يعتبر القفطان المغربي من بين أشهر الأزياء التقليدية في العالم، ويلقى إقبالاً من مختلف الجنسيات، كما أنه يتميز بتنوعه واختلاف أشكاله حسب الغاية منه، والمدينة المنتجة له.
يعرف القفطان في مختلف الدول من المغرب العربي إلى تركيا، وهو عبارة عن أزياء تقليدية تعود إلى حقبات زمنية مختلفة، في المغرب يعود القفطان المغربي إلى القرن الثاني عشر خلال عهد الدولة الموحدية.
خلال هذه الفترة بدأ سلاطين الدولة الموحدية البحث عن لباس مهيب يليق بمكانة السلطان، صُنِع هذا اللباس المغربي انطلاقاً من لباس قبائل مغربية ومزجه مع منسوجات السفيفة والعقاد التي كانت تصنع بمدينة فاس وسط المغرب.
كانت مدينة فاس مدينة صناعية خلال بداية القرن الـ12، كما لا تزال تعرف إلى يومنا الحالي بمدينة الصناعة التقليدية في المملكة المغربية.
كان القفطان في البداية يصنع من نسيج غامق اللون وبأكمام قصيرة، كما كان مخصصاً للرجال، فيما كان يرتدي الناس فوقه قطعة سوداء أو داكنة اللون من الصوف تسمى البرنوس. كان الجزء الأمامي من البرنوس أقصر من الظهر لتسهيل المشي أو ركوب الخيل. وكان له قب أو غطاء رأس يوفر الدفء في الشتاء. أيضاً، الجلابة مع البرنوس كانت شائعة جداً لدى الرجال المغاربة.
مع مرور الزمان أصبح للقفطان أشكال عديدة خاصة بالنساء أيضاً، إذ يعتبر من أهم الأزياء في الأعراس والحفلات والخطوبة.
من بين أشهر أنواع القفاطين في المغرب نجد الأنواع التالية:
القفطان الفاسي أو الشدة الفاسية
يعتبر القفطان الفاسي من أقدم الألبسة المغربية، يعود إلى القرن الـ13، وهو عبارة عن قفطان طويل بأكمام طويلة، يصنع هذا القفطان من توب الموبرة، ويتم تزيينه بالطرز الفاسي المنسوب إلى المدينة، وهو عبارة عن أشكال هندسية دقيقة جداً ومطرزة باليد.
يعرف هذا القفطان بضمه خيوط الذهب بالإضافة إلى السفيفة، "وهو عبارة عن شريط مصنوع من خيوط الحرير"، يزين القفطان من الوسط بالعقاد، وهي أنسجة مصنوعة من حرير السفيفة نفسه، والتي تشتهر مدينة صفرو القريبة من فاس بصناعتها، كما كانت مهنة يتفنن في صناعتها اليهود المغاربة.
يلبس هذا القفطان مع مجموعة من الحلي الذهبية المغربية، بالإضافة إلى حذاء عالٍ أو بلغة مصنوعة من الحرير الذهبي، يلبس هذا القفطان في جميع المناسبات، كما بالإمكان الجلوس به في المنزل.
أما الشدة الفاسية فهي مخصصة للعروس فقط، وتعتبر من أثقل أنواع القفاطين في المغرب التي تزف بها العروس في مدينة فاس، تشتهر هذه الشدة بتوبها الذي لا يصنع إلا في هذه المدينة، بالإضافة إلى الحلي الثقيلة التي تزينه وتضيف إليه شكلاً خاصاً.
اللون الأخضر ومدينة الرباط
تعتبر مدينة الرباط العاصمة المغربية من أشهر المدن في صناعة اللباس المخزاني (وهي كلمة تعود إلى القصور المغربية). يشتهر القفطان الرباطي باللون الأخضر أو الأحمر أو البنفسجي، وتكون أكمامه عريضةً وتُزيّن بالخيوط الذهبية. تلبسه النساء مع حزامٍ من ثوبه نفسه ويوضع فوق الرأس التاج الرباطي.
يلبس هذا النوع من اللباس التقليدي في المناسبات الخاصة والأعياد، إلا أن التاج لا يستخدم إلا في حفلات الزفاف، وهو حكر على العروس فقط.
الشدة التطوانية والزفاف شمالي المغرب
تشتهر سيدات مدينة تطوان شمالي المغرب بارتداء القفطان المغربي الذي يسمى داخل المملكة "الشدة التطوانية"، وهو قفطان من ثوب خاص يُعرف باسم "الحاج عمر"، مع السفيفة والعقاد اللتين تتوسطانه. يشكل هذا القفطان الرائع مع حزام البروكار قطعة أساسية من لباس العروس بشمال المغرب وخصوصاً بمدينة تطوان وطنجة.
تضاف الحلي الخاصة بمنطقة تطوان إلى القفطان ما يزيده جمالي خاصة كما يختلف هذا الأخير على الأنواع الأخرى من القفاطين المغربية المتعارف عليها، إذ يشبه إلى حد ما الموجود في مدينة فاس، تعتبر الشدة التطواني تقيلة بعض الشيء كما تستخدم فقط في حفلات الزفاف وحكراً على العروس.
جوهرة داخل حفل الخطوبة في المغرب
يعود اسم جوهرة إلى المادة الأولية التي صنع منها القفطان، وهو ثوب مصنوع من الحرير والخيوط الذهبية، يدخل في صناعة القفطان السفيفة والعقاد، فيما يلجأ البعض الآخر إلى إضافة الراندا، وهي عبارة عن تطريز باليد صعب ودقيق، إذ يختلف عن التطريز العادي بعدم وضعه فوق الثوب، بل يستخدم هذا النوع من التطريز لجمع أطراف القفطان.
تستخدم النساء المغربيات هذا القفطان في مناسبات خاصة مثل الخطوبة أو القدوم من الحج، بالإضافة إلى الأعياد الدينية، إذ يعتبر من الثياب الخفيفة البسيطة لكنها ذات مظهر راقٍ وغالٍ.
اللباس الأمازيغي "السوسي"
حسب موقع "faharas" المغربي يسمى اللباس الأمازيغي الخاص بمنطقة سوس، وهي المنطقة الجنوبية القاطنة بجبال الأطلس الصغير وسط المغرب، بسملال أو أشايت، وهما كلمتان باللغة الأمازيغية.
يشتهر هذا القفطان باللون الأحمر أو الأصفر أو الأخضر، كما يطرز بالأشكال الأمازيغية المكونة من خيوط الصوف الملونة إلى جانب السفيفة.
يزين القفطان بالحلي الأمازيغية الفضية، والتي تحتوي هي الأخرى على العديد من الألوان، كما أن كلاً منها مخصص لفترة معينة، وتدل على ما إذا كانت البنت متزوجة أم عزباء أم أرملة.
البلوزة الوجدية أو القفطان الوجدي
البلوزة الوجدية لباس تقليدي نسوي منتشر بجهة الشرق بالمملكة المغربية، وبالأخص بمدينة وجدة، والبلوزة قماش يخاط به الثوب ويضاف إليه الصدر المطرّز، ومرصع بالأحجار الملونة ومعبأ بالعقيق. وهو لباس شبيه بالبلوزة الوهرانية، يعكس عمق الروافد الثقافية والإبداعية للمرأة في هذه المنطقة منذ القدم.
البلوزة متأثرة بالهجرات الأندلسية المتعددة، وبالخصوص الهجرة التي وقعت بعد طرد المسلمين من إسبانيا وتمركزهم بالمنطقة، كما يظهر جلياً في اسم هذا اللباس "بلوزة"، بالإضافة للوجود العثماني التركي بالمغرب الأوسط الذي ترك بصمته هو الآخر في تقاليد المنطقة.
القفطان الملكي أو التكشيطة المخزانية
يسمى القفطان الملكي الحقيقي نسبة إلى الأسرة الملكية المغربية. ويطلق عليه أيضاً القفطان المخزني المغربي، حيث يتميز بقصاته الطويلة والفضفاضة، ويلبس مع المضمة والحلي المغربية الذهبية.
يشتهر هذا القفطان في المغرب باسم تكشيطة، إذ يضم قطعتين من الثوب تسمى الأولى "الدفينة" والثانية قفطاناً، تصنع التكشيطة من الحرير أو الموبرة أو أنواع أخرى من القماش، كما تستخدمها النساء في جميع المناسبات، سواء أكانت العروس أم المدعوات إلى الحفل.
البهجة الفاسية التقليدية
اشتهر هذا القفطان المغربي الفاخر في مدينتي فاس ومراكش، فهو ينسج من ثوب الملس أو "البروكار" (قماش جاكار غني مع تصميمات معقدة على سطحه) المزركش بزخارف تتشكل من أزهار بألوانٍ مبهجةٍ. حيث يتم تزيينه تحديداً بالسفيفة والعقاد والمضمة (الحزام المطرز).
لم يعد هذا النوع من القفاطين يستخدم كثيراً داخل العائلات المغربية، لكنه يلقى إقبالاً كبيراً من قبل بعض سكان مدينة فاس ومدينة مراكش إلى يومنا الحالي.
القفطان السلاوي
ينسب القفطان السلاوي إلى مدينة سلا المغربية، وهو عبارة عن قفطان مغربي طويل مصنوع من الموبرة بلونٍ داكنٍ ومزينٍ بخدمة الخياط وبأكمامٍ طويلةٍ وبحزامٍ يحمل التطريز السلاوي نفسه.
تستخدم النساء في المغرب هذا النوع من القفطان في الأعياد والمناسبات أيضاً، كما تضيف إليه بعض الحلي الخاصة حسب المناسبة المراد الذهاب إليها.
أنواع أخرى من القفطان المغربي
توجد أنواع أخرى من القفطان المغربي التي لم تعد تعرف كثيراً داخل العائلة المغربية، يرجع ذلك إلى المادة الأولية باهظة الثمن، أو ثقل القفطان الذي لم يعد مناسباً للاستخدام الحديث، من بين هذه القفاطين نجد:
- قفطان الخريب الفاسي.
- قفطان المنصورية.
- القفطان التطواني القديم.
- قفطان النطع الفاسي.