لا شك أن البرجر يعتبر واحداً من بين أشهر الوجبات السريعة، إذ يمكن أن يختلف من حيث النكهات والمكونات، إلا أن المبدأ واحد، قطعتا خبز دائريتان وبينهما شريحة لحم.
لكن هل كنت تعلم أن أقدم برجر في العالم كان في الصين، وأن اكتشافه يعود إلى ما قبل الميلاد، ما يقرب من 2200 سنة؟
لا تستغرب من هذا السؤال، وذلك لأن وجبة روجيامو الصينية، والتي هي عبارة خبز دائري صيني به شرائح لحم مطهوة بشكل خاص، كانت مشهورة بشكل كبير في مدينة شيان، من سنة 475 إلى 221 قبل الميلاد.
وحافظت هذه النسخة القديمة من البرجر على شكلها ومكوناتها على الرغم من مرور سنوات طويلة على تحضيره لأول مرة، رغم محاولات تطويره المتكررة.
تاريخ تحضير برجر روجيامو
يتكون روجيامو من خبز صيني مطاطي وهش، وشريحة لحمة عليها عدد كبير من التوابل المختلفة، والتي يتم طهيها لساعات طويلة إلى أن تنضج، وغالباً ما يتم تحضيرها من لحم الخنزير.
وقد أصبح يطلق على روجيامو اسم "البرجر الصيني"، كونه يعتبر أول برجر تم تحضيره في التاريخ، وذلك قبل 200 سنة قبل الميلاد.
إذ كان يتم تقديم هذا البرجر على شكل وجبة رئيسية في مدينة شيان، وهي التي كانت نقطة بداية طريق الحرير التاريخي، الذي كانت تمر منه العديد من القوافل والسفن حينها.
وقد عرفت هذه المدينة ظهور عدد كبير من الوجبات الصينية الشهيرة، والتي ما زالت موجودة حتى عصرنا الحالي، وكان ما يميزها أنها كانت مُشْبِعة وسهلة التناول، كما هو حال الوجبات السريعة حالياً.
إلا أنه في البداية كان يقدم اللحم في أطباق، حتى بداية القرن الأول، حيث تم تطوير الوجبة، لتوضع شرائح اللحم في الخبز المسطح المشهور في آسيا الوسطى، وذلك من طرف الجنرال الصيني بان تشاو، الذي أمضى أكثر من 30 عاماً في محاربة اتحاد من القبائل البدوية بغرض استعادة السيطرة على أقاصي الغرب الصيني.
غني بالتوابل.. طريقة تحضير روجيامو
هناك عدة وصفات مختلفة لتقديم روجيامو، إلا أن طريقة التحضير تعتبر واحدة وثابتة، وهي التي يدخل فيها كم هائل من التوابل.
يتم أولاً تحضير المرق الذي يحتوي على قائمة من التوابل التي كان يتم نقلها قديماً في قوافل طريق الحرير، وهي الزنجبيل، والينسون النجمي، والكاسيا، وفلفل سيشوان، والأسكنديا، وعشبتان طبيتان تُسمَّيان فركتوس أمومي والهيل الأسود، وقشر اليوسفي المجفف، والفلفل الأبيض، والزنجبيل العطري، والقرفة، والكمون، وجوزة الطيب والقرنفل، قد يتم التقليل من هذه التوابل حسب الرغبة.
وبعد ذلك يضاف اللحم الذي يتم غليه لساعات طويلة في المرق، إلى أن يصبح هشاً وسريع المضغ، وذا نكهة خاصة ومميزة.
وفي الجهة المقابلة، يتم تحضير الخبز المسى "مو"، الذي كان قديماً يحضر عن طريق لصق العجين المُخمَّر جزئياً، على جدار فرن يُوقَد بالحطب شبيه بالأفران العربية التقليدية، فيما أصبح يحضَّر في وقتنا الحالي في المقلاة للحصول على قوامه المقرمش.
وبعد تحضير جميع المكونات، يتم وضع اللحم المنكَّه بالتوابل المختلفة داخل الخبز الدائري المحمص، للحصول في الأخير على بورجر روجيامو.
لا لتغيير وصفة برجر روجيامو الأصلية!
وعلى الرغم من مرور عدة قرون على وجود هذه الأكلة في الثقافة الصينية، إلا أنها استطاعت الحفاظ على شكلها، وقبولها من طرف الشعب، كونها واحدة من بين أشهر أكلات الشوارع.
كما أنها خرجت من محيطها الجغرافي الصغير في مدينة شيان، وأصبحت تباع في شوارع أشهر المدن الصينية، إذ إنها تقدَّم ساخنة، في كيس بلاستيكي صغير.
وقد تمت محاولة تطوير هذا البرجر عدة مرات، إذ تم تقديمه بشكل مختلف، يسمى "دويجيا"، الذي انطلق من مدينة تشيفنغ في أقصى منطقة منغوليا الداخلية الصينية، وتمكن من تحقيق نجاح كبير في الصين كاملة، وهو عبارة عن خبز مصنوع من دقيق الدخن ومحشو بلحم الخنزير المدخن المقرمش.
كما أنه تم تقديم روجيامو بطريقة جديدة في مطعم يسمى "Xi'an Impression"، والذي عمل على نقل هذا البرجر خارج الحدود من خلال فتح فروع في دول أخرى، مع الحفاظ على نكهته الأصلية.
وقامت سلسلة مطاعم ماكدونالدز بالقيام بتجربة مشابهة سنة 2021، إذ قامت بإدراج هذا البرجر في قائمة وجباتها، مع إضفاء عدة تغييرات، وذلك بمناسبة الاحتفال بالعام الصيني الجديد.
إلا أن روجيامو أثبت أنَّه مقاوم عنيد لعمليات إعادة الابتكار التي تمسّ جوهره الأساسي، بعد أن شهدت الفكرة رفضاً شعبياً كبيراً، وتصدرت مواقع التواصل الجتماعي وسومات رافضة، ليتم إزالته من القائمة بعد 21 يوماً فقط من طرحه للزبائن.