خرجت بياتريز فلاميني، البالغة من العمر 50 عاماً، من داخل كهفٍ مظلم على عمق 70 متراً تحت سطح الأرض، قضت فيه 500 يوم بمفردها، بحسب ما قالته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 14 أبريل/نيسان 2023.
وخرجت الإسبانية بياتريز فلاميني من جحرها الجوفي في جنوب إسبانيا بعد تمام التاسعة صباحاً بقليل من يوم الجمعة 14 أبريل/نيسان، وأجرت فحصاً سريعاً عند طبيب بشري وآخر نفسي. ثم ظهرت في مؤتمر صحفي استمر 50 دقيقة؛ لتحاول خلاله شرح مشاعرها التي يصعب تفسيرها.
وقالت فلاميني أمام غرفة مليئة بالمراسلين: "كنت أتوقع الخروج للاستحمام مباشرةً، لكنني لم أتوقع هذا القدر من الاهتمام الإعلامي".
ففي يوم السبت 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، دخلت الرياضية ومتسلّقة الجبال المحترفة إلى مسكنها المظلم داخل كهف على مشارف غرناطة، عازمةً على اكتشاف المزيد عن طريقة تعامل العقل والجسم البشريين مع العزلة والحرمان الشديدين.
وخضعت الرياضية الإسبانية لمراقبة فريق من علماء جامعات ألميريا، وغرناطة، ومرسية الذين ظلوا على اتصالٍ بها عبر تقنية تراسل محدودة. بينما يُعتقد أن ابنة مدريد قد كسرت الرقم القياسي العالمي لأطول فترةٍ يقضيها شخص بمفرده داخل كهف.
وصرّحت بياتريز لوسائل الإعلام، بأنها فقدت إدراكها للوقت بعد اليوم الـ65. وبسؤالها عن كيفية نجاحها في الحفاظ على سلامة عقلها طوال تلك الفترة، تحدثت بياتريز عن خبرتها المكثفة وتجهيزها العقلي قائلةً: "أنا أنسجم مع نفسي بشكل جيد".
ولا شك في أنها تحدثت مع نفسها خلال تلك الفترة، لكنها لم تفعل ذلك بصوت مرتفع مطلقاً. إذ كان عليها احترام سكون الكهف، لأنه ليس منزلها. ثم أوضحت أن السر يكمُن في الاتساق.
وقالت بياتريز: "بالنسبة لي كرياضية نخبوية، فإن أهم شيء هو التحلي بالوضوح والاتساق الشديدين حيال ما تفكر فيه وما تشعر به وما تقوله. وصحيحٌ أنني مررت ببعض اللحظات الصعبة، لكنني مررت ببعض اللحظات الجميلة للغاية أيضاً، وقد عايشت التجربتين بالتزامن مع وفائي بالتزام العيش داخل كهف لمدة 500 يوم".
وأوضحت بياتريز أنها أمضت الوقت بأسلوبٍ هادئ وهادف، عن طريق القراءة والرسم والحياكة، من أجل الاستمتاع بوقتها.
كما نجحت في الحفاظ على لياقتها البدنية، وقرأت 60 كتاباً، واستخدمت كاميرتين لتسجيل تجاربها من أجل فيلم وثائقي مستقبلي.
لكن بياتريز بدت منزعجةً بعض الشيء عندما تذكرت مشاعرها لحظة خروجها من الكهف، حيث قالت: "كنت نائمة -أو في غفوةٍ على الأقل- عندما نزلوا لاصطحابي… وظننت أن شيئاً ما قد حدث. فقلت لهم: (هل حضرتم بالفعل؟ مستحيل). لم أكن قد أنهيت كتابي".
ولم تبهرها أضواء النهار الربيعي الأندلسي أيضاً، لكن السبب لم يكن مرتبطاً بالنظارات الداكنة التي ارتدتها فحسب.
حيث قالت: "لم أشعر بشيء عندما رأيت الضوء، لأنني أحسست كأنني قد دخلت إلى الكهف قبلها بفترةٍ وجيزة. ولهذا لم أشعر بافتقاد الضوء وأشعة الشمس وكل الأشياء الموجودة في الخارج. أنا أُحدثكم بصراحة ولن أكذب عليكم".