مع اختلاف الثقافات تختلف العادات والأذواق حتى في داخل المجتمع الواحد نفسه، من بين تلك الاختلافات الوصفات والمأكولات، ما قد تعتبرها أطعمة تقليدية، قد يعتبرها البعض أطعمة غريبة.
ومع تغير الأزمنة وتحول العالم إلى قرية صغيرة، انتقلت وصفات الطعام والمأكولات من دولة لأخرى، لكن هناك وصفات ومأكولات غريبة من الحضارات القديمة بقيت على مائدة الطعام جيلاً بعد جيل رغم "غرابتها"، وفيما يلي عشرة أطعمة غريبة من العالم القديم لا يزال الناس يأكلونها إلى اليوم:
1- "الزغبية" المحشي
لطالما اعتبرت القوارض من الحيوانات التي تجلب الأمراض أو تعتبر في أحسن أحوالها من الآفات الضارة، لكن يبدو أن أحداً ما في روما القديمة قرر أن حيوان "الزغبية" أو "Dormice" سيكون وجبة جيدة، "الزغبية" هو قارض صغير يشبه السنجاب يبلغ طوله من 6 إلى 7 سنتيمترات، ويعيش في قارات العالم القديم أوروبا وأفريقيا وآسيا.
تم "تحميص" تلك الحيوانات كطعام شهي خاص. قام الرومان بتربيتها في جرة خاصة وتسمينها، ومن ضمن وصفات الطعام الغريبة، كان يقدم محشواً بالمكسرات ومحمصاً بالعسل والتوابل. وعادة، كانوا يقدمونه كفاتح للشهية. واليوم، لا تزال "الزغبية" البرية تُطارد وتؤكل في بعض أجزاء من سلوفينيا وكرواتيا وتعتبر طعاماً شهياً.
2- طائر الفلامنغو على نار هادئة
تعتبر الطيور، وخاصة الدجاج، مصدراً رخيصاً للبروتين في العالم اليوم، وبينما تفضل الكثير من الشعوب أكل الدجاج والحمام والسمان أو البط والإوز والديك الرومي، تفضل الشعوب في دول أخرى مثل الصين وتايلاند تناول طائر الفلامنغو المطهو على نار هادئة.
الفلامنغو طائر رقيق وغريب المظهر معروف بلون ريشه الوردي بسبب نظامه الغذائي الغني بالبيتاكاروتين، وهي نفس المادة الكيميائية التي تعطي الجزر لونه البرتقالي.
كان الفلامنغو المطهو ببطء طبقاً مخصصاً للأثرياء الذين يستطيعون تحمل تكلفته في روما القديمة. وكان يعد رمزاً للمكانة الاجتماعية ويتباهى به الأغنياء مثلما يتباهون بثرواتهم.
في القرن الحادي والعشرين. تبيع بعض الأسواق في الصين وتايلاند علناً لحوم الفلامنغو. وفي فنزويلا، توجه الناس إلى اصطياد هذه الطيور وأكلها بسبب أزمة الغذاء، كما يفعل بعض سكان منطقة البحر الكاريبي.
3- طيور محشوة بعضها ببعض
عام 1807، نشر ألكسندر بالتازار لوران جريمود دي لا رينيير، والذي كان يعمل ناقداً للمطاعم، وصفة لتشكيلة من الطيور المشوية تسمى "Rôti Sans Pareil"، حيث يتم حشو 17 طائراً داخل بعضها البعض بالترتيب من الأصغر إلى الأكبر.
من بين تلك الطيور، القبرة، السمان، الحجل، البط البري، البط، الدجاج، الدراج، والإوز، والديك الرومي، والحبارى!
4- الغاروم: صلصة سمك مُخمَّر من روما القديمة
يبدو "غاروم" اسماً لطبقٍ لذيذ، لكنه في الواقع من ضمن وصفات الطعام الغريبة، التي كانت موجودة في روما قديماً، ولا تزال موجودة اليوم.
الصلصلة مصنوعة من الأسماك التي تترك للتخمر داخل إناء من الفخار يوضع في الشمس، مع إضافة التوابل والأعشاب، ولذلك ليس غريباً أن صناعة هذه الوصفة كانت مهمة "شنيعة" بسبب الرائحة، وكانت توكل للعبيد.
طوال العصر الروماني، بيعت صلصة الغاروم بمستويات وباسعار مختلفة، اعتماداً على الأسماك المستخدمة وتركيز السائل؛ فكلما كانت الصلصة أخف، كانت أفضل وأعلى تكلفة.
وعلى الرغم من أنَّ عملية صنع الغاروم قد تغيرت على مر السنين مع انتشارها إلى مناطق أخرى من العالم، إلا أن صلصة السمك بقيت موجودة لعدة قرون حتى وصلت إلى مائدة الطعام اليوم.
5- يرقات ويتشتي (Witchetty) المشوية
تعيش يرقات ويتشتي (Witchetty) في أستراليا، وهي من اليرقات التي تتغذى على الأخشاب، وخاصة أشجار الأكاسيا الملقبة بـ"ويتشتي" والتي اشتق منها اسم تلك اليرقات، ويكون حجم هذه اليرقات كبيراً ولونها أبيض. وكانت تاريخياً من الأطعمة التي تعتبر شهية لسكان أستراليا الأصليين.
ويتم إعدادها عن طريق شيها على الجمر بشكل خفيف، أو يتم أكلها نيئة أحياناً وهي الطريقة الأكثر شيوعاً لدى سكان أستراليا الأصليين.
ومع ذلك، يختار بعض الأشخاص اليوم من الذين يرغبون في تناولها مع الأطعمة الأخرى طهيها. وهي بالتأكيد من الأطعمة الأكثر غرابة في العالم.
6 – خصيتا الكبش المُخلّلتان
كانت خصيتا الكبش المُخلّلتان من الأطباق المفضلة لدى الأيسلنديين القدماء. ولتحضير هذا الطبق، يغسل الطهاة الخصيتين جيداً، ثم يزيلون الأغشية الخارجية ويغلونهما. ثم تُخلَّل لعدة أشهر، مع تغيير السائل بانتظام لتجنب نمو البكتيريا. وبمجرد وصول الخصيتين إلى المستوى الصحيح من الحموضة، تُضغطان معاً في قالب مستطيل، ثم يقطعونه ويأكلونه.
وأعيد إحياء هذا الطبق في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، عندما بدأ مطعم في عاصمة أيسلندا، ريكيافيك، في تقديمه جنباً إلى جنب مع الأطباق الريفية التقليدية الأخرى مثل سمك القرش المُخمَّر ورأس الأغنام المسلوقة، باعتبارها وجبات شهية في فصل الشتاء.
ووصل هذا الطعام إلى قائمة اليوم؛ لأنه لم يبقَ في العالم القديم؛ إذ يمكنك العثور اليوم على خصيتي الكبش المُخلّلتين في بعض محلات البقالة الآيسلندية في موسم الشتاء.
7- جنين البط المسلوق
في بعض البلدان الآسيوية مثل لاوس وكمبوديا، يمكنك إيجاد أطعمة غريبة في مختلف الأسواق والمطاعم الشعبية، من بين تلك المأكولات الغريبة، هي "Balut" أو البالوت، وعي عبارة عن بيضة بط مخصبة وبها جنين شبه مكتمل، يتم سلقه وتناوله. وفي الفلبين حيث يقدمه بعض بائعي الطعام في الشوارع في الواقع نيئاً.
8 – العنبر
يُعرَف العنبر باسم الذهب العائم بسبب لونه وقيمته. علاوة على ذلك، فهي يطفو بالفعل في المحيط؛ إذ يتشكّل العنبر في القنوات الهضمية للحيتان لتطويق مناقير الحبار الصلبة التي لا يمكن هضمها. ويشير الناس أيضاً بالعامية إلى العنبر على أنه قيء الحوت، على الرغم من أنَّ جسمه يتخلص منه من الطرف الآخر.
وتُقدَّر قيمة العنبر بالكثير من المال؛ لأنه مهم جداً في صناعة العطور، بالإضافة إلى استخدامه في صناعة الأدوية والكوكتيلات. وما قد لا تعرفه هو أنَّ العنبر يُؤكَل أيضاً.
فمن المفهوم أنَّ "الشربات" الفارسية القديمة، التي كانت تُحضَر من الفاكهة أو بتلات الزهور، كانت تحتوي أيضاً على العنبر مع الماء والليمون. علاوة على ذلك، يقال إنَّ الوجبة المفضلة للملك تشارلز الثاني، ملك إنجلترا، هي البيض والعنبر.
وحتى القرن الحادي والعشرين، ظل الناس يأكلون العنبر، لكنه نادر جداً لذا يفضل معظم الناس جني الأموال من هذه السلعة القيمة على أكلها. وعلى ما يبدو، يفضل كريستوفر كيمب، عالم الأحياء الجزيئية، الطهي بإضافة قطعة من العنبر الأبيض بسبب رائحته الحلوة.
9- الحليب المطاطي
يمكن صناعة العديد من الأطعمة من الحليب مثل الألبان أو يدخل في صنع المأكولات مثل الحلويات أو إضافته إلى العصائر والمشروبات، أو يمكنك شربه ساخناً أو بارداً أو مع أي من النكهات التي تفضلها.
ولكن في أيرلندا كان الناس هناك ولا يزالون يفضلون أكل الحليب وليس شربه! ولكن بعد تحويله إلى قوام يشبه الجبن. وقد يتطلب مضغ اللحم وقتاً أقصر من مضغ هذا النوع من الحليب.
حتى أواخر القرن السابع عشر. كان الحليب هو المسيطر على النظام الغذائي الأيرلندي. في عصر هيمنة الحليب ذلك، وُلِدت وصفة "الحليب المطاطي".
في عام 1690، لاحظ أحد الزوار أنَّ الأيرلنديين يشربون ويأكلون الحليب بحوالي عشرين طريقة مختلفة. وبعد مرور عدة قرون من شرب الحليب ومضغه، لا تزال خيارات الحليب هذه تُستهلَك في أيرلندا حتى اليوم. لكن الفرق هو أنها تُصنَّع الآن باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمزيد من الأساليب الصحية.
10- بيض السحالي
عندما تفكر في وصفات البيض حتى الأكثر غرابة، فأنت تفكر بالبيض الذي يأتي من الطيور، لكن هل فكرت يوماً بتناول بيض الزواحف والإغوانا السوداء بالذات؟!
في ثقافة شعوب المايا، كانت الإغوانا تتم تربيتها من أجل بيضها، وصف الأوروبيون الأوائل الذين تواصلوا بالمايا عاداتهم الغذائية بأنها مثل الصوم الكبير، حيث كانوا يأكلون القليل من اللحوم.
وقامت شعوب المايا بتدجين النباتات والنحل والحشرات، ولم يكن لديهم ثديات كبيرة لمصادر البروتين.
اليوم، يعد صيد الإغوانا وتربيتها أمراً غير قانوني في أجزاء كثيرة من أمريكا الوسطى والجنوبية، لذا من المحتمل أن يظل طعم بيضة الإغوانا السوداء في الماضي.