تسعى كوريا الجنوبية إلى تسهيل امتحان القبول بالجامعة -المعروف بصعوبته الشديدة- لتخفيف أعباء الرسوم الدراسية الباهظة عن العائلات، وتشجيع الناس بطريقة غير مباشرة على إنجاب المزيد من الأطفال، بحسب ما نقلت صحيفة The Times البريطانية.
حيث أمرت الحكومة المُمتحنين بالتخلي عما يسمى "الأسئلة التعجيزية" التي تتناول موضوعات من خارج المناهج المدرسية الحكومية، ولا يستطيع الإجابة عنها إلا الطلاب القادرون على الالتحاق بمدارس "الحشو" (Cram Schools) الخاصة، والمعروفة باسم (hagwon).
مدارس الحشو
ومدارس الحشو أو مدارس التحميل هي مدارس متخصصة في تدريب الطلاب على بلوغ أهداف معينة، ومن أكثر هذه الأهداف شيوعاً اجتياز امتحانات القبول في المدارس الثانوية أو الجامعات.
وينحدر الاسم من مصطلح "الحشو أو التحميل" (Cram) باللغة الإنجليزية، ويعني مذاكرة المناهج الدراسة في مدة زمنية قصيرة، وحشو دماغ الطالب بالمعلومات قبيل الامتحانات.
بات كثير من أولياء الأمور يرون أن إلحاق أبنائهم بمدارس الحشو الخاصة ضرورة لتجاوز امتحان القبول بالجامعة، غير أن الرسوم الباهظة لهذه المدارس من العوامل التي تجعل كوريا الجنوبية إحدى أغلى دول العالم تكلفة من حيث النفقات اللازمة لتربية الأطفال.
وهذا الأمر يمنع الناس عن تكوين أسر كبيرة؛ ومن ثم يؤدي إلى انخفاض عدد السكان وتراجع معدل المواليد في البلاد إلى مستويات متدنية.
أسئلة تعجيزية
من جانبه، قال لي جو هو، وزير التعليم الكوري الجنوبي: "كانت هناك انتقادات بأن تناول موضوعات من خارج المناهج الدراسية الحكومية يدفع الطلاب إلى التعليم الخاص، والوزارة يقع عليها واجب التفكير في الأسباب التي أدت لتفاقم هذه المشكلات وعوامل العجز عن حلِّها".
وأضاف أن "الالتحاق بالتعليم الخاص لتدارك ما فات الطالب أثناء الفصل الدراسي حقٌّ لكل أحد، ولكن المشكلة أن يُدفع الطالب إلى ذلك بمواجهته (أسئلة تعجيزية) في الامتحانات. والوزارة مُلزمة أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع كارتل التعليم الخاص من التربح على حساب الطلاب وأولياء الأمور".
تتضمن "الأسئلة التعجيزية" أسئلة حول الفلسفة، وأخلاقيات الروبوتات، والتنمية المعرفية. ومدارس الحشو متخصصة في توقع هذه الأسئلة وإعداد الطلاب لحلِّها.
التوجه للتعليم الخاص
ولذلك صار 8 من كل 10 طلاب يذهبون إلى هذه المدارس، فصار أولياء الأمور مضطرين إلى إلحاق أبنائهم بهذه المدارس، وأنفقوا على التعليم الخاص خلال العام الماضي وحده 26 تريليون وون (نحو 20 مليار دولار أمريكي).
وتشير البيانات الحكومية إلى أن الطلاب أنفقوا على التعليم الخاص ما معدله 410 آلاف وون (320 دولاراً أمريكياً) في الشهر، بزيادة تتجاوز 50% عما كانت عليه في عام 2017.
من جهة أخرى، وعدت حكومة كوريا الجنوبية ببذل المزيد من الجهود المنظمة لتشجيع الناس على إنجاب الأطفال، والتصدي لما وصفه رئيس الوزراء بـ"الكارثة الرهيبة" التي تشهدها البلاد بالانخفاض الشديد في عدد السكان.
وتعهدت الحكومة بتنسيق سياسات التوظيف والتعليم والصحة والمعاشات التقاعدية والإسكان لخدمة هذه الغاية.
تُظهر الأرقام الرسمية أن معدل الخصوبة الإجمالي في البلاد -أي متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم المرأة في حياتها- انخفض في عام 2022 إلى 0.78%، وهو أدنى مستوى يبلغه هذا المعدل منذ بدء التسجيل قبل 53 عاماً.