض قائلةً: "ما يحدث عادةً مع العجول الصغيرة هو أنها تبدو عرجاء بعض الشيء، وعند لمس الساق التي تعاني المشكلة، ستشعر وكأن هناك غلافاً فقاعياً داخلها لأن البكتيريا تأكل اللحم وتُفرز الغازات، بعدها تدخل الأنسجة الميتة المشبعة بالبكتيريا لمجرى الدم، فتتسبب في تسمم الدم، وبهذا ينتهي بك المطاف إلى إصابة بالغنغرينا -وهي موت الأنسجة- وإفراز الغازات، وبعدها يأتي تسمم الدم، ويحدث الأمر نفسه مع البشر".
لكن السيدة تعافت بسرعة نسبية خلال الأسبوع الأول، وتحسّنت وظائف الكبد والكلى بعد تناولها المضادات الحيوية، وتلقيها علاج الأوكسجين عالي الضغط، وهي عملية تُستخدم لزيادة كمية الأوكسجين التي تصل إلى أنسجة الجسم، ثم خضعت لجراحة عاجلة في جدار القولون إثر تدهور حالتها.
خرجت السيدة من المستشفى بعد مضي أسبوعين ونصف على الجراحة، وتقول الورقة الأكاديمية إن مسبب الأمراض العدواني يُعتبر فتاكاً حتى وقتنا الراهن، لكن العلاج الناجح لحالتها كان ممكناً بفضل اتباع نهجٍ متعدد التخصصات.
من جانبه، قال البروفيسور أنطون بيلج، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى ألفريد وجامعة موناش، إن المرأة كانت "محظوظة" لأنها نجت من العدوى، مشيراً إلى أن هنالك حالتين أصيبتا بهذا النوع من البكتيريا وكان مصيرهما الموت.