قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الخميس 8 يونيو/حزيران 2023، إن بعض العلماء دعوا إلى إجراء تجربة سريرية كبيرة على مادة تُضاف إلى العديد من مشروبات الطاقة، بعد أن أظهرت الدراسات على الحيوانات أن مكملاتها تستطيع إبطاء عملية التقدم في العمر، وتعزيز حياة صحيةٍ أكثر.
إذ وجد الباحثون أن معدلات التورين، من المغذيات الدقيقة، تتراجع بشكلٍ حاد مع التقدم في العمر. لكنهم وجدوا أيضاً، أن تعويض النقص، ورفع المعدل إلى المستويات الأكثر شباباً، قد عززا من صحة الفئران والقرود وأطالا أعمار الفئران.
تأثير مادة التورين في مشروبات الطاقة على الجسم
لم يتضح بعدُ ما إذا كان البشر سيستفيدون بالدرجة نفسها أم لا، أو ما إذا كانت الجرعات الكبيرة المطلوبة آمنةً من الأساس. لكن العلماء يعتقدون أن الأدلة قوية بما يكفي لتبرير إجراء تجربةٍ واسعة النطاق، خاصةً أن التورين يتم إفرازه داخل الجسم بصورةٍ طبيعية، كما يجري استخدامه في المكملات بجرعات صغيرة.
قال الدكتور فيجاي ياداف، الذي قاد البحث بجامعة كولومبيا في نيويورك: "تتراجع وفرة التورين مع تقدم العمر، بينما يؤدي عكس مسار التراجع المذكور إلى إطالة أعمار الحيوانات وجعلها أفضل صحة. ولا بد أن تكون هذه النتائج ذات صلةٍ بالبشر في نهاية المطاف".
بينما قال الأستاذ هينينغ واكرهاج، أخصائي فسيولوجيا التمارين الجزيئية في الفريق من جامعة ميونيخ التقنية، إن التجربة ستقارن استجابة البشر بعد تناول مكملات التورين أو المكملات الوهمية يومياً. ثم أردف: "من المرجح أن معرفة ما إذا كانوا سيعيشون عمراً أطول أم لا ستكون مهمةً بالغة الصعوبة. لكن يكفي أننا نستطيع التحقق مما إذا كانوا سيعيشون بصحةٍ أفضل لفترةٍ أطول أم لا، وهذا هو هدف الطب بكل تأكيد".
التورين مسؤول عن عملية الشيخوخة
وجّه فريق ياداف اهتمامه إلى التورين باعتباره المحرك المحتمل لعملية الشيخوخة في 2012. وجاء ذلك بعد أن كشف تحليل لمركبات الدم أن مستويات الأحماض الأمينية قد انخفضت بدرجةٍ كبيرة مع التقدم في العمر لدى الفئران، والقرود، والبشر. وبحلول عمر الـ60، وجدوا أن معدلات التورين في جسم الشخص الطبيعي تتراجع إلى نحو ثلث معدلاتها لدى الأطفال في عمر خمس سنوات.
دفع الاكتشاف الفريق إلى اختبار تأثير التورين الزائد على الفئران متوسطة العمر، حيث قال ياداف: "بغض النظر عن طبيعة الفحص الذي نجريه، كنا نجد أن الفئران التي حصلت على مكملات التورين تتمتع بصحةٍ أفضل وتبدو أصغر سناً، وذلك مقارنةً بعينة الفئران المنضبطة".
أشار إلى أن الفئران التي حصلت على المكملات تمتعت بعظامٍ أكثر كثافة، وعضلاتٍ أقوى، وذاكرةٍ أفضل، وأجهزة مناعة تبدو أكثر شباباً. وأردف ياداف: "التورين جعل الحيوانات تعيش بصحةٍ أفضل ولفترات أطول، عن طريق التأثير على كافة سمات الشيخوخة الرئيسية".
وعلاوةً على تحسُّن الصحة، عاشت الفئران التي تناولت التورين لفترةٍ أطول بنسبة 10% لدى الذكور و12% لدى الإناث في المتوسط. وتعادل تلك النسبة ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر، أي ما يعادل سبع أو ثماني سنوات في عمر البشر. بينما تعادل الجرعة المماثلة لدى البشر ما يتراوح بين ثلاثة وستة غرامات يومياً.
نظر العلماء بعدها في ما إذا كان التورين مفيداً للحيوانات الأكثر قرباً من البشر على الصعيد البيولوجي. وفي تجربةٍ مدتها 6 أشهر على قرود المكاك متوسطة العمر، وجد العلماء أن حبة التورين اليومية تُعزز الصحة على ما يبدو. ويحدث ذلك من خلال منع زيادة الوزن، وخفض معدل الجلوكوز في الدم، وتحسين كثافة العظام والجهاز المناعي.
تأثير مكملات التورين على البشر
تُشير أدلة أخرى إلى أن مكملات التورين قد تكون لها بعض الآثار على البشر، حيث حلل ياداف مع فريقه البيانات الطبية لأكثر من 12000 أوروبي في عمر الـ60 عاماً أو أكبر.
كما وجد الفريق أن أصحاب معدلات التورين العالية تنخفض نسب إصابتهم بالسمنة والسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، مع معدلاتٍ أقل من الالتهابات. وذكر الباحثون أن جلسات التدريب الشاقة على دراجة التمارين تُعزز معدلات التورين، بحسب تقريرٍ لباحثين في دورية Science العلمية.
في حين لا يوصي الأطباء الناس بتعزيز معدلات التورين عن طريق تناول الحبوب أو مشروبات الطاقة أو تغيير الحمية، وذلك حتى تُبرهن تجربة كبيرة على سلامة أو فوائد مكملات التورين. ويجري إفراز التورين في الجسم بصورةٍ طبيعية، كما يوجد في الأنظمة الغذائية التي تحتوي على اللحوم والمحار، لكن أفضل الأنظمة الغذائية صحياً هي تلك التي تعتمد على النباتات بدرجةٍ كبيرة. وتحتوي بعض مشروبات الطاقة على التورين، لكن العلماء يحذّرون من أنها تحتوي كذلك على مركبات أخرى قد لا يكون من الآمن استهلاكها بكميات كبيرة.
قال الأستاذ هينينغ واكرهاج، أخصائي فسيولوجيا التمارين الجزيئية في الفريق من جامعة ميونيخ التقنية: "نحن في أمسّ الحاجة إلى دراسة مقارنةٍ بشريةٍ الآن. ونحن متحمسون لذلك بشدة".