حذَّر خبراء أمراض مُعدية من تزايد خطر الإصابة بالأمراض الجديدة التي تسببها الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والفطريات وتنتقل من الحياة البرية إلى البشر، والمعروفة باسم الأمراض حيوانية المنشأ، وذلك بعد أن تصدرت أول حالة في العالم لدودة طفيلية تصيب دماغ الإنسان عناوين الصحف هذا الأسبوع.
التحذير الطبي جاء بعد تقرير عن حالة المريضة الأسترالية أظهر وجود يرقات ديدان أوفيداسكاريس روبرتسي في دماغها، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، 2 سبتمبر/أيلول 2023.
الأمراض الجديدة الناشئة
من جهته، قال رولاند كوبولد، الأستاذ المساعد في العلوم البيطرية بجامعة كوينزلاند: "إصابة شخص بدودة دماغية غريبة جراء تناول الخضر الملوثة بفضلات ثعبان تحتوي على اليرقات، أمر مؤسف لكنه نادر الحدوث ولا خطر فيه لو كان له علاج".
لكنه قال إن الأخطر من ذلك أن نحو 75% من حالات الأمراض الجديدة والناشئة على مستوى العالم حيوانية المنشأ. ويكون من ضمنها في أحيان كثيرة، أمراض لها تأثير أكبر بكثير وقد تؤدي إلى ملايين الوفيات، مثل فيروس سارس-كوف-2 الذي يسبب مرض كوفيد-19 ويُعتقد أنه نشأ من الخفافيش.
يقول كوبولد: "هذا يرجع إلى حقيقة أن عدد السكان ارتفع بدرجة لم يسبقها مثيل، وأننا جميعاً نبحث عن أماكن لنعيش فيها وطعام لنأكله، وهذا له تأثير على البيئة. والبيئة تبادلنا التأثير أيضاً".
أسباب ظهور الأمراض
وهي مشكلة حذَّر منها الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين السابق لرئيس الولايات المتحدة، حين كان يستعد للتنحي عن منصبه مطلع هذا العام. وقال فاوتشي في مقال لمجلة New England الطبية: "الاعتقاد بأن خطر الأمراض المعدية الناشئة سيتضاءل لا أساس له، لأن أسبابه الأساسية موجودة وتتزايد على الأرجح".
وكتب: "ظهور حالات أمراض جديدة وعودة ظهور أمراض قديمة هو إلى حد كبير نتيجة للتفاعلات البشرية مع الطبيعة والتعدي عليها".
وأضاف: "وفي ظل توسع المجتمعات البشرية وتداخل التفاعل بين الإنسان والحيوان، تنشأ فرص الإصابة، وتدعمها في كثير من الأحيان التغيرات المناخية، وظهور عوامل عدوى غير مستقرة، والانتقال بين الأنواع، وفي بعض الحالات التكيف مع الانتشار بين البشر".
مخاوف أممية
واستجابة لهذه المخاوف، بدأت منظمة الصحة العالمية في عقد مجموعة من الندوات الإلكترونية حول نهج "الصحة الواحدة"، الذي يؤكد أهمية تعاون القطاعات المختلفة مثل الصحة العامة، والعلوم البيطرية، والعلوم الاجتماعية، والتمدد الحضري، والحكومة، وعلوم البيئة.
لكن مديرة قسم الأمراض المعدية والوبائية في منظمة الصحة العالمية، الدكتورة سيلفي برياند، قالت لصحيفة الغارديان إن هذا النهج "لا يتحقق تلقائياً".
وقالت برياند: "فهو يتطلب جهوداً مشتركة من جميع القطاعات، وهذه الأنشطة المشتركة تحتاج إلى تمويل كافٍ. والإرادة السياسية ضرورية أيضاً، وهذا لأنَّ قتل الدواجن، مثلاً، أو قتل حيوان المنك الذي حدث خلال كوفيد-19 لمنع انتشار سلالة جديدة له أيضاً تكلفة حقيقية على الاقتصاد. لذلك من المهم أن تعي الحكومات أن هذه التدابير الوقائية قد تكون مكلفة، لكنها أقل تكلفة بكثير من علاج جائحة".