كشفت دراسة جديدة أن زعيم الحقوق المدنية الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور لم يصدر عنه النقد الشديد الذي اشتهر بتوجيهه لـ"مالكولم إكس"، وأن مقابلته في عام 1965، قد زُيِّفَت إلى حد كبير، حسبما قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 11 مايو/أيار 2023.
كشف ذلك الباحثُ جوناثان إيغ خلال بحث أجراه لكتابه القادم "حياة كينغ" بأرشيف جامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا.
وجد إيغ أنه في مقابلة أُجرِيَت عام 1965، نُقل عن كينغ خطأً اتهامه لمالكولم إكس بـ"الخطابة النارية والديماغوجية"، وهي كلمات ساهمت في تصورات عن وجود انقسام عميق بين الرجلين.
وقال إيغ لصحيفة Washington Post الأمريكية: "أعتقد أن التداعيات التاريخية هائلة. لقد قمنا بتعليم الناس لعقود، ولأجيال، أن كينغ وجَّه هذا النقد القاسي لمالكولم إكس، وهذا ليس صحيحاً".
جاءت المقابلة بين الصحفي أليكس هالي، الذي كان يبلغ من العمر 43 عاماً، وكينغ، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 36 عاماً، في ذروة حركة الحقوق المدنية، وكانت أطول مقابلة منشورة أجراها كينغ في ذلك الوقت.
أُعيدَ نشر المقابلة مرات لا تُحصَى، مما ساهم في تصوير تصدُّع في العلاقة بين الزعيمين التاريخيَّين للأمريكيين من أصل إفريقي.
قال إيغ إن اكتشافه "يُظهر أن كينغ كان أكثر انفتاحاً تجاه مالكولم مما كنا نميل إلى تصويره".
تفاصيل التصريح المشهور
وجد إيغ الخطأ في الاقتباس -والعديد من الكلمات الأخرى- في 84 صفحة مطبوعة لما يبدو أنه النسخة غير المحررة للمقابلة الكاملة بين هالي وكينغ.
في الصفحة الـ60، سأل هالي قائلاً: "دكتور كينغ، هل تهتم بالتعليق على المسلم الأسود الصريح مالكولم إكس؟". فردَّ كينغ: "لقد قابلت مالكولم إكس، لكن الظروف لم تمكني من التحدث معه لأكثر من دقيقة. أنا أختلف تماماً مع العديد من آرائه السياسية والفلسفية، كما أفهمها. إنه شديد الصراحة كما تقول".
وأضاف كينغ: "لا أريد أن أبدو في صورة المعتد بنفسه، أو المستبد الذي يمتلك الحقيقة الوحيدة والطريقة الوحيدة. ربما لديه بعض الجواب. لكنني أعلم أنني شعرت كثيراً بأنني أتمنى لو كان يتحدث أقل عن العنف، لأنني لا أعتقد أن العنف يمكن أن يحل مشكلتنا. وفي حديثه للتعبير عن يأس السود، دون تقديم نهج إيجابي وخلاق، أعتقد أنه يقع في فخ أحياناً".
ظهرت كلمات كينغ بشكل مختلف في المقابلة المنشورة، ففي حين أن بداية ملاحظات كينغ مطابقة للنص، في المقابلة المنشورة، ينتهي اقتباس كينغ على النحو التالي: "في حديثه للتعبير عن يأس السود، دون تقديم نهج إيجابي وخلاق، أشعر بأن مالكولم قد تسبَّب لنفسه ولقومنا في ضررٍ كبير".
وأضاف: "الخطاب الناري والديماغوجي في الأحياء اليهودية السوداء، الذي يحث الزنوج على تسليح أنفسهم والاستعداد للانخراط في العنف، كما يفعل، لا يمكن أن يجني سوى الحزن".
وقالت الصحيفة إن عبارة "أشعر بأن مالكولم تسبَّب لنفسه ولشعبنا في ضرر كبير" لا تظهر في أي مكان بالنص المكون من 84 صفحة.
في مقابلات الأسئلة والأجوبة، من الشائع أن يقوم الصحفيون بإجراء تعديلات طفيفة، من ضمنها تقصير الإجابات الطويلة أو إزالة فترات التوقف المفرطة. ولكن من المعتاد عدم تغيير المعنى المقصود للاقتباسات.
قال إيغ إن معاملة هالي لمقابلة كينغ ترقى إلى "سوء التصرف الصحفي".
قال إيغ: "أعتقد أن ما نعرفه عن هذه الواقعة، وغيرها من الوقائع التي نعرفها عن أليكس هالي، يجب أن يدفعنا إلى التدقيق في كل ما كتبه، وضمن ذلك السيرة الذاتية".