في لحظات الانتظار العابرة، أو عند التركيز في مهمة معينة، أو حتى عند الإحساس بالتوتر والقلق في موقف معين، كثيراً ما يقوم الإنسان ببعض الحركات اللاواعية للتخفيف من مشاعره.
بداية من حك الرأس، أو قضم الشفتين، وصولاً إلى قضم أظافر الأصابع ونتف الشعر أو فركه بصورة عصبية. هناك العديد من السلوكيات التي يمارسها الإنسان وهو لا يدري حقاً متى أو لماذا يقوم بها.
ومن بين تلك السلوكيات تأتي واحدة من الحركات، التي يعتقد كثيرون أن لها العديد من التبعات الصحية على الجسم وسلامة الطرف المعني، وهي طقطقة الأصابع.
صحيح أن كثيرون يمارسونها بشكل شبه يومي تقريباً، لكن هناك الكثير من الآراء حول تبعات هذه الحركة، وما إذا كان ميل الشخص لـ"إدمانها" متعلق بحالات نفسية محددة.
في هذا التقرير نستعرض لماذا ندمن طقطقة أصابعنا، وما الدوافع النفسية التي تدفعنا لمثل هذا السلوك، وما إذا كانت هناك أي آثار جانبية محتمَلة يمكن أن تترتب عليه.
أسباب سلوك طقطقة الأصابع
تُعد طرقعة الأصابع من الحركات الجسدية المرضية، خاصة عند سماع صوت المفصل وهو يتصدع بشكل مثالي عند الضغط عليه بطريقة معينة، ومع ذلك، فهو قد يقود جميع من حولك إلى الجنون.
إذ عادة ما لا يتذكر الشخص متى بدأ القيام به، وقد يشعر أحياناً أنه يمارسه بصورة لا واعية أو إرادية، ومع ذلك، لا يبدو أيضاً أنه من السهل اتخاذ قرار بالتوقف عن مثل هذا السلوك بين عشية وضحاها.
لماذا؟ تقول الدكتورة راشيل فريمان، الأستاذة المساعدة لطب الأطفال في كلية الطب بجامعة إنديانا الأمريكية: "يقوم بعض الأشخاص بفك وتدوير خصلات شعرهم، وبعض الأشخاص يهزّون أقدامهم لأعلى ولأسفل – وبعض الأشخاص يفرقعون مفاصل أصابعهم"، مضيفة: "يعتقد كثير من الأشخاص الذين يفعلون ذلك أنه شعور جيد، ويشعرون بالراحة أو التهدئة، أو حتى أنها قد تمنحهم بعض التحرر الجسدي".
مع تطبيق كمية معينة من الضغط وسماع هذا الصوت المريح، يصبح الأمر وكأنه عملية استمتاع بفرقعة فقاعات ورق التغليف، وبالتالي ليس هناك عجب أن كلا النشاطين مرضي نفسياً بنفس القدر.
فهو سلوك آمن يجعل الشخص يشعر بحالة من التهدئة الذاتية وتفريغ الإحساس بالملل أو القلق، ما يعزز الإحساس بالرضا والاطمئنان بعده.
التأثير الجسدي لطقطقة الأصابع
وأوضحت راشيل فريمان أن طقطقة الأصابع، والصوت المُرضي الناجم عنها، هو صوت تجاويف بخار السائل الزليلي، أو فرقعة فقاعات الغاز الموجودة في السائل الموجود حول المفاصل.
إذ عندما يقوم الشخص بسحب أو ثني إصبعه لطقطقتها فهو يقوم بتمديد تلك الكبسولة المليئة بالسائل. وهذا يقلل الضغط داخل السائل المعبأ بالغاز، مما يتسبب في تكوين فقاعة نيتروجين صغيرة تفرقع على الفور وتسبب الصوت المسموع الذي نسمعه.
وبالنسبة إلى سبب ارتفاع الصوت، لا يزال العلم غير متأكد تماماً. ومع ذلك، فهم يعرفون لماذا لا يمكن طقطقة نفس المفصل مراراً وتكراراً.
حيث تستغرق الغازات حوالي 20 دقيقة لتذوب تماماً في السائل. هذه هي فترة المقاومة ومقدار الوقت الذي يجب أن يمر حتى طقطقة الأصابع مرة أخرى.
هل يمكن لطقطقة الأصابع أن تسبب مشاكل للمفاصل؟
تقول الخبيرة الأمريكية إن طقطقة الأصابع لا يمكن لها أن تسبب التهاب المفاصل، على الرغم من الشائعات واسعة النطاق التي يتم تداولها عبر الإنترنت.
ووفقاً للدراسات التي أُجريت على وظيفة اليد لدى البالغين المصابين بالتهاب المفاصل وغير المصابين بالتهاب المفاصل ممن يمارسون عادة طقطقة الأصابع، لم يكن من المحتمل أن يكون المصابون بالتهاب المفاصل أكثر عرضة للقيام بهذا السلوك أكثر من غيرهم.
بعبارة أخرى، ليس من المحتمل الإصابة بالتهاب المفاصل بسبب فرقعة مفصل اليد أو الأصابع.
ما تأثير طقطقة الأصابع على الحالة العقلية عند سماع الفرقعة؟
يعتقد كثيرون أن فرقعة الأصابع هي إعادة تنظيم للعظام، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. لأن فرقعة المفاصل هي الصوت المسموع الذي يحدث عند شد مفاصل الإصبع.
وبصرف النظر عن درجة الضغط على الأصابع، فإن كسر مفاصل الأصابع يؤدي في الواقع إلى تحرير بعض الوزن والضغط من المفاصل.
فأثناء استخدام اليدين طوال اليوم وشد العضلات في المهام البدنية المختلفة، ينتهي الأمر بالمفاصل بالشعور بالضيق أيضاً، وبالتالي تصبح طقطقة المفاصل مريحة؛ حيث تعطي المفاصل مساحة للتمدد ولتخفيف هذا الضغط المتراكم.
بعبارة أخرى، قد يطقطق الناس مفاصل أصابعهم للأسباب نفسها التي تجعلهم يمارسون تمارين تمدد لطيف وسريع في منتصف اليوم؛ للشعور بالانتعاش والراحة والتجديد.
ومع ذلك، فإن أسوأ ما قد يترتب على طقطقة الأصابع هو المعاناة فعلاً من بعض التبعات الصحية على الطرف المعني. إذ يمكن لثني الأصابع بشدة وبصورة يومية أو لأكثر من مرة خلال اليوم أن يؤدي إلى تآكل الغضروف بمرور الوقت.
لذلك يوصى عوضاً عن الثني العنيف والضغط على الإصبع لطقطقته، بسحب المفصل إذا شعر الشخص بالحاجة إلى ذلك، وهي الطريقة الأكثر أماناً وفاعلية لإخراج الغاز في المفصل والشعور بالراحة دون الإضرار بالأصابع.