من المعروف أن حمل السوائل بأنواعها ممنوع منعاً باتاً على متن الطائرة، لذلك يقوم موظفو المطار بتفتيش الحقائب لرمي أي زجاجات عطر أو زيوت، أو حتى علب عصير يصادفونها في حقائب المسافرين.. لكن ما هو السبب؟
اقرأ أيضاً
لماذا تُمنع السوائل على متن الطائرات؟
بينما يعتبر حظر السوائل (بما في ذلك زجاجات الماء) على متن الطائرات أمراً مزعجاً للمسافرين، إلا أن وكالات الاستخبارات تؤمن بأن لديها سبباً وجيهاً لذلك.
في السلسلة الوثائقية الأمريكية "Terrorism Close Calls" التي أنتجتها شبكة "نتفليكس" عام 2018، يسرد مسؤولون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) تفاصيل عدد من المحاولات الكارثية المحتمَلة لاستهداف المدنيين أحبطتها سلطات إنفاذ القانون. كان ستيف هيرسم من بين هؤلاء العملاء السابقين المشاركين في السلسلة الوثائقية. أخبر هيرسم موقع Mental Floss الأمريكي، في عام 2018 أنَّ حظر السوائل على متن الطائرات له أسباب برزت في مخططين إرهابييين منفصلين.
أوضح هيرسم أنَّ عدم السماح إلا بكمية معينة من السوائل على متن الطائرات في عام 2006 كان نتيجة مباشرة للمعلومات الاستخباراتية المكتشفة خلال عملية "أوفيرت". يُستخدم مصطلح عملية "أوفيرت" للإشارة إلى جهود مشتركة لإحباط مؤامرة مواطن بريطاني يُدعى عبد الله أحمد علي، كان معروفاً بصلاته الوثيقة مع متطرفين إسلاميين وإرهابيين اتصل بهم خلال رحلات متكررة إلى باكستان.
قال هيرسم: "خضعت حقائب عبد الله أحمد علي للتفتيش سراً عند عودته إلى المملكة المتحدة وعُثر في حقيبته على مسحوق مشروب برتقالي اللون مع عدد كبير من البطاريات. استناداً إلى صلاته بإرهابيين في باكستان والأشياء المعثور عليها في أمتعته، نَفَّذ جهاز الأمن البريطاني برنامج مراقبة بمساعدة شرطة لندن. أسفرت المراقبة، التي شملت وضع كاميرات سرية وأجهزة تنصّت داخل شقة علي، عن اكتشاف معمل لصنع القنابل وكشف هوية عدد من المتآمرين المتورطين".
في مرحلةٍ ما أثناء عملية المراقبة، شاهد المحققون علي يصنع ثقباً في عبوة مشروب حتى يتسنى له تعبئتها بسائل متفجر، بينما تبدو العبوة على حالها كأنها لم تُفتح قط. قال هيرسم: "لو كانوا نجحوا في تنفيذ مخططهم، لكانت النتيجة تنفيذ هجوم على 7 طائرات منطلقة من لندن ومتجهة إلى أمريكا الشمالية باستخدام سائل متفجر مكوَّن من مركب "بيروكسيد الهيدروجين مع معدات أخرى". اعتقلت السلطات عبد الله أحمد علي وعدداً من رفاقه وحُكم عليهم بالسجن المؤبد في عام 2009.
لكن هذا لم يكن التبرير الوحيد لمنع الصعود على متن المطارات بعبوات قابلة للملء بمواد سائلة. قال هيرسم: "خطَّط تنظيم القاعدة لاستهداف الطائرات المدنية منذ وقت مبكر من عام 1994 عندما اختبر رمزي يوسف، ابن شقيق خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول، سوائل متفجرة على طائرة أثناء تنفيذ "مخطط بوجينكا" في الفلبين. استهدف "مخطط بوجينكا"، جزئياً، طائرة تابعة للخطوط الجوية الفلبينية في الرحلة رقم 434 المتجهة إلى طوكيو من العاصمة الفلبينية، مانيلا، وهو ما أدى إلى وفاة أحد الركاب وإحداث ثقب كبير في الطائرة".
قد يكون حظر السوائل اللاحق على متن الطائرات قد نشأ مباشرة من عملية "أوفيرت"، لكن كانت هناك سنوات من المعلومات الاستخباراتية التي ترصد طموحات تنظيم القاعدة -الذي يبدو أنه لا يزال يُشكّل تهديداً مستمراً. قال هيرسم: "لا يزال حظر السوائل سارياً لأنَّ المخابرات تواصل إبلاغ أجهزة الأمن الأمريكية وأجهزة الاستخبارات الأخرى المتحالفة معها بأنَّ تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له وتنظيم داعش يواصل التخطيط لاستهداف الطيران المدني".
اقرأ أيضاً
لماذا يمكنك تمرير 100 ملليلتر فقط من السائل عبر أمن المطار؟
لكن لماذا تسمح المطارات بما يزيد قليلاً على 3 أونصات (100 ملليلتر)؟ وفقاً لإدارة أمن النقل الأمريكية (TSA)، إنَّ تحديد حجم العبوات لما يتسع وضعه داخل حاوية بسعة ربع غالون يمنع احتمالية تنفيذ تفجير واسع المدى على متن الطائرة، لأنَّ حجم الحاوية يحول دون تعبئتها بكمية كبيرة من السائل القابل للانفجار.
إذا كنت تريد حقاً تمرير تلك العبوة المعبأة بأي نوع من السوائل عبر نقاط التفتيش الأمنية في المطارات، فهناك حل بديل وهو تجميدها. إذ تسمح إدارة أمن النقل الأمريكية بالسوائل المجمدة ما دامت في حالة صلبة تماماً. (أما إذا كانت رخوة أو نصف ذائبة، فسيُطلب منك التخلّص منها). يمكنك أيضاً إحضار عبوة فارغة تماماً، ثم تملؤها بمجرد الانتهاء من إجراءات التفتيش.