تثير فكرة اعتبار الآيس كريم غذاء صحياً السخرية، لكنها في الوقت نفسه جذابة، حيث كشف مؤرخ أمريكي للصحة العامة كيف أنَّ العديد من الدراسات على مدى عدة عقود وجدت مراراً وتكراراً فوائد صحية غامضة محتملة للحلوى المجمدة؛ لكن تجاهلها العلماء، حسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 15 أبريل/نيسان 2014.
في مقال لدورية Atlantic، قال ديفيد ميريت جونز إنه بدأ لأول مرة، النظر في الادعاءات الصيف الماضي، بعدما سمع عن بعض الأبحاث التي أجراها طالب دكتوراه في جامعة هارفارد عام 2018، والتي وجدت أنَّ تناول نصف كوب (64 غراماً)، من الآيس كريم يومياً كان مرتبطاً بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب لمرضى السكري.
بعد إجراء مزيد من التحقيق، اكتشف جونز أنَّ هذا الارتباط وُجِدَ في الواقع منذ أكثر من 20 عاماً. وقال عالم الأوبئة مارك بيريرا، الذي توصل لهذه النتيجة، لجونز: "ما زلت حتى يومنا هذا ليس لدي إجابة عن ذلك"، على الرغم من إجراء تحليل دقيق.
وجد بيريرا أنَّ الحلويات القائمة على منتجات الألبان مثل الآيس كريم، مرتبطة بانخفاض كبير في فرص الإصابة بمتلازمة مقاومة الأنسولين (وهي مقدمة لمرض السكري) بين الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، لكن لم يُعلَن عن الفوائد الصحية المزعومة. وفضّل العلماء التركيز على الفوائد الصحية المفترضة للزبادي.
مستشهداً بالمؤشر الغلايسيمي (نسبة السكر في الدم) للآيس كريم، وهو أقل من الأرز البني، والفوائد المفترضة لمنتجات الألبان في حالة عدم وجود أمراض، يكتب جونز: "هل يمكن أن تكون فكرة أنَّ الآيس كريم يحمي عملية التمثيل الغذائي صحيحة؟ هذه فكرة مجنونة جداً. ومع ذلك، هناك على الأقل بضع نقاط لصالحها".
لكن النتائج لم تلقَ حتى الآن سوى استقبال فاتر في بريطانيا. حيث قال جون فورد، طبيب الصحة العامة الأكاديمي والمحاضر الإكلينيكي الأول في جامعة كوين ماري بلندن: "هناك كثير من التفسيرات المحتملة الأخرى، فربما يكون الناس أكثر عُرضة لتناول الآيس كريم لتبريد أجسادهم بعد المشي أو بعض التمارين".
كما أوضح الطبيب البريطاني: "ربما يكون الأشخاص الذين يميلون إلى اختيار الآيس كريم للتحلية بدلاً من قطعة عالية السعرات الحرارية من كعكة الشوكولاتة، من المرجح أيضاً أن يستخدموا بدائل للأطعمة الأخرى عالية الدهون".
أضاف فورد أنه سيكون من المثير للاهتمام إلقاء نظرة على أنواع الأشخاص الذين يميلون إلى تناول الآيس كريم وخيارات نمط الحياة الأخرى التي اتخذوها.
من جانبه، حذّر الدكتور دواين ميلور، كبير المحاضرين واختصاصي التغذية في كلية طب أستون، من الاستفادة من الفوائد الصحية لنوع واحد من الطعام، كما حذّر من احتمال عدم دقة دراسات تناول الطعام التي تُجرَى عادةً باستخدام الاستبيانات.
كما قال: "المشكلة في النهاية هي أننا نحاول ربط تأثير صحي أو فائدة بطعام واحد، بينما في الواقع نأكل مجموعة متنوعة من الأطعمة، ونمطنا الغذائي بأكمله هو المهم".
مع ذلك، أقر ميلور بأنَّ الآيس كريم "قد يحتوي على بعض العناصر الغذائية التي يمكن أن تكون مفيدة" مثل الكالسيوم، وفي الوقت نفسه مؤشره الغلايسيمي منخفض، لكن من المحتمل أنَّ هذه الفائدة يطغى عليها محتواه من السكر والسعرات الحرارية.
لذا ينصح ميلور: "لا ينبغي عامةً التفكير في الآيس كريم على أنه غذاء صحي، بل هو مجرد شيء يمكن الاستمتاع به بكميات صغيرة ضمن نمط غذائي صحي شامل".