بالرغم من أن الأمر قد يكون مناسبة ترفيهية سعيدة يتمناها ويحرص عليها الكثير من الناس بشكل يومي، لكن الحقيقة هي أن هناك الكثير من الناس الذين يفضّلون أن يتضوروا جوعاً على أن يتناولوا الطعام في الأماكن العامة وبشكل جماعي مع آخرين.
في الحالة الغريبة والنادرة المعروفة باسم "ديبنوفوبيا"، يعاني المصاب من حالة رهاب شديدة قد تصيبه بنوبة هلع حادة إذا ما اضطر لتناول الطعام مع أناس آخرين أو في مكان عام مثل المطاعم وصالات الأكل في المراكز التجارية وحتى في العزائم الخاصة أو العامة.
ما هي فوبيا الـ"ديبنوفوبيا"؟
حالة الرهاب المعروفة باسم "ديبنوفوبيا" أو (Deipno-Phobia) هي نوع من اضطرابات القلق الاجتماعي (Social Anxiety)؛ حيث يشعر فيها الفرد المصاب بالقلق المتفاوت في درجة حدته أثناء تناول الطعام في الأماكن العامة أو عند الانخراط في محادثات على طاولة العشاء مع الآخرين.
يمكن أن يكون هذا الرهاب والخوف الشديد منهكاً للغاية ومؤثراً بشكل حاد على مهارات الشخص الاجتماعية ونظرته الذاتية لنفسه، وقد يجعل من الصعب جداً للمصاب أن يعيش حياة طبيعية.
ومن بين المناسبات التي قد تؤجج حالة الهلع عن المصاب ما يلي:
- الأكل أمام الآخرين في المطاعم والأماكن العامة.
- الأكل أمام الآخرين في تجمع اجتماعي مغلق أو مفتوح.
- الأكل أمام الآخرين في منزل الشخص المصاب نفسه.
- الأكل عندما يراقبه شخص آخر أو ينظر إليه.
- الأكل أمام كاميرا أو في الأماكن المفتوحة أمام المارة.
- الأكل في الأماكن العامة والخاصة مع آخرين بشكل عام.
ولشدة المعاناة من الأعراض، يمكن أن يكون رهاب تناول الطعام مع آخرين وفي أماكن عامة مشكلة حقيقية وخطيرة للغاية قد تعرض المصاب للإغماء من شدة التوتر، أو حتى بسبب الجوع عند عدم القدرة على تناول الأكل في مكان خاص ومغلق في المناسبات المختلفة.
أسباب المعاناة من فوبيا تناول الطعام أمام الآخرين
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي للإصابة بتلك الحالة.
بالنسبة للبعض، قد تكون الإصابة بالفوبيا قد تطورت بسبب تجربة سيئة في الماضي مثل التعرض لحادث أو الاختناق أو القيء في الأماكن العامة والشعور بإحراج حاد تسبب في الإصابة بصدمة نفسية.
كذلك عادة ما يعاني الشخص الذي يملك أباً أو أماً تعاني من الحالة من نفس أعراض الفوبيا، ويُعتقد أن لها عوامل وراثية متعلقة بالسلوك علاوة على تركيب كيمياء الدماغ والحساسية المفرطة لمثيرات القلق.
أما بالنسبة للآخرين، فقد تكون المعاناة من رهاب الـ"ديبنوفوبيا" قد حدثت بسبب الانطوائية الحادة والقلق الاجتماعي أو الخوف من الإحراج والتواصل مع الآخرين.
كذلك فإن أولئك الذين يعانون أو يتعافون من اضطرابات الأكل النفسية غالباً ما يجدون صعوبة في تناول الطعام مع الآخرين؛ إذ قد يكونون قلقين من أن الناس ستطرح أسئلة حول طعامهم، أو أنهم سيتعرضون للسخرية أو سيتم الحكم عليهم وعلى سلوكياتهم حول الأكل.
كما أنه ليس من غير المألوف أن يشعر الأشخاص الذين لديهم أجسام أكبر بالقلق من تناول الطعام في الأماكن العامة. لسوء الحظ، يواجه العديد من الأشخاص الذين يعانون من السمنة من التمييز المجتمعي حول مظهرهم وسلوكياتهم، مما قد يساهم في مخاوفهم أو عدم ارتياحهم.
الأعراض الشائعة لرهاب الـ"ديبنوفوبيا"
يمكن أن تختلف أعراض رهاب الأكل أمام الآخرين من شخص لآخر وفقاً لحدة الحالة، ولكن هناك بعض الأعراض الشائعة التي تظهر عادة، وتشمل التالي:
- القلق الشديد أو الخوف عند التفكير في تناول الطعام في الأماكن العامة.
- تجنب المواقف الاجتماعية أو التجمعات المتعلقة بتناول أي أطعمة.
- تجنب أطعمة محددة يخشى المصاب من تناولها في الأماكن العامة.
- تناول أطعمة معينة فقط لأنه يمكن إخفاؤها بسهولة أو تناولها بسرعة.
- الشعور بالخجل والإحراج من عادات الأكل الخاصة.
- المعاناة من أعراض جسدية مثل تسارع ضربات القلب والتعرق والارتعاش وصعوبة التنفس عند تناول الطعام مع آخرين، ما قد يسبب الإغماء أحياناً.
كيفية التغلب على هذا النوع من الفوبيا الاجتماعية
هناك عدة استراتيجيات يمكن أن تساعد في التغلب على الخوف من تناول الطعام في الأماكن العامة ومع أو أمام الآخرين، أولها ضرورة الاسترخاء والحصول على الراحة الكافية وممارسة الرياضة بانتظام.
حيث ترتبط هذه النوعيات من الفوبيا الاجتماعية بالمعاناة من اضطرابات القلق والاكتئاب المزمن، والتي تحتاج لمزيد من العناية بالذات وتجنّب مسببات التوتر.
ثانياً، قد يكون من الضروري في مرحلة معينة الحصول على استشارة متخصصة من معالج نفسي وسلوك خبير في علم النفس.
قد يكون هذا الخيار حلاً جذرياً للمشكلة خاصة إذا لم يتمكن المصاب من إدارة الخوف وحالة القلق الدائمة لديه بنفسه، إذ يمكن للمعالج أن يقدم التوجيه والدعم ويمنح المصاب الأدوات اللازمة للتعامل مع القلق وأسبابه الأصلية الكامنة وراء المشكلة.
ويمكن للطبيب أن يبدأ العلاج بتعريض المصاب تدريجياً لمصادر الإزعاج، وفيه يتم العمل ببطء على تناول الطعام في الأماكن العامة.
لكن في حالات المعاناة الشديدة من الأعراض فقد يقوم الطبيب النفسي المتابع للحالة بالتوصية باستخدام الأدوية المخصصة لمعالجة القلق المزمن والاكتئاب.