من المعتاد في أغلب الوظائف أن يقرر صاحب العمل أو المدير الراتب الذي يراه مناسباً لك، لكن كيف هو الحال في شركة بدون مدير من المسؤول عن تحديد راتبك؟ أو قبول توظيفك من عدمه؟ وهل يمكن أن تعمل شركة بدون مدير اصلاً؟ بحسب شركة "10 pines" في الأرجنتين، فالجواب هو نعم.
الشركة أخذت نظام عمل الفريق إلى مستوى آخر غير مسبوق، في أسلوب جديد حيث لا "رأس للسلطة" في الشركة، ونظام توظيف فريد من نوعه وشفافية في التعامل بين أفراد الشركة لن تجدها في أي مكان آخر.
"10Pines" شركة بدون مدير
"10Pines" هي شركة تقنية مقرها الرئيسي في الأرجنتين في مدينة بوينس آيرس، وتقدم خدمات البرمجة والتصميم للتطبيقات والبرامج ومنصات التجارة الإلكترونية وغيرها من منصات، ولها تعاون مع أسماء تجارية كبيرة مثل في ذلك ستاربكس وبرغر كينغ.
للوهلة الأولى عندما تدخل مقر الشركة، فلن تلاحظ شيئاً غريباً. لكن عندما تسأل عن مكتب المدير ستصدمك الإجابة؛ لأنه لا يوجد مدير، على الرغم من وجود شخصيات رفيعة المستوى تعتبر شركاء، وملاكاً للشركة. لكن لا يوجد مدير تنفيذي عام ولا مديرون حقيقيون داخل الفرق.
الموظفون عبارة عن فرق متعاونة في ما بينها، ولديهم قائد لكل فريق يختاره الموظفون من بينهم، وهناك تجارب مشابهة حول العالم لما يعرف بـ"شركة رشيقة وتعاونية" يتولى فيها العمال الإشراف على القضايا التي كانت تُترك تقليدياً للمديرين، وجد أنها أدت إلى انخفاض معدل الروتين بالنسبة للموظفين، وتنشيط ثروات الشركة.
بالنسبة لمؤسس الشركة هيرنان ويلكنسون كان لديه منظور سياسي منذ كان صغيراً، ويقول: "كان والدي مدرساً لعلم الاجتماع، وقد تشبعت بالكثير من الأفكار التي كانت متداولة في المنزل. وهذا شيء كان له تأثير أيضاً عندما بدأت مشروعاً أصبح فيما بعد شركة".
بهذه الأفكار والمساهمة الأساسية التي قدمها شركاؤه، خورخي سيلفا، وإميليو جوتر، وأليخاندرو ألفونسو، افتتح ويلكنسون شركة 10Pines، "الذي تم التخطيط له منذ البداية ليكون مكاناً يسعدنا العمل فيه. لقد كانت الأولوية دائماً هي خلق بيئة تسمح لنا "بالتعبير عن عملنا"، بدلاً من الحصول على منظمة "فعالة" و"ذات أداء عالٍ".
الأولوية هي للأشخاص، ومن المفارقة أن تمكين الأشخاص يؤدي في نهاية المطاف إلى جعل المنظمة تنمو بشكل أكبر مما يحدث عندما تسعى إلى تمكين الشركة بشكل مباشر.
يقول خورخي سيلفا، أحد مؤسسي الشركة: "الشيء الأساسي هو أن نفهم أن هناك فرقاً بين المساواة والإنصاف.. لسنا جميعاً متساوين، لكننا نحاول أن نكون منصفين.. لا نريد أن نكون مثل الشركة الكلاسيكية التي تحاول التحكم في الموظفين وتعاملهم مثل الأطفال".
زملاؤك يحددون راتبك
تحدد الرواتب في الشركة 3 مرات في السنة في "اجتماع يناقش أداء الشركة" يضم هذا الاجتماع جميع الموظفين، وفيه يقررون رواتب بعضهم البعض. وكذلك الأمر بالنسبة للتوظيف، فأنت ستكون في اجتماع مفتوح مع الموظفين كلهم ويناقشون أمامك بكل شفافية الراتب الذي ستأخذه وكم يأخذون هم أيضاً.
يقول خورخي سيلفا: "عندما تريد أن يشارك الأشخاص في عمل الشركة ويتخذون قرارات جيدة على أي مستوى، فأنت بحاجة إلى منحهم إمكانية الوصول إلى معلومات كاملة وعالية الجودة".
ويضيف سيلفا: "هناك عدم تناسق في المعلومات بين موظفي الشركات الأخرى، مما لا يسمح للموظفين بالحصول على رؤية كاملة للعملية. والطريقة التي وجدناها لكسر هذا التباين هي اتباع سياسة عدوانية للأرقام المفتوحة".
"عندما يتحدث المرء عن الأرقام والرواتب المفتوحة، فإن أول ما يفكر فيه هو أن جميع الأشخاص، الذين يعرفون مقدار ما يكسبه الآخرون، سوف يركضون للمطالبة بزيادة الراتب.. أو أنهم سيكونون غير عقلانيين، ويطلبون مبالغ سخيفة".
يتابع سيلفا: "تجربتنا عكس ذلك تماماً.. لقد كانت لدينا حالة لشخص رفض زيادة الراتب. لماذا؟ لأنه، على وجه التحديد، شعر أنه مع الزيادة سيكون على نفس مستوى الأشخاص الآخرين الذين يعتبرونهم متفوقين".
ما يحدث مع الأرقام المفتوحة هو أنها تولد نوعاً من ضغط الأقران والتنظيم الذاتي الذي يجعل الناس أكثر عقلانية ووعياً. وفي الوقت نفسه، يخلق حاجة لتبرير القيمة لكل واحد منهم ما يدفعهم للاجتهاد أكثر.
يقول سيلفا إن المنضمين الجدد يمكنهم التفاوض على رواتبهم إلى حد ما، الأمر الذي قد يشكل مشكلة في البداية. وتتم مناقشة رواتبهم المقترحة مع من لديهم خبرة مماثلة في الشركة للحصول على موافقتهم.
في المقابلة النهائية لعملية التوظيف، يلتقي المرشح بالفريق بأكمله الذي يضم حوالي 80 شخصاً، وهي مقدمة للطريقة التي تعمل بها ديناميكية المجموعة. لا توجد أسئلة فنية في هذه المرحلة، بل يتعلق الأمر بالتعرف على اهتمامات الأشخاص وإتاحة الفرصة لهم لمعرفة كيفية عمل 10Pines.