تتعدد أسباب حكة القدمين؛ لكن في الحديث عن شعور الحكة الذي يأتينا فجأة، تسود مجتمعاتنا مجموعة من المعتقدات الشعبية والثقافية القديمة، التي غالباً ما تكون مرتبطة بفكرتين أساسيتين: التفاؤل والتشاؤم.
لا بدّ أنك سمعتَ والدتك تقول لنفسها مرةً إن خبراً مفرحاً بانتظارها، لأن عينها اليُسرى ترف، أو إنها ستدفع مبلغاً من المال لأن يدها اليمنى تحكها.
كثيرةٌ هي المعتقدات في هذا الإطار، وتتنوع حسب مكان الحكة في الجسم. فحكة القدمين تختلف عن حكة اليدين، ويختلف معناها بين جهة اليمين أو اليسار، مع العلم أن أسباب الحكة قد تكون جسدية بحتة، مثل الحساسية أو جفاف الجلد.
هل تعلم أن حكة القدم اليسرى مثلاً تحمل دلالات رمزية عميقة في بعض الثقافات، وأن اكتشافها، ومن ثم الغوص فيها، قد يكون أمراً ممتعاً ومدهشاً في الوقت نفسه؟
بين اليسرى واليمنى.. معنى حكة القدمين
حكة القدمين غالباً ما تشير إلى رغبة الشخص القوية في السفر والمغامرة، وخوض تجارب جديدة. والمثير للاهتمام أن هذا المدلول كان سائداً عبر التاريخ، وغير مرتبط بثقافتنا العربية فقط، وهو ما يعكس فضولنا البشري الغريزي للاستكشاف.
ووفقاً لموقع How Stuff Works، ترتبط حكة القدم اليسرى عموماً بالفأل، ويُنظر إليها في العديد من الثقافات على أنها علامة على سوء الحظ. ولموضع الحكة دورٌ كبير في تحديد معناها الدقيق.
غالباً ما يعتقد أجدادنا أن حكة القدمين تعني سفراً أو رحلة قريبة، وحكة القدم اليسرى يُنظر لها على أنها إشارة إلى سوء الحظ في هذه الرحلة المقبلة، التي قد تأتي بنتائج سلبية أو غير حميدة.
في الهند ودول آسيوية أخرى، تُعتبر حكة القدم اليسرى علامة على سوء الحظ. تؤمن شعوب هذه الدول بأن الحكة في القدم اليسرى هي إشارة إلى أنك ستواجه الحزن والألم طوال رحلتك، جسدياً أو روحياً.
وبالمثل، يعتقد الشعب التركي أن حكة القدم اليسرى تعني أن الرحلة المقبلة لن تسير كما هو مخطط لها، وأن الشخص قد يواجه تحديات متعددة على طول الطريق، ولن يشعر بالأمان في قراراته.
في المقابل، فإن حكة القدم اليمنى مرتبطة عموماً بالفأل الطيب الذي سيرافق صاحبها في رحلة سفره المقبلة، وأنه قد يحقق مكاسب مالية أثناء هذه الرحلة. فيما يعتقد البغداديون أن حكة الرجل اليمنى تعني أن أحدهم قد ذكر صاحبها، قدحاً أو ذماً.
أشهر خرافات حكة القدم اليسرى
يُقدّم الموضع المحدد للحكة في القدم اليسرى تفسيراً أوضح لدلالاتها، ويوفر رؤى أدق لطبيعة الرحلة الوشيكة، وتحدّياتها.
غالباً ما تشير الحكة في الجزء العلوي من القدم اليسرى إلى أن الرحلة قد تكون تعيسة أو مخيّبة للآمال. أما الحكة حول أسفل أصابع القدم اليسرى، فهي تُنذر بالخسائر المادية والنكسات.
خسائر نفسية: تشير الحكة في القدم اليسرى إلى أن المضي قدماً في تنفيذ تلك الرحلة قد يعني ما هو أبعد من الخسائر المالية، وتنطوي على تكلفة عاطفية ونفسية. وحتى لو كانت تحمل قيمة معيّنة للشخص، فعليه أن يكون مستعداً للتحديات التي تصاحبها.
البؤس والمعاناة: تربط بعض المعتقدات حكة القدم اليسرى بالوصول إلى أرضٍ بعيدة يسكنها البؤس، والحزن، والمعاناة. يشير هذا التفسير إلى أن الفترة المقبلة قد تكون شاقة، ومليئة بالصعاب.
بدايات متعثرة: يمكن أيضاً تفسير الحكة في القدم اليسرى بأنها علامة تحذير من مشروعٍ جديد، سواء كان تجارياً أو عاطفياً أو مهنياً. انتبه، قد تكون مسيرتك مصحوبة بخسائر وإخفاقات كبيرة.
التغيير: بعض الثقافات تربط حكة القدم اليسرى بالعجز عن التحرر من حالة الجمود الموجودة في حياة الشخص. وهي بمثابة تذكير بالتكاليف الباهظة التي قد يدفعها في حال حاول تغيير حياته.
أسباب حكة القدمين
رغم أن خرافات حكة القدم اليسرى قد تكون مثيرة للاهتمام، من الضروري تسليط الضوء على الأسباب الأكثر علمية وراء حكة القدمين، التي غالباً ما تكون مزعجة خصوصاً عندما تأتي في الليل، حين يكون الدماغ في أدنى مستوياته من الوعي.
ومن أبرز أسباب حكة القدمين:
القدم الرياضي أو سعفة القدم
هي عبارة عن عدوى فطرية، وتعتبر الحكة من أعراضها الرئيسية، إلى جانب الطفح الأحمر والتقشر.
وسعفة القدم قد تحدث عند باطن القدمين أو بين الأصابع، ويرافقها في الحالتين طفح جلدي. وهناك حالات حادة من سعفة القدم تسبب الاحمرار مع بثور ملتهبة، من الممكن أن تُخدش ليلاً وتزيد من تهيّج الجلد.
الأكزيما
يُعرف الأكزيما أيضاً باسم "التهاب الجلد التأتبي"، حين يحدث احمرار الجلد مع الشعور بالحكة. هو حالة شائعة لدى الأطفال، لكن يمكن أيضاً أن تصيب أي شخص في أي مرحلة عمرية.
يُعتبر التهاب الجلد التأتبي مرضاً مزمناً، ويميل لأن يظهر في نوبات مصحوبة بالربو كل فترة. لكن معظم الأطفال الذين يعانون منه يستطيعون التغلب عليه بحلول عيد ميلادهم العاشر، في حين يعاني بعض الناس من أعراض هذا المرض طوال حياتهم.
التهاب الجلد التماسي
هو حالة تحدث عند ملامسة الجلد لمادة مهيّجة أو مسببة للحساسية لدى البعض، ما يؤدي إلى ظهور طفح جلدي أحمر مثير للحكة. يُمكن اعتباره نوعاً من أنواع الأكزيما، لكنه ليس خطراً وهو غير مُعدٍ، رغم أنه قد يكون مزعجاً.
ومن المواد التي تسبب الحساسية:
- العطور
- المواد اللاصقة
- المواد الكيميائية الموجودة في الأحذية
- النيوميسين الموجود في مراهم المضادات الحيوية
- مواد كيميائية مستخدمة في منتجات العناية بالبشرة والأظافر
جفاف الجلد
وقد ينتج عن حالات طبية، مثل التهاب الجلد التأتبي، أو بسبب نقص الرطوبة أو التقدم في العمر، أو اتباع نظام غذائي تنخفض فيه نسبة الفيتامينات والأحماض الدهنية، أو بسبب استخدام غسول قاسٍ على الجلد.
الآفات
وأبرزها الجرب الذي ينتج عن حشرة ذات ثماني أرجل، تُعرف بـ"عثة الجرب"، تضع بيضها على سطح الجلد فتسبب الجرب. وتنتشر هذه الحالة في المناطق المزدحمة جداً، حيث يكثر الاتصال بين الأشخاص.
ومن أبرز أعراض الجرب:
- التقرحات
- الطفح الجلدي
- الحكة التي تأتي في الليل خصوصاً
لذلك، وإذا كنت تعاني من حكة القدم اليسرى بشكلٍ مزمن، فمن الأفضل استشارة طبيب أمراض جلدية للحصول على العلاج المناسب. فالمعتقدات الشعبية ليست إلا تراثاً ثقافياً يثير اهتمام الخيال البشري عبر التاريخ، ولا يجب الاعتماد عليه لتشخيص حالتنا.