قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته الجمعة 2 يونيو/حزيران 2023 إنه وبعد مسحٍ أجروه للمجرة، اكتشف علماء الفلك مئات الخيوط الكونية الغامضة التي تشير إلى الثقب الأسود الهائل في قلب مجرة درب التبانة.
تشبه الخيوط الغامضة، التي يمتد كل منها من 5 إلى 10 سنوات ضوئية عبر الفضاء، نقاطاً وشُرَطاً متقطِّعة على نطاقٍ واسع. وانتشرت هذه الخيوط من مركز المجرة على بعد 25 ألف سنة ضوئية من الأرض.
التقاط صور لخيوط كونية في مجرة درب التبانة
قال فرهاد يوسف زاده، عالم الفلك في جامعة نورث وسترن في إيفانستون، بولاية إلينوي الأمريكية، إنه "صُدِمَ" لاكتشاف تلك الخيوط في البيانات التي التُقِطَت بواسطة تلسكوب MeerKAT في محافظة كيب الشمالية بجنوب إفريقيا.
التقط المرصد، وهو التلسكوب الأكثر حساسية في العالم، صوراً للخيوط خلال مسح غير مسبوق استغرق 200 ساعة من قلب المجرة. قال يوسف زاده لصحيفة The Guardian البريطانية: "يبدو أن جميع الخيوط متصلة بالثقب الأسود. إنها تخبرنا بشيء عن نشاط الثقب الأسود نفسه".
إذ إنه وقبل أربعة عقود، وجد يوسف زاده خيوطاً عمودية أكبر بكثير تحيط بـ"الرامي أ"، وهو الثقب الأسود في مركز درب التبانة، في البيانات التي جُمِعَت بواسطة تلسكوب آخر في ولاية نيومكسيكو الأمريكية. وتتدلى الخيوط بشكل عمودي على مستوى قرص درب التبانة ويبلغ طولها 150 سنة ضوئية من الأعلى إلى الأسفل.
لا يزال سبب ظهور الخيوط العمودية الأكثر عدداً غير واضح، لكن الدراسات وجدت أن لها مجالات مغناطيسية قوية وتنبعث منها موجات راديو؛ لأنها تسرِّع الجسيمات في الأشعة الكونية إلى حافة سرعة الضوء.
وفقاً ليوسف زاده، كان الباحثون -بمن فيهم هو نفسه- منشغلين جداً في فحص طبيعة الخيوط العمودية العملاقة إلى درجة أن وجود الخيوط الأفقية الأقصر التي تعود إلى مركز مجرة درب التبانة لم يلاحظها أحد تقريباً.
قال يوسف زاده: "انصبَّ التركيز على فهم الخيوط العمودية، ولم تُرصَد الخيوط الأفقية. لقد كانت مفاجأة أن أجد فجأة مجموعة جديدة من الخيوط التي يبدو أنها تشير في اتجاه الثقب الأسود. لقد صُدِمت حقاً عندما رأيت هذه الخيوط". وأضاف: "لولا تلسكوب MeerKAT لما اكتُشِفَت تلك الخيوط. لم نتمكن قط من تخصيص هذا القدر من الوقت لمركز المجرة".
التركيز على الخيوط الأفقية في درب التبانة
انصبَّ التركيز على الخيوط الأفقية الأقصر التي انتشرت من مركز درب التبانة عندما أزال العلماء الخلفية وقاموا بتصفية الضوضاء من الصور التي التقطها تلسكوب MeerKAT. ويعتقد يوسف زادة أن الخيوط، الموصوفة في دورية Astrophysical Journal Letters، تشكلت من خلال عملية مختلفة عن الخيوط العمودية الأكبر.
يشتبه يوسف زاده في أن انفجاراً لمواد من الثقب الأسود قبل حوالي 6 ملايين سنة اصطدم بالنجوم المحيطة وسحب الغاز، مما أدى إلى ظهور خطوط من البلازما الساخنة التي تشير إلى الثقب الأسود.
من خلال دراسة الخيوط الكونية، يأمل علماء الفلك في فهم المزيد عن دوران الثقب الأسود المركزي بمجرة درب التبانة و"القرص التراكمي" للمواد المتساقطة التي تدور حوله.